Author

أسس عليها يتصرف البشر في معاشهم

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا

فيما يلي أسرد قائمة بما أراه أهم الأصول والمعايير التي يبنى عليها علم الاقتصاد، الموجودة في عموم البشر. وإن وجد خلاف ذلك فهو من النادر، أي على خلاف الأصل. هذه المعايير أو الأصول ليست علم الاقتصاد نفسه، ولكن تصرف البشر يستند إلى وجودها، والتحليل الاقتصادي يستند إليها، وهو ما يجعل علم الاقتصاد "وتحليلاته" غير مرغوب فيه لدى كثيرين.
1 - الرغبات ليس لها حدود، ولكن الموارد لها حدود
زين للجنس البشري حب الدنيا، ولذا فالرغبات لا حدود لها. ولكن هذه الرغبات مقابلها أن الموارد بمختلف أنواعها من مال ومداخيل "دخول" وبشر ويد عاملة وأرض وكل ما على الأرض مما خلقه الله، كل ذلك له حدود "في الجنة فقط الموارد ليس لها حدود"، ولذلك لا يمكن الحصول في الدنيا على كل ما تشتهيه النفوس.
مفاهيم مرتبطه بها: الاختيار وآلية السعر والموارد البشرية والموارد الطبيعية والموارد الرأسمالية والتكاليف وتكلفة الفرصة البديلة والإنتاج والاستهلاك والموارد الإنتاجية وروح المبادرة والاختراع والتطوير والبحث عن بدائل وتغير الطلب والعرض والحوافز والثواب والعقاب المادي.
كل الأسس التالية بل كل علم الاقتصاد قائم على وجود هذا الأساس، مثل أن الطب قائم على أن الإنسان يبحث عن الصحة ولكن المرض موجود.
2 - البحث عن المصلحة
الأصل أن الناس، بغض النظر عن أدوارهم وأعمالهم، يبحثون عن مصلحتهم. وتبعا لذلك يؤثر فيهم وفي سلوكهم ما يزيد أو ينقص ولو احتمالا من مصالحهم.
3 - الاختيار
يمكن استعمال الموارد نفسها للحصول على عدة بدائل من السلع والخدمات، كما يمكن توزيعها على أكثر من فترة زمنية، ولذا لابد من الاختيار.
المفاهيم المرتبطه بها: النظم الاقتصادية واقتصاد السوق.
4 - لا شيء مجاني
حيث إن الموارد لها حدود، فكل شيء "تقريبا" له ثمن، ولذا ليس هناك "تقريبا" شيء مجاني.
5 - التخصص والتجارة
المفاهيم المرتبطة: تقسيم العمل والإنتاج والموارد الإنتاجية والتخصص وتوافر عوامل الإنتاج وتحقيق مكاسب من التجارة والأسعار النسبية وتكاليف المعاملات وعوامل الإنتاج.
6 - الأسواق .. السعر والكمية
توجد الأسواق للتفاعل بين المشترين والبائعين. هذا التفاعل يحدد أسعار السوق، ومن ثم تتوزع السلع والخدمات.
7 - دور نظام الأسعار في السوق
إرسال إشارات الأسعار إلى المشترين والبائعين.
مفاهيم مرتبطة بها: المحددات غير السعرية والسعر الأدنى واستقرار الأسعار ومحددات الطلب ومحددات العرض وتفاعل العرض والطلب وتغيرهما.
8 - دور السلطات والمؤسسات والتنظيمات والقوانين والنظم
للحكم والمؤسسات وتنظيمات السوق والنظم الاقتصادية دور في الاختيار ومراقبة وتنظيم الأمور وتحقيق المستويات المعيشية. من الأمثلة الشركات والمحاكم ونقابات العمال والأحكام الشرعية والقانونية... إلخ.
9 - التكلفة والمنفعة التي تتغير مع تغير الإنتاج/البيع أو الاستهلاك
اتخاذ القرار الفعال يتطلب مقارنة التكاليف الإضافية للبدائل مع فوائدها الإضافية.
مفاهيم مرتبطه بها: اتخاذ القرار وحافز الربح والاستفادة والتكاليف وتحليل الحدية والربحية وتعظيم الأرباح وتحليل التكاليف والفوائد.
10 - دور الحوافز
الناس تستجيب إلى الحوافز الإيجابية والحوافز السلبية؛ ولذا فإن النظم لها مؤثرة في سلوك الناس.
11 - الاستفادة من التبادل
لا يحدث التبادل الطوعي إلا عندما تتوقع الأطراف المشاركة اكتساب فائدة.
12 - المنافسة
المنافسة بين الباعة تخفض التكاليف والأسعار، وتشجع المنتجين على إنتاج مزيد مما يرغبه المستهلكون والقادرون على شرائه. المنافسة بين المشترين تخصص الزيادات في أسعار السلع والخدمات إلى الناس الراغبين والقادرين على دفع أكثر بالنسبة لهم.
13 -  دور وخصائص النقود
النقود تسهل عمليات وحركة التجارة والاقتراض والادخار والاستثمار والمقارنة بين قيمة السلع والخدمات.
14 - الطريق الأسهل والأقصر أولى
الناس تبحث عن مصالحها. وكون الوقت وغيره من الموارد لها حدود والرغبات ليست لها حدود، تجعل الإنسان يميل إلى البحث عن الأسهل جهدا والأقصر وقتا قدر استطاعته للحصول على المنفعة.
الأسس والمعايير السابقة ليست خاصة بالغرب، بل هي صفات بشرية، بغض النظر عن الدين أو الموقع الجغرافي، ولذا ليس في هذه المعايير – من حيث الأصل- تعارض مع المبادئ الشرعية، وأساسها حب الإنسان للدنيا أو المال، وهو متفق مع قوله سبحانه "وتحبون المال حبا حما". ولذلك فإن القول إن علم الاقتصاد "كما هو الآن وليس إبان نشأته" معبر عن قيم الغرب إما أنه غير صحيح وإما أنه تنقصه الدقة في التعبير.
نقطة أخيرة: عندما يناقش الناس تأثير مشكلات السعودة وارتفاع الأسعار والتوظيف وارتفاع التكاليف مثلا، ومن يتحمل الارتفاع في الآخر، فإن أكثرهم ينسى أو يغفل في النقاش بعض الأسس البديهية السابقة، خاصة الأساس الأول، ويقول كلاما لا ينسجم معها. توضيح ذلك في مقال مستقبلي.

إنشرها