default Author

عقد الصفقات في الصين .. مسألة أكبر من المال

|
أصبحت الشركات الصينية خلال العقد الماضي شركات مكافحة للشراء عبر الحدود، لكنها، للأسف، كافحت وتكافح من أجل إنهاء صفقاتها. فشلت بعض الصفقات بسبب مخاوف الأمن القومي في الولايات المتحدة، بما فيها محاولة شركة كنوك لشراء شركة أونوكال أخيرا، ومحاولة شركة هوايي لشراء "ثري ليف سيستم". غالبا ما كانت الشركات الصينية تعلن عن صفقات معينة، لكنها لم تكن قادرة على متابعتها، فعلى سبيل المثال، كانت شركة برايت فودز على وشك إتمام صفقة لشراء "جي إن سي" بمبلغ يراوح بين 2.5 و3 مليارات دولار أمريكي، لكنها تراجعت بعد ذلك لأن الشركات لم توافق على الشروط، وكان عليها أن تكافح من أجل الحصول على موافقة الجهات التنظيمية الصينية. هذه الأمثلة أكثر نمطية مما ينبغي. ووفقا لدراسة "تحت الطبع" أعدتها أولجا هون من جامعة ديوك، فإن نسبة انهيار الصفقات عبر الحدود التي تعقدها الشركات الصينية "15 في المائة" هي ضعف نسبة انهيار الصفقات التي تعقدها شركات من دول البريكس "8 في المائة"، وثلاثة أضعاف الشركات متعددة الجنسيات "5 في المائة". هنالك تفسيرات عديدة لذلك: الشركات الصينية جديدة نسبيا على لعبة الاندماج والشراء، ثم إن الحكومات في الأسواق المستهدفة تسارع في كشف الأجندة السياسية، وكذلك فإن الشركات الصينية تكافح أحيانا للحصول على التمويل أو تواجه معارضة سياسية غير متوقعة في البلد الأم، إضافة إلى أن الشركات الصينية المشترِية تعمل بشكل خاص في أسواق عالمية دينامية ومتقلبة. هذه كلها أسباب وجيهة تماما. الابتعاد عن صفقة رديئة شيء جيد، وهذا بالضبط السبب الذي يجعل لدى المشترين المحنكين، مثل "سيسكو"، و"جنرال إلكتريك"، و"جونسون آند جونسون"، عمليات قوية لفرض الانضباط خلال عمليات الشراء التي يقومون بها، كما أن لديهم القدرة على قتل عديد من الصفقات بقدر قدرتهم على عقدها. لكن، وكما تعلم هذه الشركات، فإنه من الخير الابتعاد عن الصفقة قبل الإعلان عنها، لأن إلغاء الصفقة بعد الإعلان عنها يسبب خسائر كبيرة ليس فقط للمشتري، إنما أيضا للشركة المستهدفة، فالصفقات الفاشلة تفرض تكاليف عينية "الرسوم الاستشارية المالية ومصاريف العناية الواجبة"، وتستهلك كثيرا من الوقت والطاقة، إضافة إلى تشتيت عديد من كبار المديرين عن مسؤوليات مهمة، وإذا تكبدت هذه الشركات هذه الخسائر دون داع، فإنها تدمر القيمة. والأهم من ذلك، فإن الصعوبات التي يبدو أن الشركات الصينية تواجهها في إتمام الصفقات ستسبب على مر الوقت ضررا لقدرتها على التوسع والتكيف، وستصبح الشركات أكثر حذرا من أصحاب العروض مما هم عليه في الواقع إذا كان لديها ما يدعو إلى القلق بأن تُترك على المذبح، الأمر الذي قد يمنع الشركات الصينية من فرص عديدة. ومع أن عديدا من المشترين الصينيين قد أصبحوا أكثر ميلا إلى المغامرة في عقد الصفقات، إلا أنهم بحاجة إلى التقليل من معدل إلغائهم استحواذاتهم المعلنة، وللقيام بذلك، يتعيَّن عليهم ما يأتي: 1. التأكد من أن الاستحواذ متسق مع الاستراتيجية. تقفز الشركات إلى الاستحواذ خوفا من فقدان فرصة التوسع. هذه وصفة للفشل، ويحتاج المشترون إلى التأكد من أن استراتيجية الاندماج والاستحواذ تتماشى مع خطة مدروسة من خلال استراتيجية أوسع نطاقا. ومن الواضح أن هذا يتطلب أن تكون لديك عمليات قوية للتخطيط الاستراتيجي لتبدأ بها، وهو ما لا يحدث دائما في الصين. 2. يتعين عليك أن تقيّم الموقف السياسي في البلد المستهدف. تقوم الحكومات في معظم البلدان بمراجعة الاستثمارات الأجنبية الرئيسة. وكما أشرنا، فإن عديدا من الصفقات المهمة للشركات الصينية، كمحاولة شركة كنوك لشراء شركة يونوكال في الولايات المتحدة، قد أغلقت، إما بشكل رسمي، أو بتأجيل المفاوضات إلى اللحظة التي تجعل المشترين ينسحبون. يتعين على الشركات الصينية، قبل أن تذهب بعيدا جدا في عمليات الاستحواذ، أن تقيم مدى استجابة الحكومات المستهدفة. 3. تأكد من عدم وجود معارضة من الداخل. على الرغم من أن بعض الصفقات يتم إيقافها في البلد المستهدف، فإن صفقات أخرى تفشل بسبب المعارضة في الداخل. لقد انهارت محاولات شركة تينجز هونج، على سبيل المثال، لشراء شركة هامر من "جنرال موتورز" بسبب معارضة من وزارة التجارة في الصين. لذلك، يتعيَّن على المشترين الصينيين، قبل أن يشرعوا في صفقات قد تبدو مثيرة للجدل في داخل الصين، أن يتأكدوا أولا من وجود طريق واضح للموافقة. 4. النظر في المشاركة المتسلسلة. عندما يكون هناك غموض كبير في قيمة المجموعة المندمجة مع بعضها البعض، أو أنك غير قادر على أن تعمل مع شريكك الأجنبي، فإنك قد تكون بحاجة إلى أن تبدأ بشراكة أكثر تركيزا. يمكنك أن تبدأ مع حليف متخصص، أو أن تحصل على حصة أولية من الأسهم، ثم تقوم تدريجيا بتعميق علاقتك معه. خلاصة القول، نعتقد أن عددا كبيرا من الشركات الصينية هي شركات انتهازية في عقد الصفقات. يتعيَّن على هذه الشركات أن تصبح أكثر تطورا في عمليات الاندماج والاستحواذ، وأن تستكشف بعناية أكبر طرق الحصول على موارد وقدرات جديدة، على غرار ما ورد في كتابنا "أنشئ، اقترض أو اشتر". إذا فعلت الشركات ذلك، فإن معدلات الإلغاء ستنخفض، وسينظر إليها على أنها أطراف أخرى أكثر موثوقية من حيث الاندماج والاستحواذ، ما يفتح أمامها مزيدا من الفرص.
إنشرها