أخبار اقتصادية- عالمية

صناعة السيارات العالمية .. 2017 عام المعارك على كل الجبهات

صناعة السيارات العالمية .. 2017 عام المعارك على كل الجبهات

يسود مناخ غير مسبوق من الترقب القلق بين كبار مصنعي السيارات في العالم خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، فمعدل نمو صناعة السيارات هذا العام، يبدو مرهونا بتأثير مجموعة معقدة من العوامل السياسية والاقتصادية. وتبدو تلك العوامل حتى الآن متداخلة بطريقة قد يكون من المبكر للغاية معرفة المسار الذي ستسلكه، أو فك مكوناتها لتكوين صورة واضحة حول مستقبل صناعة السيارات. وخلال الانتخابات الأمريكية، كان من أولويات برنامج الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغط على الشركات الأمريكية لإنتاج منتجاتها داخل أراضي الولايات المتحدة، وفي المقدمة منها شركات السيارات، التي تعرضت بالفعل لضغوط لإعادة النظر في توسيع مصانعها في المكسيك حتى قبل أن يتولى ترمب مهام منصبه بشكل رسمي. وستترك الضغوط المتوقعة للبيت الأبيض على شركات إنتاج السيارات الأمريكية تأثيرها حتما في الصناعة عالميا، وربما تفجر موجة من الحمائية التجارية المدعومة من قبل عدد من السياسيين الشعبويين. وهناك الأوضاع في سوق النفط والتوقعات بأن تشهد الأسواق ارتفاعا في الأسعار خلال عام 2017، أضف إلى ذلك تراجع معدل نمو الناتج المحلي في الصين، ومدى تصاعد مشكلة المديونية الصينية وتأثيرها في الطلب العالمي على السيارات. ويضاف إلى تلك العوامل مجموعة أخرى من المحددات المؤثرة في صناعة السيارات، لكنها تنبع من داخل الصناعة ذاتها، ومن أبرزها التقدم التكنولوجي، والانتقال إلى مزيد من الطلب على السيارات الكهربائية، والتقدم فيما يتعلق باستخدام مجموعة جديدة من المعادن الأخف وزنا في إنتاج السيارات، إضافة طبعا إلى طبيعة التدابير التي سيتخذها كبار المنتجين في العالم للحد من الانبعاثات الكربونية الملوثة للمناخ. واستطلعت "الاقتصادية" آراء مجموعة من المختصين البريطانيين في مجال صناعة السيارات في مسعى لاستشراف التوجهات المستقبلية للأسواق. وأوضح الدكتور نيل أوتروم أستاذ اقتصادات النقل في كلية الهندسة في جامعة بريستل، أن مبيعات السيارات خلال 2016 كانت قوية بسبب الطلب الصيني، الذي حفز بخفض معدلات الضرائب، لكن الوضع سيتغير هذا العام إذ سترتفع الضرائب في الصين على السيارات من 5 في المائة الى 7.5 في المائة. وأضاف أوتروم أن "العامل الاقتصادي لا يزال له التأثير الأكبر في الطلب على السيارات، فالصين هي أكبر سوق للسيارات في العالم، وتستورد سيارات من مختلف بقاع الكرة الأرضية، وإذا واصلت بكين سياساتها المالية الراهنة، التي تتساهل مع عمليات الإقراض المحلي فسنجد أن الطلب الصيني لن يتأثر كثيرا، لكن إذا قامت بتغيير تلك السياسة فسيتراجع الطلب العالمي على السيارات بنحو 3 في المائة". من جهته، يعتقد روبرت براون الباحث في اتحاد صناعة السيارات البريطانية أن الطلب على السيارات سينخفض هذا العام، لكنه مع ذلك يقول "إنه من المبكر الإدلاء بقول فصل في هذا الأمر في المرحلة الراهنة". وأضاف براون أن "الاقتصاد العالمي مستقر نسبيا أو في حالة تحسن في بعض المناطق التي تمثل أسواقا جيدة للطلب على السيارات مثل الهند، لكننا نجد عوامل قد تعزز من تقلص الطلب، مثل ارتفاع أسعار النفط، وزيادة أسعار الفائدة العالمية إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار، ما يعني ارتفاع أسعار السيارات في الاقتصادات الناشئة مقيمة بالعملة المحلية"، ويتوقع براون أن يتقلص الطلب نسبيا بما يراوح بين 2 – 4 في المائة. ومع هذا، يعتقد بعض المختصين الاقتصاديين أن الأزمة التي قد تواجهها صناعة السيارات تتعدى قضية انخفاض معدلات النمو في الصين أو ارتفاع الفائدة وسعر الدولار، وأن مجموعة من التحديات الجوهرية تتعلق ببنية التجارة الدولية خلال المرحلة المقبلة ستؤثر في مبيعات السيارات عالميا. ويوضح البروفيسور تي إتش راسل أستاذ التجارة الدولية في جامعة أكسفورد، أن ما يمكن وصفه بسياسة التهديد عبر "تغريدات" الرئيس المنتخب ترمب ضد شركات السيارات الأمريكية ستنعكس سلبا على الصناعة، وكذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سينعكس أيضا سلبا على صناعة السيارات الأوروبية والبريطانية. وأضاف راسل أنه "بالنسبة إلى بريطانيا فإن خروجها من الاتحاد الأوروبي يعني فرض تعريفة جمركية على السيارات البريطانية المصدرة لأوروبا بنحو 1500 استرليني، ما يعني تراجع صادرات بريطانيا للقارة الأوروبية، لكن خروج لندن من عضوية النادي الأوروبي سيمثل صداعا في صناعة السيارات الأوروبية، إذ تنتج بريطانيا عديدا من قطع غيار السيارات المنتجة في إيطاليا وفرنسا وألمانيا". ويستدرك راسل قائلا "الأمر ذاته سيحدث جراء السياسات الحمائية لترمب في الولايات المتحدة، وتحديدا في مجال صناعة السيارات، فتهديد الرئيس ترمب لشركة "جنرال موتورز" بأنه سيفرض عليها ضريبة حدود بنحو 34 في المائة إذا قامت بتصنيع سياراتها في المكسيك لتصديرها للولايات المتحدة، وقد يسمح بزيادة عدد العاملين الأمريكيين في صناعة السيارات في الأراضي الأمريكية، لكنه سينعكس سلبا على الصناعة في شكل ارتفاع تكلفة الإنتاج وانخفاض الطلب". ويرى المهندس مارتن ماسين مختص صناعة السيارات الاستشاري السابق في شركة جاكوار أنه بصرف النظر عن معدلات الطلب على السيارات خلال هذا العام فإن 2017 سيشهد عددا من التحولات الهيكلية في تلك الصناعة وستؤثر فيها في الأمد الطويل. وأشار ماسين إلى أن الاتجاه العام في الصناعة مستقبلا هو إنتاج سيارات كهربائية لتفادي انبعاث الغازات الكربونية و25 في المائة من السيارات التي ستباع ستكون كهربائية بحلول عام 2025، مضيفا أن "تطوير صناعة السيارات يسير في اتجاه إنتاج سيارات ذاتية القيادة "بدون سائق" خاصة لسيارات الأجرة والشاحنات، المتوقع أن تمثل تلك السيارات نحو 50 في المائة من السيارات التي ستسير في طرقات البلدان المتقدمة خلال النصف الثاني من العقد المقبل".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية