المسؤولية المترتبة على إفشاء السر المصرفي
سبق أن بينا في المقالين السابقين أن العلاقة المصرفية بين العميل والمصرف قائمة على احترام المصرف للسر المصرفي للعميل الأمر الذي يجسد احترام الحياة الخاصة للعميل، إلا أن التزام المصرف بعدم إفشاء معلومات العميل لا يشمل المعاملات المالية المشبوهة كالعمليات المجرمة بنص القانون أو التي قد تؤثر في مصالح عامة أو خاصة أولى بالرعاية. تتباين التشريعات الوطنية للدول في تحديد التبعات والآثار القانونية المترتبة على إفشاء السر المصرفي للعميل دون وجود سند قانوني يبرر هذا الإفشاء، إلا أن غالبية هذه التشريعات تعرف ثلاثة أنواع من دعاوى المسؤولية ضد المصرف المخل بالالتزام وهي دعوى المسؤولية التأديبية، دعوي المسؤولية المدنية، ودعوى المسؤولية الجنائية. تقوم المسؤولية التأديبية للموظف المصرفي على أساس قيامه بمخالفة واجبه الوظيفي في المحافظة على السر المصرفي للعميل، وتختلف العقوبات التأديبية من دولة إلى أخرى إلا أنها تراوح في مجملها بين الإنذار والحسم من الراتب وقد تصل إلى الاستغناء عن الخدمة. النوع الثاني من دعاوى المسؤولية التي قد ترفع ضد المصرف هي دعوى المسؤولية المدنية، سواء كانت دعوى مسؤولية عقدية أو تقصيرية، وتقوم المسؤولية العقدية في حق المصرف في حال إخلال المصرف بتنفيذ التزامه العقدي باحترام سرية العميل سواء كان هذا الإخلال كليا أو جزئيا، ويتحمل المصرف هذه الدعوى باعتباره متبوعا مسؤولا عن تصرفات تابعيه. قد لا توجد علاقة عقدية بين المصرف والعميل لأن العلاقة بينهما ما زالت قيد التفاوض ومع ذلك قد يقوم المصرف بإفشاء بعض البيانات المصرفية للعميل المحتمل الأمر الذي يترتب عليه ضرر لهذا للعميل، هنا يجوز للعميل مباشرة دعوى المسؤولية المدنية التقصيرية ضد المصرف وذلك لجبر الضرر الذي لحق به. أخيرا وليس آخرا؛ يحرص كثير من القوانين على تجريم عمليات إفشاء السر المصرفي وبالتالي تلحق بمرتكبها المسؤولية الجنائية. لا تقوم المسؤولية الجنائية بمجرد الإهمال والخطأ وإنما يشترط لقيام هذه الجريمة توافر الركن المادي المتمثل في إفشاء بيانات العميل إضافة إلى الركن المعنوي بشقيه العلم والإرادة.
مستشار قانوني
أضف تعليق