ثقافة وفنون

«كوليترال بيوتي».. رسائل إلى الموت والحب والوقت

«كوليترال بيوتي».. رسائل إلى الموت والحب والوقت

«كوليترال بيوتي».. رسائل إلى الموت والحب والوقت

«الحب والزمن والموت» ثلاثة محاور يرتكز عليها فيلم "كوليترال بيوتي - colletral beauty" من بطولة ويل سميث الذي برع في أدوار الكوميديا الاجتماعية وكوميديا الأكشن، لكن تساؤلات وانتقادات انبثقت حول أعماله الدرامية، ومدى قدرته على أداء أدوار حزينة.
تدور قصة الفيلم حول شخصية إعلامية مشهورة في مدينة نيويورك تدعى هوارد (يقوم بدوره الممثل ويل سميث) يتعرض لمأساة تتمثل في فقدان ابنته البالغة من العمر ست سنوات بعد أن تغلب عليها مرض نادر، وتؤدي به هذه المأساة إلى الانعزال عن المجتمع بسبب صدمة نفسية شديدة أفقدته إدراكه وفهمه لطبيعة الحياة في الكون.

فاجعة تؤثر في الشركة
يستمر على هذه الحالة شهوراً طويلة، وتؤثر حالته في عمله في شركة كبيرة للتسويق في حي "ماديسون أفينيو" وهو حي وكالات التسويق والإعلان الأمريكية العملاقة في مدينة نيويورك، وكان هوارد يدير الشركة مع شريكه الرئيسي وويت (يؤدي دوره إدوارد نورتون)، بمعاونة اثنين من كبار التنفيذيين في الشركة، كلير (تؤدي الدور النجمة الحاصلة على الأوسكار كيت وينسليت) وسايمون (يؤدي الدور مايكل بينا).
بعد وفاة ابنته يتوقف هوارد عن الإنتاج فكل ما يفعله في يومه هو الذهاب إلى المكتب ليقوم بقضاء اليوم بأكمله في رص قطع الدومينو في تراكيب هندسية ضخمة ومعقدة يظل يعمل فيها ثلاثة أو خمسة أيام ثم يقوم بدفع قطعة دومينو بإصبعة فينهار البناء بأكلمه في شكل متسلسل خلال ثوانٍ، ليبدأ هوارد في البناء الجديد صباح اليوم التالي. أيضا يقوم بقيادة دراجته بشكل متهور عكس الاتجاه ليلا، وفي عطلات نهاية الأسبوع يجلس في حديقة واسعة يراقب الكلاب التي أتى بها أصحابها للتنزه. كما يداوم على شيء آخر غريب، يكتب رسائل غاضبة ويضعها في صندوق البريد بشكل دوري، رسائل لا يوجهها لأشخاص، وإنما يوجهها لمفاهيمه الثلاثة المجردة، فيكتب للحب، والموت، والوقت.
يمر الوقت، وتخسر الشركة عملاء هوارد الذين يصرون على التعامل معه فقط أو سحب أعمالهم من الشركة، بجانب خسارة طاقته ومجهوده وشخصيته ذات الكاريزما التي اعتمدت عليها الشركة في النجاح، كما تصبح أسهم الشركة أيضًا مهددة بالانهيار.

أزمات مختلفة
في الوقت نفسه يمر الشركاء الثلاثة الآخرون بأزمات مختلفة. ويت كان قد انفصل عن زوجته أخيرًا ويمر بأزمة كبرى في علاقته بابنته الصغيرة التي ترفضه، وتحمله مسؤولية هدم الأسرة. كلير المرأة الأربعينية تبدو في أمس الحاجة إلى الإنجاب قبل أن يتقدم سنها ويصبح الأمر متأخرًا للغاية، وتحاول بشتى الطرق الاستعانة بعيادات التخصيب لزيادة فرصها للحصول على طفل. أيضًا سايمون لديه مشاكل صحية كبيرة ويبدو كأنه يحتضر، وفي الوقت نفسه لديه أسرة يشعر بالقلق على مستقبلها إذا ما أصابه سوء.
الثلاثة في أزمات، مع «االوقت» و«الحب» و«الموت»، والثلاثة يأتيهم عرض مغرٍ من شركة كبرى بشراء شركتهم بسعر عالٍ للسهم الواحد، مع الاحتفاظ بجميع الموظفين وطاقم العمل، والثلاثة في حاجة إلى المال، والثلاثة عاجزون عن إقناع هوارد بإتمام الصفقة، لا يبدو هوارد مهتما ودائما يعزل نفسه عن العالم وكأنه في مكان آخر بعيد.
لم يخل الفيلم من هفوات إخراجية، ففي مشهد ترك ويل سميث دراجته في منتصف تقاطع طرق مزدحم في نيويورك، ثم نجده في مشهد آخر على الدراجة، فاسحا الطريق أمام سؤال بديهي، كيف حصل سميث على الدراجة مرة أخرى؟! ومن الظاهر أن المخرج ديفيد فرانكيل لم يستثمر وقتًا ومجهودًا أكبر في العمل، مثلما فعل من قبل في أفلام استثنائية مثل «The Devil Wears Prada» لميريل ستريب وآنا هاثواي (رشحت ستريب لنيل الأوسكار عن دورها)، و«The Big year» للثلاثي جاك بلاك وأوين ويلسون وستيف مارتن، حيث وضعهم فرانكيل في أدوار لم يعتدها المتفرج من هؤلاء الكوميديين.

