المشراق

رميزان بن غشام يشكو حبيبته لجبر بن سيار

رميزان بن غشام يشكو حبيبته لجبر بن سيار

رميزان بن غشام، وساق الأستاذ أحمد العريفي نسبه هكذا: رميزان بن غشام بن مسلط بن رميزان بن سعيد بن مزروع، شاعر نجدي مشهور، من آل أبو سعيد من تميم، مكثر من الشعر، وأغلب شعره في غاية الجودة. عرف بالقوة والشجاعة والذكاء، وتولى إمرة "روضة سدير" في سنة 1057هـ بأمر الشريف زيد بن محسن، ولرميزان علاقة وطيدة بالأشراف، وله في مدحهم عدة قصائد. ذكر مؤرخو نجد مقتله سنة 1079هـ، وهو الصواب لكن رأيت المؤرخ مقبل الذكير يستبعد ذلك، ويرى أنه عاش إلى ما بعد عام 1082هـ مستدلا بقصيدته التي أرسلها إلى أخيه رشيدان، حينما كان الأخير في الأحساء "هجر" جاليا عند آل عريعر، ومطلع قصيدة رميزان: كن للزمان على أي حال صاحبا فمن الزمان لأخي الزمان عجايبا وقد ذكر في هذه القصيدة براك بن عريعر. ويذكر الذكير أن هذه القصيدة لم ترسل إلا بعد استيلاء آل حميد على الأحساء، ومن المعلوم أن آل حميد لم يستولوا على الأحساء إلا سنة 1082هـ لكن كلامه غير دقيق والأصح عندي ما ذكره المؤرخون النجديون. قدم الباحث أحمد بن فهد العريفي عن رميزان دراسة مطولة بعنوان "رميزان بن غشام التميمي" طبعت عام 1414هـ، كانت هي أفضل ما كتب عنه في حينها، وجمع فيها ما وجده من شعره، لكن الأيام كشفت لنا بعد ذلك عن عدد من مخطوطات الشعر النبطي، وفيها قصائد كثيرة لرميزان لم تنشر، ثم نشر الدكتور سعد الصويان كتابه الرائع "الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص" وضمن فصوله بحث مطول عن رميزان، وعدد من قصائده التي كشفت عنها المخطوطات. وهذا البحث هو أفضل ما كتب عن رميزان حتى اليوم. وبين رميزان وأخيه رشيدان والشاعر جبر بن سيار قصائد متبادلة تحكي شيئا من مجتمع وتاريخ زمانهم. رميزان يشتكي لجبر من حبيبته: أرسل رميزان إلى جبر بن سيار، وتصفه بعض المخطوطات بخاله، قصيدة جميلة يشكو فيها لواعج الغرام، ومتاعب الحب، وصدود الحبيب، طالبا منه المساعدة في حل مشكلته، بدأها بقوله: ياجبر هو ضيم الليالي ينجلي أو هو يخيّم في حشاي ويطولي وأعض أطراف البنان بناجذي والدمع حرّق وجنتي وهلهلِ والعين كن الشب يجلي موقها والنوم له عني زمان مطولِ يا جبر وان بانت عيوبي للملا تراه من فرقا غزالٍ عندلِ حوريةٍ تغشى الظلام بنورها سبع المثاني حرزها لا تنضلِ ثم يمضي فيها إلى أن يقول: يا جبر جاني بصدود وعافني من عقب ما هو لي مودٍ مقبلِ نسى الجميل وبار فيّ صويحبي وانّْ شافني بالسوق دلّى يعجلِ وان قلت له وش السبب في ذا الجفا عذره يقول اني أحاذر من هلي يا جبر يوم الولف ما حاذر هله والى تباطا جيتي له كزّ لي يا جبر هو عقب الجماع تفرّق أو في كتاب العشق يا جبر اقتلِ يا جبر ما تسعى بصلح بيننا حتى تنال الخير وأنت محللِ والقصيدة طويلة وجميلة، ولجبر رد عليها يقول ضمنه: هذي سواة البيض غضّات الصبا يلعبن بقلوب الغواة الهبلِ ومثل هذه القصائد المتبادلة بين شعراء النبط تحكي قصص الحب والغرام، وما حدث بين الشاعر ومحبوبته كثيرة جدا، وهذا ما يجعلني أظن أن بعضا منها متخيّل، لأن هذا النوع من الغزل أو الشكوى الغرامية أصبح فنا شائعا لديهم، فأصبح شعراء النبط ينظمون في هذا المجال، وإن لم يمروا بتجربة حقيقية، وإنما غرضهم إثبات مقدرتهم الشعرية، أو المزاح والمداعبة وتبادل الآراء مع بعضهم بعضا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق