FINANCIAL TIMES

صناعة النفط الصخري الأمريكية تراهن على الاندفاع نحو «بيرميان»

صناعة النفط الصخري الأمريكية تراهن على الاندفاع نحو «بيرميان»

كانت المنطقة تتمتع بارتفاع الطلب على عمليات الاستحواذ العام الماضي، وبضعة صفقات هذا الأسبوع بقيمة إجمالية بلغت عشرة مليارات دولار أكّدت أن أصول حقل بيرميان، لا تزال الأكثر طلباً بالنسبة إلى الشركات التي تسعى إلى زيادة إنتاجها من النفط في الولايات المتحدة.
هناك ارتفاع في المزايدة على أسعار الأصول لدرجة أن مراقبي الصناعة بدأوا يتساءلون ما إذا كانت مستدامة.
بحسب تعبير أحد المشاركين في دراسة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في دالاس "صفقات "بيرميان" تقترب من مضاعِفات سعر ترتبط في العادة مع فقاعة أو مع عمليات تحايل مثل مخطط بونزي"، على نحو يذَكِّرنا بطفرة العقارات في بداية الثمانينيات أو فقاعة التكنولوجيا في التسعينيات.
كما في فقاعة الدوت كوم، هناك ثورة تكنولوجية كامنة وراء تضخم أسعار الأصول. بدافع من انخفاض أسعار النفط الخام الذي بدأ في عام 2014، شركات إنتاج النفط الصخري في كافة أنحاء الولايات المتحدة كانت تخفّض التكاليف وتزيد الإنتاجية.
منطقة بيرميان كانت أفضل منطقة استطاعت اجتياز الانكماش.
منذ نيسان (أبريل) من عام 2015، انخفض إنتاج النفط بنسبة 19 في المائة و37 في المائة على التوالي في مناطق النفط الصخري في باكن في ولاية داكوتا الشمالية وإيجل فورد في جنوب تكساس، وذلك وفقاً لإدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة، لكن في "بيرميان"، ارتفع الإنتاج بنسبة 14 في المائة.
أفضل أجزاء منطقة بيرميان هي من بين المصادر الأقل تكلفة للنفط الجديد في أي مكان، وذلك وفقاً لشركة الأبحاث، وود ماكينزي. هناك بعض الحزم الكبيرة من حقوق الحفر المتوافرة، والشركات التي تتمتع بقوة مالية للقيام بعمليات استحواذ كانت تستفيد تماماً من هذا الوضع.
في عام 2012 كانت هناك 21 صفقة لعمليات الدمج والاستحواذ التي تشتمل على أصول "بيرميان". في العام الماضي كان هناك 66، وهو ما يُمثّل نحو ثُلث إجمالي عدد الصفقات في قطاع النفط والغاز البري في الولايات المتحدة.

