Author

«لا تخاف» : التأمين يغطي

|
ما زلت أتذكر حالة الخوف التي انتابتني، وأنا أسمع تعليق جار عندما حذرته من تهور السائق، واحتمال أن يؤدي ذلك إلى تسببه بحادث، فرد ضاحكا: «لا تخاف» التأمين يغطي. بدا أن الرجل، وهو يطرح هذه الإجابة، مغيب بشكل تام، عن أن ضرر الحوادث المرورية، لا يقتصر على السيارة بل يطال البشر، ويحصد وفيات كثيرة. يعزو عدد من الناس في مجتمعنا تزايد الحوادث وضحاياها إلى انتشار التأمين، والتعامل مع المركبة باعتبار أن الخسائر الناتجة عن حوادثها يمكن تغطيتها من خلال شركات التأمين. بل إن هذه الحوادث تحولت عند البعض إلى طريقة للتكسب، من خلال الحصول على التعويض والبحث عن أماكن رخيصة لإصلاح السيارة. وقد شهدنا قبل فترة قيام أكثر من شخص بدحرجة سيارته من هاوية في حادث مفتعل من أجل الحصول على تعويض من شركة التأمين. في المقابل كانت شركات التأمين تعمد إلى رفع أسعار التأمين، حتى أصبح تأمين السيارة في المملكة تتجاوز أسعاره أماكن أخرى من حولنا. كانت القوانين والأنظمة المرورية ولا تزال قاصرة عن التعامل مع المتسبب في الحادث لمرة ومرتين وثلاث بشكل مختلف مع من لم يتسبب في أي حادث. وما زلنا نتطلع إلى أن يبادر المرور إلى مراجعة هذا الأمر ومعالجة الخلل. الأمر نفسه ينطبق على شركات التأمين، التي أخذت نصف الكوب أو بمعنى أدق رفعت التأمين على من يتسبب في حادثة، لكنها في المقابل لم تعط أي ميزة للسائق المثالي. من هنا يمكن النظر إلى قرار مؤسسة النقد (ساما) باعتباره خطوة تصحيحية مهمة جدا. وأثره سينعكس بالإيجاب على المستفيد من التأمين وعلى شركات التأمين أيضا. إن نظام المكافآت أو التخفيضات التي سيحصل عليها السائق الذي لا يتسبب في حوادث مرورية، سوف يزيد من حرص الناس على القيادة الآمنة، كما أنه سيخفف العبء المالي على شركات التأمين من خلال تقليص التعويضات التي يتم صرفها على الحوادث المرورية. إن إلزام (ساما) شركات التأمين بتقديم خصومات تصل إلى 30 في المائة وكذلك تشجيعها للشركات لتقديم مزيد من الخصومات، خطوة مهمة جدا. باختصار: مؤسسة النقد تقدم بمشروعها هذا نموذجا لحماية المستهلك، أتطلع إلى أن تأخذ به هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، فحماية الشركات لا تتأتى من خلال موافقتها على احتكار الخدمات وإغلاق المنافذ على المستهلك ومنعه من التمتع بالحلول التقنية التي تخفف العبء المالي عليه.
إنشرها