Author

تغيرات الرقم القياسي لأسعار العقار

|

تحظى أسعار العقارات وتحركاتها باهتمام بالغ من قبل المجتمعات البشرية، ولكن الاختلافات الكبيرة بين العقارات وعدم وجود تجانس فيما بينها يعقد من وضع مؤشرات دقيقة لأسعارها. وقد أصدرت الهيئة العامة للإحصاء أخيراً نشرة ربع سنوية للأرقام القياسية لأسعار العقار، لسد الفجوة الواضحة في بيانات أسعار العقار وتغيراتها في المملكة. وتستفيد النشرة من بيانات وزارة العدل حول الصفقات العقارية في المملكة ومناطقها المختلفة. وتغطي النشرة - المتخذة 2014 كسنة أساس - العقارات السكنية والتجارية والزراعية في مناطق المملكة، وذلك بدءًا من 2014 حتى 2016. تقسم النشرة العقارات إلى سكنية وتجارية وزراعية، وتشكل العقارات السكنية معظم المؤشر وتتكون من قطع الأراضي والعمارات والفلل والشقق والبيوت الشعبية، بينما تشكل الأراضي والعمارات والمحال أو المعارض والمراكز التجارية العقارات التجارية. تستحوذ قطع الأراضي على معظم الرقم القياسي للعقارات التجارية والسكنية بينما اقتصرت العقارات الزراعية على الأراضي فقط.
تفيد بيانات النشرة بتراجع أسعار العقارات بشكل إجمالي في الربع الرابع من 2016 بنسبة 3.5 في المائة، مقارنةً بالربع السابق، وهو أعلى معدل تراجع ربع سنوي منذ سنتين. وكانت نسب تراجع أسعار الأراضي السبب الرئيس وراء تراجع أسعار العقارات السكنية والتجارية خلال الفترة. ويلاحظ أن نسبة تراجع أسعار العقارات التجارية كان أقوى في الربع الرابع من 2016 حيث بلغت 4.1 في المائة، بينما تراجعت أسعار العقارات السكنية 3.5 في المائة، أما العقارات الزراعية فلم تنخفض أسعارها إلا بنسبة 0.3 في المائة.
انخفضت أسعار العقارات السنوية للربع الرابع من عام 2016 بنسبة 8.7 في المائة، حيث تراجعت أسعار العقارات السكنية 7.4 في المائة، بينما تدنت أسعار العقارات التجارية 12.3 في المائة، أما أسعار العقارات الزراعية فقد تراجعت 1.1 في المائة. شكل انخفاض أسعار الأراضي معظم التراجع في أسعار العقارات بشتى أنواعها، أما أسعار البيوت الشعبية السنوية فكانت الأقل انخفاضاً من بين العقارات السكنية خلال الربع الرابع من 2016، حيث انخفضت 1.4 في المائة، تلتها الشقق بنحو 4.5 في المائة. كانت تغيرات أسعار العمارات التجارية الاستثناء الوحيد من بين أنواع العقارات خلال الفترة، حيث ارتفعت بنحو 0.3 في المائة. ويرجع هذا على ما يبدو إلى مواصلة الإيجارات التجارية ارتفاعها.
وصلت أسعار العقارات أعلى مستوياتها خلال فترة الأعوام الثلاثة الماضية في الربع الرابع من 2014، حيث كانت قيمة المؤشر العقاري العام 101.6. بعد ذلك بدأت تراجعات أسعار العقار حتى وصلت قيمة المؤشر العقاري العام إلى 87.5 في الربع الرابع من 2016، وذلك يعني تراجعاً إجمالياً بنسبة 13.9 في المائة خلال فترة العامين الماضيين. وانخفضت أسعار العقارات السكنية 11.6 في المائة خلال الفترة، وذلك لتراجع الأراضي السكنية 11.7 في المائة. أما العقارات التجارية فقد تراجعت خلال الفترة بنسبة 19.5 في المائة، ويعود معظم التراجع لانخفاض أسعار الأراضي التجارية. وعلى النقيض من ذلك أضافت العمارات التجارية 2.1 في المائة إلى أسعارها خلال الفترة. أما على مستوى المناطق فقد حدث أكبر الانخفاضات العقارية العامة في منطقة الباحة، حيث انخفضت العقارات 15.4 في المائة خلال العامين الماضيين. وكان أكبر انخفاضات العقارات السكنية في منطقة الباحة بنحو 18 في المائة، بينما عانت منطقة الرياض أكبر الانخفاضات في أسعار العقارات التجارية وبنسبة تصل إلى نحو 23.4 في المائة. وعلى النقيض من ذلك سجلت أسعار العقارات الزراعية في منطقة الرياض أكبر زيادة وصلت إلى 29.2 في المائة خلال عامين.
تشير تغيرات الرقم القياسي لأسعار العقار الواردة في نشرة الهيئة العامة للإحصاء إلى استمرار تراجع أسعار العقارات خلال العامين الماضيين. وقد ازداد مقدار التراجع في الربع الرابع من عام 2016 وهو ما يعني أنه سيكون هناك مزيد من التراجع خلال الفترات المقبلة. ولكن دقة المؤشر في قياس مقدار التراجعات في أسعار العقار قد تكون منخفضة وذلك لكونه صمم حديثاً كما أنه مبني على بيانات وزارة العدل، حيث تعاني هذه البيانات بعض التعقيدات التي من أبرزها أسلوب بيع معظم العقارات في المملكة. وتباع نسبة كبيرة من العقارات على أنها أراض وإن كانت خلاف ذلك، أي أن كثيراً من العمارات والفلل والبيوت تباع كأراض ليس عليها منشآت عقارية. وهذا هو السبب الرئيس لتشكيل الأراضي معظم قيم المنتجات العقارية السكنية والتجارية وهو ما يقود إلى تشويه إحصاءات العقارات المبيعة. كما لا تحتوي بيانات وزارة العدل على أي معلومات عن خصائص ونوعية وإهلاك المنشآت العقارية التي تؤثر بقوة في أسعارها.
لم توضح نشرة الرقم القياسي لأسعار العقار بعض الأمور المهمة الداخلة في وضع المؤشر مثل نوعية الأسعار المستخدمة وهل هي لمتوسط أو وسيط أسعار العقار، أم هل هي أسعار العقارات المعاد بيعها خلال الفترة؟ وهل تم تحديد الأسعار على أساس حجم عينة أم لا؟ من ناحية أخرى فإن الأرقام القياسية للمناطق الإدارية فيها عمومية كبيرة، حيث ينبغي إيراد تفاصيل عن المدن خصوصاً الرئيسة منها، وكذلك توفير معلومات أكبر على مستوى الأحياء من موقع الهيئة العامة للإحصاء. ولا يكترث معظم الناس بالأرقام القياسية، لهذا كان من الأجدى توفير بيانات إضافية عن متوسطات ووسطاء (جمع وسيط) أسعار الوحدات السكنية وقطع الأراضي في شتى أرجاء المملكة خصوصاً المدن الرئيسة.

إنشرها