خطة ضد هوارد
تزداد الحبكة تشويقا بعدما تخطر لويت فكرة تختص برسائل هوارد التجريدية، حيث يقنع شركاءه باستئجار ثلاثة ممثلين يقومون بأدوار الموت والحب والوقت، ويتم ترتيب مواقف مجهزة مسبقًا ليتعامل هؤلاء مع هوارد. يستطرد ويت في شرح فكرته لشركائه وسط دهشتهم، فيخبرهم أنه من المتوقع أن يستفز ذلك هوراد للقيام بأمور حمقاء، ثم يُسجّل هو كل ما يقوم به هوارد بالفيديو وعرضه على مجلس إدارة المستثمرين في الشركة ليتخذوا قرارًا بعدم أهلية هوارد باتخاذ القرارات، وبالتالي تكون ممانعته أو اعتراضه على بيع الشركة لأخرى أكبر لا محل لها، وبالتالي يمكنهم البيع، وتحقيق المال الذي يحتاج إليه ثلاثتهم.
تبدأ الخطة عبر استئجار ثلاثة ممثلين مسرحيين عاطلين ومتوسطي الموهبة، وهم بريجيت (تؤدي الدول هيلين ميرين) التي تختار لعب دور الموت، وإيمي (تؤدي دورها النجمة البريطانية المرشحة للأوسكار كييرا نايتلي) في دور الحب، ورافي (يؤدي الدور جاكوب لايتمور) في دور الوقت.
لقد اعتاد جمهور ويل سميث على أدوار الفانتازي وبرع في تقديم هذه النوعية من الأفلام مثل Men in Black, Independence Day, Hitch (yes, Hitch), Ali, Bad Boys، لكنه مازال يعاني فقرا خبراتيا في تقديم الأفلام الحزينة التي تقدم رواية درامية، مثل «After Earth» « Winter’s Tale».
وعلى الرغم من قوة السيناريو في فيلم كوليترال بيوتي الذي كتبه الآن لوب حيث ظهر مشهد إيمي كانت تتكلم بصوت مبحوح إلى جانب هوارد الواقف بجانب لوحة يقرأ الستدويشات الموجودة في المطعم، حيث قالت له:« أنا السبب في كل شيء، أنا فقط السبب» وهي كانت تجسد دور الحب.

ظهور شخصية الموت
لقد ظهرت فلسفة الفيلم جليا في كثير من المشاهد التي تلخصت في أن الكل يسعى للحب، ويخشى الموت، وفيما بينهما يمضي الزمن، الذي هو السلعة الرئيسية الأعلى ثمنًا في الحياة كلها، فهي كفيلة أن تقربك أو تبعدك عن الحب والموت، ولعل أبرز مشهد عندما ذهبت بريجيت لمقابلة هوارد في الحديقة التي يزورها باستمرار، فجلست إلى جانبه على المقعد وأخرجت له أحد خطاباته، التي حصل عليها ويت برشوة ساعي البريد، وأخبرته أنها الموت وأنها ترفض خطاباته المليئة بالغضب، وأنها لا علاقة لها بمعاناته، وإنما يأسه من العالم ورفضه للمضي قدمًا هما سبب أزمته، وطلبت منه أن ينظر إلى كل ما يمتلكه من أسباب لرغد العيش، وكل من حوله من أصدقاء محبين، ليفهم أن الغضب أعماه عن نعم كثيرة يمكنها مساندته في أزمته.
في البداية يبدو هوارد رافضًا لمنطق بريجيت، وكذلك منطق إيمي (الحب) ورافي (الوقت)، ويستفزه حديثهم فيصرخ، ويصيح بصوت عال، بل ويكسر الأشياء من حولهم أيضًا. لكن بعد محاورته مع هذه الشخصيات الافتراضية والحصول على جميع الإجابات التي يسعى لها هل سيعود لحالته الطبيعية ويتقبل المأساة، وكيف سيستغل ويت حوار هوارد مع هذه الشخصيات لضمان نجاح خطته؟!
وعلى الرغم من اشتراك خمس شركات في إنتاج هذا العمل وقيام شركة Road Village Show الأسترالية التي شاركت في 85 عملا في هوليوود بإنشاء شراكة مالية مع منتجي الفيلم لتصبح واحدة من أبرز منتجي هذا العمل، إلا أنه لم يحصل على رضا كثيرين من محبي ويل سميث، فكانت بعض المآخذ البناءة على الفيلم مع أنه قدم فكرة رائعة، وطاقم العمل كان مميزا، إضافة إلى أنه لم يحصل على إيرادات عالية التي بلغت نحو سبعة ملايين دولار في الأسبوع الأول من العرض، ووصلت اليوم إلى نحو 30 مليون دولار.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون