ثقافة وفنون

«أساسنز كريد» .. توازن الخير والشر أجدى من زوالهما

«أساسنز كريد» .. توازن الخير والشر أجدى من زوالهما

«أساسنز كريد» .. توازن الخير والشر أجدى من زوالهما

في اللحظات الأولى من مشاهدة فيلم «أساسنز كريد Assassin’s Creed» تكتشف أنك أمام فيلم عميق بأفكاره وضخم بإخراجه، يتطلب منك التركيز الكامل وعدم التشتت للحظة كي لا تفقد حلقة من القصة، ويخيل إليك في اللحظات الأولى أنك أمام إحدى قصص داون براون التي تتمحور حول اكتشاف اللغز، مع إضافة الكثير من الأكشن والمغامرة، إلا أنه في النهاية هو فيلم مبني على سلسلة الألعاب الشهيرة لشركة يوبيسوفت.
يبدأ الفيلم مع بعض الخلفيات التاريخية الموجزة التي تشرح جهود فرسان المعبد المستمرة لاستعادة «تفاحة عدن»، وجهود « الأساسنز- المغتالين» لإيقافهم. تظهر شخصية كالوم لينش (الذي يلعب دوره الممثل مايكل فايسبندر) في الثمانينيات، وهو البطل الذي يصاب عالمه بالفوضى بعدما يلتقي بسلفه «الأساسنز». إنها مقدمة سريعة ومتينة، حيث يمكن لمن لم يسمع عن أي شيء من الألعاب فهم تلك الأحداث بسهولة، حيث تم تخصيص وقت لا بأس به من الفيلم في شرح ذلك،
قام الأساسنز بحماية «تفاحة عدن» التي تسعى وراءها مؤسسة أبستيرغو للاستحواذ عليها واستخدامها في أغراضهم الشخصية، فقاموا باختطاف أعضاء من جماعة «الأساسينز» الحاليين وجعلهم يعيشون ذكريات أجدادهم لمعرفة آخر مكان لتلك القطعة عن طريق نوع من آلات الواقع الافتراضي التي تسمي «أنيموس»، والتي تعتبر مألوفة لمحبي السلسلة.
ومع تقدم الوقت الحاضر نجد كالوم الشخصية الحادة الدائمة الغضب، حيث يعلق أحياناً داخل حلقة «أنا أفقد عقلي» الدرامية المفرغة. وعلى الرغم من أنه يحافظ على منطقية الشخصية، لكن حتى هو لا يستطيع أن يسيطر على الجنون المتعمد عندما يقرر كالوم أن يفقد السيطرة على نفسه ويبدأ بالغناء بأعلى صوته. نجده عالقاً بين الجدران الإسمنتية لمؤسسة أبستيرغو الغامضة التي تقودها صوفيا ريكن (تلعب دورها الممثلة ماريون كوتيلارد) وهي تؤمن برسالتها السامية في الوصول للسلام ووالدها الآن (يلعب دوره الممثل جيريمي أيرونز). ويريد الثنائي دخول ذكريات أوغيلار دو نيرها، سلف كالوم قبل 500 عام، الذي يمكن أن يقودهم إلى موقع التفاحة الأسطورية عبر مغامراته خلال زمن محاكم التفتيش الإسبانية.

الصراع بين الخير والشر
خلال رحلة كالوم إلى الماضي تظهر شخصية السلطان محمد التركي، حيث تم خطف ابنه من قبل أحد أفراد جماعة فرسان المعبد، وإعادته مقابل «تفاحة عدن»، إلا أنه لم يحافظ عليها، حيث عاد «الأساسنز» واستولوا عليها، ولقد بدا واضحا الصراع بين الخير والشر، بين فئة تريد القضاء على العنف والشر، و«الأساسنز» يريدون الحفاظ على عشيرتهم من خلال الإبقاء على وجود «التفاحة».
ومما لا شك فيه أن كالوم وماريون قد بذلا أقصى جهدهم من خلال أداء رائع لإحضار شخصياتهم لأرض الواقع خاصًة مع اجتماعهما مجددًا مع المخرج جاستن كورزيل بعد فيلم ماك بيث الذي حصد تقييمات إيجابية.وعلى اعتبار أنها عالمة ذات نوايا حسنة على ما يبدو وتعمل ضمن شركة غامضة من الناحية الأخلاقية، نجد أن لدى صوفيا مزيدا لتعمل عليه بحماس. هي ووالدها الآن الغامض الوحيدان اللذان يملكان علاقة مثيرة للاهتمام في الفيلم، حيث تكون العلاقة المتباينة بينهما بمنزلة التغيير عن طريقة تعاملها الجافة مع كالوم الذي يتقبل بارتباك ما يحدث له من دون طرح أسئلة تذكر. وبالتالي فإنه لمن المؤسف أن المنطق وراء سعيها الجدي لـ «علاج العنف» عن طريق قوة التفاحة يتم شرحه بعجالة، وبالتالي لا تشعر بأهميته بما يكفي لتشعر بمصداقيته.

الحفاظ على سلسلة الألعاب
وفي أماكن أخرى ضمن المنشأة، نجد مجموعة من الشخصيات الأخرى التي لم يتم استغلالها بما يكفي هم عبارة عن مواضيع اختبار ليس لديهم شيء يقومون به، فتفاعل الشخصيات الرئيسة مع بعضها كان خاليًا من العمق وبعض المشاهد كانت مدفوعة ربما. البداية مسرعة إلى حد ما خاصة في الزمن الماضي الذي كانت جميع حواراته محدودة، لكن تم التركيز فيه بشكل كبير على مشاهد الأكشن والقتال والهروب المملوءة بحركات الجري الحر والأكروبات المذهلة.
من ناحية فتلك المشاهد لعبت دورا كبيرا في الحفاظ على روح سلسلة الألعاب وتوصيل جوانبها بدقة لا متناهية لمشاهد السينما العادي والإبقاء على ترقبه، ومن ناحية أخرى فقد كانت مطولة بشكل مبالغ فيه على حساب عناصر أخرى، لكن خيار استخدام نسبة أقل من المشاهد في الزمن الماضي –بعكس اللعبة- كان موفقًا وتمت الاستفادة منه بشكل ملائم نظرًا لمدة عرض الفيلم بالنسبة لعدد ساعات اللعبة، كما أسهمت اللغة الإسبانية في الشعور باختلاف جذري عن مشاهد الزمن الحاضر.

الأكشن العامودي
قد لا يكون تطوير الشخصيات أحد نقاط القوة في الفيلم، لكن المخرج كورزيل قام بعمل مذهل في نقل الأكشن العامودي الذي تشتهر به الألعاب بطريقة ذكية ورائعة إلى الشاشة الكبيرة. حيث استبدل بذكاء كرسي أنيموس من اللعبة بذراع آلية أكثر ديناميكية بكثير، ما يسمح لمالكوم أداء حركات جمبازية مذهلة في الهواء عندما يكون في عالم الواقع الافتراضي، فيعكس ويندمج بالأكشن الذي نراه في إسبانيا القرن الـ 14.
أكبر نقطة قوة يمتاز بها الفيلم مشاهد محاكم التفتيش الإسبانية. على الرغم من أن أوغيلار (يلعب دوره فاسبندر أيضاً) يتكلم بشكل أقل من كالوم حتى، لكن هذا لا يهم حقاً عندما تشاهده، وهو يقفز بين أسطح المنازل الإسبانية المتربة، ويجري فوق الحبال المعلقة ويحلق هبوطاً من أبراج الكنيسة. لقد تم تصوير هذه المشاهد بطريقة تخطف الأنفاس وتشعر بأنها مأخوذة مباشرة من سلسلة اللعبة.
يجب الإشادة أيضًا بالموسيقى التصويرية في الفيلم –من عمل جييد كورزيل شقيق المخرج الأصغر الذي شارك في معظم أعماله سابقًا- التي كانت مناسبة جدًا لبيئة الفيلم بشكل عام والزمن الماضي بشكل خاص فقد حافظت على الحماس من بداية الفيلم إلى نهايته.
في نهاية الفيلم وبعد حصول الأبستيرغو على التفاحة يأتي كالوم ويأخذها منه بعد قتله، وبالتالي يحافظ على توازن الخير والشر في البشرية، ويكرس فكرة مهما بلغ التقدم التكنولوجي لا يستطيع القضاء على فئة دون أخرى، مع الإشارة إلى أنه إذا كنت لاعبا فستستمتع بالفيلم كأنه جزء جديد من سلسلة الألعاب، أما إذا كنت تتعرف عليه لأول مرة فسيكون مجرد فيلم خيالي آخر.
أما تقييمات ومراجعات الفيلم فهي لم تكن عند حسن الظن، فجاءت في أغلبها منتقدة للفيلم وبأنه ليس بمستوى اللعبة، ولقد وصلت إيراداته إلى 10.3 مليون دولار منذ بدء عرضه في الصالات الأمريكية، أما في الصالات حول العالم فقد وصلت عائداته إلى 36.7 مليون دولار، وهذه الإيرادات تعد ضئيلة بالنسبة لفيلم بهذه التكلفة الإنتاجية الضخمة التي قدرت بنحو 125 مليون دولار.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون