FINANCIAL TIMES

خفض قوة الدولار إعلان لحرب عملات مع الصين

خفض قوة الدولار إعلان لحرب عملات مع الصين

هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بقلب عقدين من السياسة الاقتصادية الأمريكية من خلال التشكيك في قيمة الدولار القوية، ما يثير المخاوف من أن فترة رئاسته يمكن تطلق جولة جديدة من حرب العملات بين الاقتصادات الكبيرة.
يوم الإثنين الماضي، كان يبدو على الرئيس المنتخب أنه يريد الانفكاك من سياسة "الدولار القوي" الموجودة منذ فترة طويلة للإدارات السابقة، من خلال الإعلان أن العملة مرتفعة فوق الحد وأن هذا يمنع الشركات الأمريكية من المنافسة مع الشركات الصينية.
وقال في حديث مع صحيفة وول ستريت جورنال، "الدولار القوي يؤذينا كثيرا".
أنتوني سكاراموشي، وهو شخصية بارزة في فريق ترمب الانتقالي، أثناء كلمة له في سويسرا بعد تصريحات ترمب، قال "إن الإدارة ستكون بحاجة إلى أخذ حذرها من مشكلات العملة المزدهرة".
وقال "في إدارة ترمب، سيكون هناك كثير من الرمزية من حيث مد اليد إلى عائلات الطبقة الأدنى وعائلات الطبقة المتوسطة"، مُضيفاً أنه "من خلال القيام بذلك علينا أن نكون حذرين بشأن ارتفاع العملة، ليس فقط بسبب ما يحدث على الصعيد الدولي، لكن سيكون لها تأثير داخلي في الولايات المتحدة".
كما أشار أيضاً إلى أنه إذا كان بإمكان الإدارة الجديدة إيجاد نمو سريع، فإن هذا سيسمح للولايات المتحدة بالتعامل مع الظروف النقدية الأكثر تشدداً التي تأتي مع العملة الأعلى.
الإدارات الجديدة السابقة أقسمت على الولاء للدولار القوي، قائلة "إنه من مصلحة الاقتصاد الأمريكي - حتى عندما كان يُمكن القول حينذاك إن قيمة العملة كان ضررها أكبر من نفعها". لقد كانت جزءا من استراتيجية أمريكية أوسع تهدف إلى السماح للعملة بالعثور على القيمة الخاصة بها بدلاً من محاولة التدخل في أسعار الصرف.
يتم الآن تداول الدولار عند أعلى مستوياته منذ 14 عاما مقابل سلة من العملات النظيرة، يواجه فريق ترمب عائقا خطيرا أمام هدفه لخفض العجز التجاري في الولايات المتحدة.
الخطر هو أنه إذا بدأت الولايات المتحدة في خفض قيمة عملتها فإن هذا يُمكن أن يثير حرب عملات أكبر من المناوشات التي شهدناها بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008.
إلى جانب الصين، مثل هذه الحرب يمكن أن تجذب اقتصادات في أوروبا واليابان. كما يُمكن أن تكون أيضاً أحد معالم التفكك في إجماع مجموعة البلدان السبعة، وهو الإجماع الذي يرى أن الأسواق يجب أن تحدد قيمة العملات.
قال مارك تشاندلر، الرئيس العالمي لاستراتيجية العملات في وكالة براون براذرز هاريمان "نحن لم نر أي شيء حتى الآن. إذا بدأ الرئيس الأمريكي في تخفيض قيمة الدولار، فستكون لدينا حرب عملات وستجعل الأمور السابقة التي كنّا نعتقد أنها حروب بمنزلة أضحوكة".
وجادل بأنه يُمكن أن ينتهي الأمر بترمب بتفكيك وجهة نظر مجموعة البلدان السبعة، ما يُثير حالة من عدم الاستقرار في الأسواق المالية وإحباط المستثمرين الأجانب من الاستثمار في الأصول الأمريكية.
قال إسوار براساد، أستاذ الاقتصاد في جامعة كورنيل ومؤلف كتاب "فخ الدولار"، "هذه الحالة حيث بداية حرب العملات يُمكن أن تُمهد الطريق لحرب تجارية أوسع".
"وهذا يُثير بالفعل شبح التوترات التجارية مع كثير من شركاء الولايات المتحدة التجاريين. بمجرد أن تتخلى عن سياسة الدولار القوي وتبدأ بالتركيز على (تسوية) العملة، فهذا يُثير احتمال تصاعد واصطدام كثير من التوترات التجارية مع الشركاء التجاريين الرئيسيين بما في ذلك أوروبا واليابان والصين".
ليس من الواضح ما إذا كانت التصريحات من النوع التي أدلى بها ترمب وسكاراموشي ستحقق تخفيضا مستداما في قيمة العملة. يشكك بعض المحللين بقوة في مثل هذه المداخلات اللفظية، خاصة في الوقت الذي يمكن أن يؤدي فيه استعداد ترمب الواضح إلى دعم تخفيضات الضرائب التي ستوسّع العجز إلى تحقيق زيادات في أسعار الفائدة وتزيد من قوة الدولار.
علاوة على ذلك، فإن قرار ترمب بانتقاد سياسات النقد الأجنبي الصينية عفا عليه الزمن: في الآونة الأخيرة لم تكن بكين تسعى إلى تخفيض عملتها، لكن بالأحرى كانت تعمل على رفعها.
مع ذلك، فإن فريد بيرجستين، من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، قال "إن ترمب محق في الاعتقاد أن سياسة الدولار القوي هي غير مناسبة الآن"، مُضيفاً أن "العملة الأمريكية وفقا لحساباته هي الآن فوق قيمتها بما لا يقل عن 10 في المائة". وقال "إن سعر الصرف قد يثبت أنه أفضل طريق نحو معالجة العجز".
وأضاف "إذا كان بإمكانك تخفيضها من خلال التدخل اللفظي، فهذا ربما أقل خطورة من الجهود البديلة".
يُمكن أن ينتهي الأمر بالسياسات الاقتصادية الأمريكية الأخرى إلى أن أن تدفع العملة إلى أعلى. "ترمب يصل بعد أن وضع أولوية عالية تماماً لخفض العجز التجاري في الولايات المتحدة. السؤال هو: كيف سيفعل ذلك، على اعتبار أن السياسة الاقتصادية الخاصة به ستجعل الدولار يرتفع أكثر حتى من قبل، حسبما ختم بيرجستين تساؤلاته.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES