ثقافة وفنون

حقيبة «الوحوش المذهلة» .. تنقصها المفاجأة ويسكنها التكرار

حقيبة «الوحوش المذهلة» ..
تنقصها المفاجأة ويسكنها التكرار

الفيلم جزءٌ أول من ثلاثية سيصدر منها فيلم مطلع كل عامين بدءاً من 2016.

حقيبة «الوحوش المذهلة» ..
تنقصها المفاجأة ويسكنها التكرار

لسوء الحظ، عندما يعود التركيز نحو الشخصيات، تعود الرتابة والملل.

أن تقحم نفسك في مشاهدة ما يدور في عالم السحر والسحرة لأمر ممتع حقاً، ولطالما أسرت أفلام المغامرات الخيالية ألباب الصغار والكبار على حد سواء، ومن المؤكد أن تربع سلسلة أفلام هاري بوتر على عرش البوكس أوفس خير دليل على مدى الشعبية التي تحظى بها هذه الأنواع من الأفلام التي تحرك خيال الأطفال وتداعب مخيلة الكبار وتأخذهم معها في رحلة خيالية، يسبحون مع أبطالها في رومانسية الخيال ورغبة تحقق الأحلام الوردية، ومن هنا شكل شهر نوفمبر المنصرم محطة منتظرة لعشاق أفلام الخفة والسحر والغرابة، حيث تم عرض فيلم "الوحوش المذهلة وأين تجدها". فيلم مغامرات خيالي بعد أن أصدرت الكاتبة هاري جي كي رولينج سلسلة من سبعة كتب تحكي حكاية الصبي الساحر هاري بوتر، وإنتاج ثمانية أفلام تحمل نفس عناوين الكتب، أصدرت رولينج ثلاثة كتب أخرى ضمن عالم هاري بوتر أبرزها كان "الوحوش المذهلة وأين تجدها" التي اقترحت شركة وارنر بروس تحويلها إلى فيلم، وعلى الرغم من أنه لا علاقة له بسلسلة هاري بوتر فلا هو مقدمة ولا هو تكملة لها، إلا أنه امتداد لعالم السحر. يتنمي فيلم "الوحوش المذهلة وأين تجدها" إلى قائمة أفلام المغامرات الخيالية، فيروي أحداثا تسبق 70 سنة زمنيا أحداث عالم بوتر، حيث إن عنوان الفيلم هو اسم كتاب كان هاري بوتر وزملاؤه يدرسونه في أكاديمية هوجوارتس لتعليم السحر في ذلك العالم. وبعد أن يصل الباحث والساحر نيوت سكماندر "يلعب دوره الممثل إيدي ريدمين" إلى نيويورك عام 1926، يحمل حقيبة مليئة بالوحوش، ولديه مهمة سرية، تتعلق بكتاب يؤلفه عن الوحوش المذهلة، فهو يظهر بمظهر الانطوائي لكنه يملك شغفا كبيرا حول المخلوقات الغريبة التي يمكن أن تكون خطرة. #2# مطاردة الوحوش الهاربة يحاول نيوت التخفي، لكن عندما تهرب وحوشه من الحقيبة ينكشف أمره، فيحاول الهرب لكنه يصطدم بشخصين، الأول رجل عصامي لا يملك قوى سحرية، ويريد أن يصبح خبازاً، يدعى جيكوب كوالسكي "يلعب دوره الممثل دان فوجلر"، والثانية محققة في شؤون السحرة تدعى تينا جولدشتاين "تلعب دورها الممثلة كاثرين ووترسون". يتعاون الثلاثة لمطاردة وحوش نيوت الهاربة، فيواجهون كثيرا من المشكلات المتزايدة على نحو مضطرد للتخفي والهرب من الشرطة بقيادة بيرسيفال جريفز "يلعب دوره الممثل كولين فاريل"، وتنضم إليهم في فترة لاحقة شقيقة تينا قارئة الأفكار وتدعى كويني جولدشتاين "تلعب دورها الممثلة اليسون سودول"، وهي الأبرز بين هذا الرباعي مع سلوكها المشرق وصوتها اللطيف وعادتها في دخول أفكار الناس. مكافحة السحر يظهر الفيلم أمريكا كبلد منقسم ويعيش المجتمع في شك مستمر بسبب رابطة متخصصة في مكافحة السحرة برئاسة ميري لو "تلعب دورها الممثلة سامانثا مورتون". ووسط مشاعر معادية للسحرة، فإن هؤلاء مصابون بالقلق ومختبئون، خصوصاً أن البشر من غير السحرة يبلغون عنهم بمجرد اكتشافهم، ونلاحظ في الفيلم عقد اجتماعات عديدة في مقر الرابطة وهي نظير أميركي لوزارة السحر التي يرد ذكرها في أجزاء "هاري بوتر" تحت اسم "ماكوسا"، وبعد ذلك، يتحول الفيلم إلى فوضى ووحوش تحطم كل شيء تجده أمامها، وتستمر المطاردة إلى النهاية، وبعدها نهاية ثانية وثالثة، وكلما يظن المشاهد أن الفيلم سينتهي يظهر مشهد جديد أقل أهمية من الذي قبله، إلا أن هذا الصخب الذي يتضمنه العمل بشأن القدرات الخارقة التي يتمتع بها كثير من أبطاله، تترسخ أركانه ويجده البعض مبررا بفعل الرسالة الداعية إلى التسامح التي تبثها رولينج بصدق من خلاله. خلل في السيناريو مما لا شك فيه بعد مشاهدة هذا الفيلم أن تأثير بوتر لم يلقِ بظلاله على المشاهد، ويعود هذا الأمر إلى الخلل في السيناريو "وهو أول سيناريو تكتبه رولينج اقتباسا عن روايتها"، الذي بدا واضحا عندما ذهب نيوت إلى نيويورك لمهمة سرية التي لم تظهر أيا من ملامحها وماهيتها في الفيلم، ولعل اختيار مدينة نيويورك على وجه التحديد وإظهار الإنقسام الحاصل في أروقتها يدل على وجود مغزي سياسي بامتياز، ولقد بدا هذا الأمر جليا في مشهد التقط في بعض الأماكن الغريبة داخل مقر "ماكوسا" الرئيسي والمخبأة بشكل سحري داخل بناء وول وورث، من دون أي مغزى يخدم قصة الفيلم، كما وبدا الخلل في مشهد آخر عندما كان يحقق جريفز في أمر قوة مدمرة تهاجم المدينة، في وقت تعقد فيه اجتماعات حكومية مهمة، لبحث إجراءات حماية المدينة، تبرز شخصيات جانبية عدة، لتطغى على الشخصيتين الرئيستين نيوت وتينا. التشويق لقد نجح الفيلم في تقديم مجموعة واسعة من المخلوقات السحرية الغريبة، بطريقة مشوقة ومثيرة خاصة في مشهد صور فيه نيوت وهو يأخذ جاكوب في جولة داخل معرض وحوش في حقيبته المسحورة، حيث تم تقديم الطيور الثعبانية ونمور السمكة المنفوخة بشكل رائع وبطريقة غنية بالعجائب الساحرة، ما يجعلك تشعر بأن الفيلم ينبض بالحياة، خاصة مع تصاعد الموسيقى، فتشعر في هذه اللحظات أنك فعلا داخل عالم رولينج الساحر، لكن لسوء الحظ، عندما يعود التركيز نحو الشخصيات، تعود الرتابة والملل بعض الشيء، ليس بسبب افتقار الممثلين إلى قوة الأداء بل يعود السبب إلى أسلوب المخرج دايفيد ياتيس الذي أخرج أربعة أفلام من سلسلة بوتر. لكن هذا الفيلم لم يكن بقوة سابقاته، ولعل السبب هو كثرة استخدام اللقطات الثابتة والشاشة الخضراء. المؤثرات الخاصة بالمقارنة مع أفلام هاري بوتر لا بد من ذكر أن الشخصيات في بوتر كانت تتعلم كيف تتحكم في قواها، أما في فيلم الوحوش المذهلة فلا نرى سوى سحرة يستخدمون قواهم كعادة يومية مثل شرب القهوة بعيدا عن الإحساس، ففي مشهد كانت تحضر كويني العشاء في الهواء قبل أن يستقر على الطاولة، يصاب جاكوب بالذهول، ويعبر عن ذلك بنظرة المندهش أمام أطباق تحلق في الهواء، والمناديل الطائرة، من دون أن يبدي أي رد فعل آخر، وهنا المشاهد لم يشعر بنفس الإثارة والذهول تجاه المؤثرات الخاصة التي رأينا كثيرا منها في أفلام بوتر، لذا فإن المشهد يبدو عادياً بدلاً من أن يبدو مذهلاً وخطوة ساحرة نحو عالم السحر. الجدير بالذكر أن فيلم "الوحوش المذهلة" هو جزءٌ أول من ثلاثية سيصدر منها فيلم على مطلع كل عامين بدءاً من نوفمبر 2016، فهل سيتدارك القّيمون على الفيلم نقاط الخلل والضعف، ويعملون على تحسينها في الأجزاء القادمة؟
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون