Author

المشاريع التجارية الصغيرة وعجلة النمو

|

تقوم متاجر المكرونة في أطراف مدينة إلويلو في منطقة فيزاياس الفلبينية بأعمال تجارية نشطة، حيث تنمو المناطق السكنية الجديدة بسرعة هائلة في المنطقة، وذلك بتمويل من التحويلات المالية لعشرات الآلاف من العمال المتعاقدين في الخارج. تقول سيلمار بالاو "إنه موقع مثالي لشطائر اللحم المشوي".
تركت بالاو، وهي عاملة منزل خجولة، ولديها موهبة في فن الطبخ، منزلها الريفي خارج مدينة إلويلو قبل 12 سنة، لتبحث لها عن وظيفة في سنغافورة، وكانت تخطط لأن تكسب أكثر قليلا مما يكفي لإعالة ابنتها الصغيرة ووالديها المسنين. والآن، بعد أن أكملت برنامجا لمدة سنتين في كلية آيدها لإدارة المشاريع الصغيرة، الحائزة جائزة، و مقرها سنغافورة، تفكر بالاو في مستقبلها على المدى الطويل.
تقول بالاو "هنالك كثير من الأماكن التي تقدم الأغذية المحلية، فإذا أردت أن تبدأ مشروعا تجاريا ناجحا، فعليك أن تقوم بشيء مختلف، وشطائر اللحم المشوي شيء أستطيع صنعه بسهولة، وبيعه طازجا".
وبوجود خطة عمل، ومتجر للإيجار، ومع استعداد ابنتها وابنة أخيها للعمل، فإن بالاو تستعد لافتتاح مطعم خاص بها.
لقد ساعدت كلية آيدها نحو 500 عامل وعاملة من أمثال بالاو ليبدأوا مشاريعهم التجارية، كما وفرت لآلاف آخرين التعليم المالي ليتولوا أمر حياتهم بأنفسهم.
تقول الأكاديمية سارة مافريناك، مؤسِسة الكلية ومديرتها، وخريجة جامعة هارفارد، في معرض حديثها لمجلة المعرفة على هامش حلقة النقاش التي عقدتها "إنسياد" في أبو ظبي أخيرا تحت عنوان "تنمية القطاع الخاص"، "أعتقد أنه من المعروف جيدا أن كل اقتصاد ناجح في العالم يعتمد على المشاريع التجارية الصغيرة، وهذا ما تسعى إليه كلية آيدها، نحن بصدد بناء قدرات المشاريع التجارية الصغيرة، التي ستدعم الاقتصاد، ليس فقط في الأسرة أو المجتمع المحلي، إنما أيضا في البلد نفسه".
تقول مافريناك "إنه على الرغم من أن آيدها تُعتبر كلية صغيرة للأعمال، إلا أنها تسعى إلى مزيد، في رأيي، إن المؤسسات متناهية الصغر توشك أن تُرجئ الفقر، وتضع الطعام على المائدة، وتتجه آيدها إلى صعود السلم من المؤسسات التجارية متناهية الصغر إلى مستوى المشاريع الصغيرة المستدامة، حيث تتطلع المشاريع التجارية إلى تشغيل آخرين، وتنمو في ذات الوقت إلى مستوىً يصنع الفارق بالفعل".
لدى كلية آيدها تطلعاتها الخاصة بها، وهي تهدف بداية إلى تثقيف عاملات المنازل المهاجرات من نساء سنغافورة. بدأت الكلية عملها في سنغافورة عام 2006، وتسلمت أخيرا الموافقة المبدئية لفتح فرع لها في دبي، ومن المؤمل أن يُفتتح أول فصل صفي بحلول نهاية حزيران، وتخطط للتوسع في جميع أرجاء دولة الإمارات والشرق الأوسط ومنطقة شمال إفريقيا. وتبدو الفرصة متاحة أيضا في هونج كونج والصين والولايات المتحدة، حيث تُقدم الخدمة للمهاجرين اللاتينيين في لوس أنجلوس. تقول مافريناك "لدينا الآن برنامج يقوم بعمل هائل، وأعتقد أنه بصدد الانتقال إلى بقية أنحاء العالم".
تخطط الكلية في الإمارات إلى توسيع خدماتها للأعداد الهائلة من العمالة المهاجرة من الذكور، بينما سيتم تعديل المنهاج الدراسي في شمال إفريقيا ليتناسب مع العدد الهائل من الشباب العاطلين عن العمل. تقول مافريناك "ما يجعل البرنامج يعمل جيدا في سنغافورة، هو حقيقة أن لدى الأفراد هناك وظائف تمكنهم من ادخار مبالغ كبيرة، يمكن لهم استثمارها في مؤسساتهم، وأن المشاريع التجارية التي تبدأ بمبالغ مالية خير ألف مرة من تلك التي تتحقق من خلال قروض المشاريع الصغيرة. أما في إفريقيا، فإننا نحاول أن نرى كيف يمكن للأشياء أن تعمل عندما نخدم الناس الذين ليس لهم دخل ثابت، وكل البحوث التي أجريناها حتى الآن تشير إلى أن ذلك سينجح".
الادخار جزء مهم من المنهاج الدراسي للكلية. يلتقي الطلبة نهاية كل شهر ومعهم دفاتر حسابات التوفير لمعرفة المبالغ التي تم ادخارها. عملت بالاو، قبل التحاقها بكلية آيدها، ثماني سنوات في سنغافورة، ولم تدخر شيئا. أما الآن، فقد اشترت قطعة من الأرض قرب القرية التي تعيش فيها أسرتها على أطراف مدينة إلويلو، وبيتاً صغيراً على أطراف المدينة، ولديها رأسمال يكفي لإطلاق مشروعها التجاري الصغير. يُكلف هذا البرنامج، الذي يُقدم وحدات دراسية في القيادة وتكنولوجيا الحاسوب والدراسات التجارية، 350 دولاراً أمريكياً سنوياً لكل طالب. تُقر مافريناك بأن "المبلغ كبير بالنسبة إليهم، لكن شراء الخدمة أمر مهم جدا، ونريد أن ننجو، نحن مؤسسة اجتماعية، ونريد أن نتأكد من أننا نبني برنامجا مستداما، وهذا يعني أنه لا يمكن لنا الاعتماد حصرياً على التبرعات".
تعتمد كلية آيدها على متطوعين للعمل كمدرسين ومرشدين، إلى جانب عديد من الطلاب القدامى مثل بالاو، التي عادت لتساعد في الأعمال الإدارية. تقول بالاو "أنا مدينة كثيرا لكلية آيدها، فعندما جئت إلى سنغافورة، لم تكن لي طموحات، ولم أكن أُفكر في القيام بأي شيء لأستثمر أموالي، كنت فقط أُرسل أموالي إلى أسرتي، لكنني أدركت، أثناء دراستي في آيدها، أن لدي موهبة، سأفتح الآن مقهى لشطائر اللحم المشوية، وسيأتي يوم أفتح فيه مطعماً كبيرا".

إنشرها