التقييمات كانت ترتفع أيضا
في عام 2012، دفعت شركة كونتشو ريسورسيز مليار دولار، أو نحو خمسة آلاف دولار لكل فدان من حقوق الحفر، مقابل أصول شركات منطقة ثري ريفرز في حوض ديلاوير وحوض ميدلاند، وهما جزء من منطقة بيرميان.
في آب (أغسطس) الماضي، دفعت شركة كونكو 1.6 مليار دولار مقابل عمليات مع حقوق حفر على 40 ألف دونم في حوض ميدلاند، ما منحها تقييما يبلغ نحو 28 ألف دولار لكل فدان.
في الصفقة ذات السعر الأعلى في العام الماضي، دفعت شركة كيو إي بي ريسورسيز 600 مليون دولار مقابل بعض الأصول، أي بمعدل نحو 58 ألف دولار للفدان.
تلك المقارنات ليست دقيقة، لأنه لا توجد منطقتان متطابقتان، لكنها تعطي شعورا بالمدى الذي ارتفعت إليه الأسعار.
الصفقتان اللتان تم الإعلان عنهما في الأسبوع الماضي أكّدتا أن السوق لا تزال بصحة جيدة.
شركة إكسون موبيل تدفع ما يصل إلى 6.6 مليار دولار على شكل نقود وأسهم لعائلة باس مقابل شركات لديها 275 ألف فدان من حقوق الحفر، منها ربع مليون فدان في منطقة بيرميان. هذا يعادل 24 ألف دولار للفدان.
شركة نوبل إينرجي وافقت على شراء شركة كليتون ويليامز إينرجي القائمة في ميدلاند مقابل 3.2 مليار دولار بما في ذلك الديون، ما يمنح قيمة لحقوق الحفر فيها نحو 35 ألف دولار للفدان.
تغيرت قيمة أصول "بيرميان" إلى حد كبير بسبب التقدّم في تكنولوجيا الإنتاج. بعد الإنجازات الأولية في التكسير الهيدروليكي، والحفر الأفقي، والمسح الزلزالي، التي جعلت إنتاج النفط من مناطق النفط الصخري قابلا للنمو والاستمرار أول مرة في عامي 2009-2010، استمرت الشركات في الابتكار لزيادة الإنتاج وخفض التكاليف.
أحد الدوافع لعمليات الاستحواذ هو أن تتمكن شركات الإنتاج من تأمين بُقع أكبر من المساحات المتجاورة، حتى تتمكن من الحفر بفعالية أكبر. من "بقعة" واحدة، يُمكن حفر الآبار الأفقية بسرعة، ما يؤدي إلى تخفيض الوقت الذي تقضيه في تحريك الحفارات.
كانت الشركات تُجري التجارب على مساحات أضيق من مجموعة الثقوب المحفورة عبر غلاف البئر الفولاذي وفي الصخور الزيتية لتكسيرها.
شركة بايونير ناتشورال ريسورسيز، واحدة من شركات الإنتاج الرائدة في منطقة بيرميان، قالت في العام الماضي "إنها انتقلت من مساحات مجموعات الثقوب البالغة 60 قدما على حدة إلى جعلها 30 قدما، وكانت تُجري التجارب مع 15 قدما.
عمليات إكمال الآبار بشكل مكثّف كهذه هي أكثر تكلفة، لكنها تستطيع أيضاً أن تكون أكثر إنتاجية بكثير. ذروة الإنتاج للآبار في حوضي ميدلاند وديلاوير كانت عند نحو 35 في المائة أعلى في عام 2016، وذلك وفقاً لشركة البيانات والتحليل، دريلينج إنفو.
في نهاية عام 2011، كانت منطقة بيرميان تُضيف 101 برميل يومياً من إنتاج النفط الجديد لكل آلة حفر في المنطقة، وذلك وفقاً لإدارة معلومات الطاقة. في الشهر المُقبل سيكون المعدل هو 660 برميلا جديدا يومياً لكل آلة حفر: زيادة بمقدار ستة أضعاف في غضون خمسة أعوام فقط. نتيجة لذلك، وجد كثير من المجموعات أنه من الممكن إدخال الآبار الجديدة في منطقة بيرميان إلى مرحلة الإنتاج، حتى مع مستويات أسعار النفط الخام في الولايات المتحدة اليوم التي تبلغ نحو 52 دولارا للبرميل.
عدد الآبار في المنطقة التي تحفر الآبار الأفقية ارتفع بمقدار الضعف من أدنى مستوياته بمقدار 116 في أيار (مايو) الماضي، ليصل إلى 221 الأسبوع الماضي، وذلك وفقاً لمجموعة خدمات حقول النفط، بيكر هيوز.
هذا الارتفاع من المرجح أن يستمر. المشكلة بالنسبة إلى المنطقة هي أنه في الوقت الذي تعمل فيه زيادة الحفر على زيادة إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة، كذلك ستضع ضغطا هبوطيا على الأسعار.
لا يتفق جميع المحللين على أن الأسعار التي تُدفع مقابل أصول منطقة بيرميان مُبالغ فيها. تُقدّر شركة دريلنج إنفو أنه حتى صفقة شركة كيو إي بي العام الماضي يُمكن أن تظل مُربحة مع سعر النفط الخام في الولايات المتحدة أعلى من 31.50 دولار.
على أن شركة وود ماكينزي تعتقد أنه في المتوسط، صفقات منطقة بيرميان التي تم الإعلان عنها في عام 2016 بحاجة إلى سعر نفط يبلغ 67 دولارا للبرميل لتحقيق التعادل.
على المدى الطويل، مستقبل منطقة بيرميان يبدو مُشرقاً. المنطقة لديها عدد كبير من طبقات النفط الصخري الحاملة للنفط، والشركات بدأت للتو فقط في استكشاف إمكانات تلك المناطق المتعددة.
إذا تعثّرت أسعار النفط، الشركات التي كانت طموحة أكثر من اللازم بشأن عمليات الاستحواذ التي قامت بها ستواجه صعوبات.
يقول بنجامين شوتوك من "وود ماكينزي"، "إذا كان التاريخ دليلا على الحقيقة، فإن نهاية الطفرة ستكون عندما تظهر حافة الجرف التي تعيدنا إلى الواقع".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES