FINANCIAL TIMES

المساهمون غير مؤهلين لتصحيح مسار الشركات

المساهمون غير مؤهلين لتصحيح مسار الشركات

تيريزا ماي، رئيسة وزراء المملكة المتحدة، أعلنت بصراحة أنها ملتزمة بتحسين سلوك الشركات. لكن المقترحات المقدمة للتشاور حولها من غير المرجح أن تفي بالغرض. الورقة الخضراء الصادرة يوم الثلاثاء حول حوكمة الشركات تحاول، على نحو يستحق الثناء، إعطاء مجالس إدارات الشركات والمساهمين مزيدا من المسؤولية لتحسين معايير سلوك الشركات. بعد الأزمة المالية والعدد الضخم من فضائح الشركات، بات الجمهور يرى على نحو متزايد أن الحال انحدرت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق. الضغط على الشركات للسير في الاتجاه الصحيح هو من الناحية النظرية أفضل من إخضاعها لقوانين تنظيمية ثقيلة الوطأة، ترفع من تكاليف ممارسة الأعمال وتُضعِف مكانة التنفيذيين بشكل كبير. لكن الاعتقاد بأن مجلس الإدارة أو المساهمين هم أهل للمسؤولية عن هذه المهمة إنما هو إفراط في التفاؤل. خذ، مثلا، رواتب التنفيذيين التي تناولتها الورقة الخضراء إليها بمجموعة من المقترحات التفصيلية. باستعدادهم للتشاور أسكت مؤلفو التقرير بعض المخاوف بين الشركات التي كانت ترى أن ماي أكثر استعدادا لفرض التغيير من الاستماع إلى المخاوف المشروعة. لكنهم أربكوا هذه القضية حتى أكثر مما كانت عليه. ليس من المرجح لأي من تلك التغييرات المحتملة أن تكون فعالة بشكل قوي. إن إعطاء المساهمين صوتا ملزما حول رواتب التنفيذيين يبدو أنه يمنحهم بشكل سطحي مزيدا من القدرة على تغيير السلوك. لكن السنوات الست الماضية، التي كان المستثمرون خلالها قادرين على فرض أصوات استشارية حول الموضوع نفسه، تروي حكاية مفيدة عن استعدادهم لممارسة تلك السلطة. منذ عام 2013 تمت الموافقة على 917 تقريرا من تقارير الأجور السنوية للشركات المدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز 350، وتم رفض أربعة منها فقط. احتمال حدوث تغيير في هذا النمط يبدو ضئيلا للغاية. على وجه العموم، المساهمون الذين ينشطون بما فيه الكفاية للتصويت لا يرغبون في صنع ضجة حول الأجور التي تُدفع للمديرين التنفيذيين. أشارت الورقة الخضراء إلى أن أكثر من ربع المساهمين في الشركات المدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز 100 لا يستخدمون حقهم في التصويت على الإطلاق. المؤسسات الاستثمارية الكبيرة، خلافا للجمهور العام، لا تشغل بالها بالتصورات حول تجاوزات الأجور. خصوصا حين يكون الأداء التشغيلي وسعر السهم سائرين في الطريق الصحيح، فهي لا تريد أن تثير ضجة من خلال هجمات تتعلق بالأجور من الواضح أنها تتناول شخصيات وسلوك الأفراد المعنيين. في حزيران (يونيو) ثلث المساهمين فقط في WPP، مثلا، صوتوا ضد دفع أجر مقداره 70 مليون جنيه استرليني للسير مارتن سوريل، الرئيس التنفيذي. صغار المساهمين الذين من المتوقع أن يشاركوا أكثر من غيرهم في غضب الجمهور تجاه المديرين الذين يتلقون أجورا زائدة عن الحد، نادرا ما يمارسون حقهم في التصويت - سواء مساهمين مباشرين أو مدخرين للتقاعد يمكن أن يضغطوا على الشركات التي تدير أصول معاشاتهم التقاعدية. ما يزيد الطينة بلة هو تعقيد المقترحات الواردة في الورقة الخضراء. يمكن للمساهمين التصويت حول تقرير الأجور، أو حول المكافآت السنوية، أو حول برامج الحوافز طويلة الأجل، أو على الزيادات المقترحة في الراتب الأساسي. خذ هذه الأخيرة مثالا. لنقل إن المساهمين رفضوا زيادة بنسبة 10 في المائة لمصلحة رئيس تنفيذي، كيف سيكون رد فعل مجلس الإدارة على ذلك؟ هل سيعود بعرض بنسبة 8 في المائة، أو 2 في المائة؟ السؤال الحقيقي، على أي حال، لا يدور حول مقدار أجر التنفيذيين بقدر ما يدور حول ضعف الارتباط بين تلك الأجور وأداء الشركة. تضاعفت أجور الرؤساء التنفيذيين في الشركات المدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز 100 أربع مرات خلال أقل من 20 عاما، وهذا يفوق كثيرا أي ارتفاع في الربحية، ناهيك عن متوسط الأجور. لكن تعزيز الروابط بين المكافأة المالية والسلوك التشغيلي يتعلق بإعادة تصميم حِزم الأجور، وتحسين نوعية لجان الأجور. وتعترف الورقة الخضراء بأنه حتى تقييم العلاقة بين الأجور والأداء يكاد يكون مستحيلا بسبب تعقيد حزم الأجور التي تجعل من الصعب حتى قياس الرقم الفعلي موضوع البحث. مقترحات الحكومة تعطي لفتة تشجيعية لإصلاح حزمة الأجور، ما يشير إلى أن فترات اقتناء الأسهم الممنوحة للمسؤول يمكن أن تمتد من حد أدنى مقداره ثلاث سنوات إلى خمس سنوات. لكن هذا ليس له تأثير يذكر في معالجة هذا التحدي. الحكومات المتعاقبة في المملكة المتحدة تزداد ولعا بفكرة أن "تسليط الضوء" على الممارسات التي لا يمكن الدفاع عنها سيغير السلوك. نشر الفجوة في الأجور بين الجنسين، وهو شرط للشركات الكبيرة من العام المقبل، أحد الأمثلة على ذلك. بعض الإصلاحات المقترحة المعروضة الآن، مثل نشر النسبة بين متوسط أجور الرؤساء التنفيذيين ومتوسط أجور الموظفين، من شأنه بالتأكيد أن يجعل الشذوذ أكثر وضوحا. لكن فكرة أن مجرد تسليط الضوء من الممكن أن يغير أيا من التجاوزات الفاضحة الأخيرة في المعايير المؤسسية المناسبة، تعتبر ضربا من السذاجة. أي من الاقتراحات في الورقة الخضراء الأسبوع الماضي لم يكن بوسعه إيقاف السير فيليب جرين عن التخلي عن المتقاعدين في BHS وتركهم وحدهم أمام مصيرهم. فقط تغيير التشريعات التي تحظر عمليات الاندماج والاستحواذ التي لا تشتمل على خطط من أجل سد العجز في المعاشات كان من الممكن أن يفعل ذلك. حقيقة أن الحكومة احتاجت إلى التدخل لتحسين مستويات سلوك الشركات أمر ينبغي لجميع مجالس الإدارات أن تشعر بالخجل منه. لكن لا يبدو أن ماي واضحة فيما يتعلق بمن تستهدف. للأسف، محاولات الورقة الخضراء تقديم مزيج صحيح من "معايير عالية وأعباء منخفضة" تفوِّت النقطة المستهدفة. يجب على الشركات أن تواجه احتمال فرض عقوبات حقيقية عليها، بدلا من أن تلجأ الحكومة إلى عمليات ترقيع هامشية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES