FINANCIAL TIMES

«جوجل» و«فيسبوك» تجعلان الحياة قاسية على الصحف الإقليمية

«جوجل» و«فيسبوك» تجعلان الحياة قاسية على الصحف الإقليمية

منذ عام 2007 انخفض توزيع الصحف الإقليمية في المملكة المتحدة من 50.5 ملايين نسخة أسبوعياً إلى 26.6 مليونا وتراجعت الإعلانات من 2.7 مليار جنيه إلى 977 مليونا.

بالنسبة لكثير من الصحافيين، تراجع الصحف المحلية بلغ مستوى منخفضا جديدا الأسبوع الماضي، عندما وجهت واحدة من أكبر شركات النشر في المملكة المتحدة دعوة إلى القراء للبدء بكتابة ونشر المواضيع بأنفسهم. لكن بالنسبة لأعمال الصحف الإقليمية في بريطانيا، محاولة "نيوزكويست" إنشاء جيش جديد من الصحافيين الناشئين ليست المثال الوحيد على التدابير المتطرفة التي يتخذها بعض أصحاب الصحف للبقاء على قيد الحياة. فعلى مدى العقد الماضي، بعض الصحف المحلية الفخورة فيما مضى، مثل "ليفربول إيكو"، و"نيوكاسل كرونيكل"، و"يوركشير بوست"، تضررت بسبب إعصار التغيير الهيكلي. الإعلانات المبوبة التي وصفها روبرت ميردوك في الماضي بأنها "أنهار من الذهب" تلاشت قبل أعوام مع انتقال إعلانات العقارات والوظائف إلى الإنترنت في بداية العقد الأول من الألفية. هذا التحول إلى الرقمية تبعه انهيار في إيرادات التوزيع والإعلانات المطبوعة. وفقا لبيانات من شركة تحليل وسائل الإعلام، إندرز، منذ عام 2007 توزيع الصحف المحلية انخفض إلى النصف؛ من 50.5 مليون نسخة أسبوعيا إلى 26.6 مليون. وفي الوقت نفسه، انخفضت الإعلانات المطبوعة من 2.7 مليار جنيه إلى 977 مليون جنيه. بسبب مثل هذه المجموعة الشاقة من المشاكل، لجأ أصحاب الصحف المحلية إلى التكاليف، وتصويب الأوضاع، والاستثمار في خدمات ومنتجات الإنترنت. أكبر ثلاثة لاعبين في المملكة المتحدة؛ "ترينتي ميرور"، و"نيوزكويست"، و"جونستون برس"، التي تسيطر فيما بينها على نصف سوق الصحافة المحلية البريطانية، زادت حركة المرور الخاصة بها على الإنترنت بشكل كبير على مدى الأعوام السبعة الماضية - من 20.7 مليون مستخدم شهري في النصف الأول من عام 2009 إلى 86.4 مليون خلال الفترة نفسها من عام 2016. سايمون فوكس، الرئيس التنفيذي لمجموعة ترينتي، يقول: "نحن نستثمر بشكل كبير في جعل مواقعنا الإلكترونية مفيدة وذات قيمة. إذا نظرنا إلى الأخبار العالمية أو الوطنية، نجد أن هناك كثيرا من المصادر. لكن إذا أردنا معرفة ما يحدث في مانشستر، عندها نحن المصادر. نحن نملك مكانة فريدة من نوعها في هذه المجتمعات المحلية". لكن، باعتراف فوكس، التحدي الكبير للصحف المحلية هو كيفية تحويل هذه الجماهير الرقمية المتنامية إلى إيرادات وأرباح. هذه المهمة أصبحت أكثر صعوبة بسبب الهيمنة المتزايدة لمجموعتي التكنولوجيا الأمريكيتين، فيسبوك وجوجل، اللتين توفران للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم طريقا أكثر مباشرة للزبائن. هنري فور ووكر، الرئيس التنفيذي لمجموعة نيوزكويست، يقول إن الصحف والمواقع الإلكترونية توفر بديلا قويا للمعلنين المحليين. ويستشهد بواحدة من الصحف التابعة له، "يورك فري بريس"، التي تجذب الآن بانتظام 75 في المائة من السكان البالغين في يورك. يقول فور ووكر: "نتيجة لتلك المشاركة، 30 في المائة من إيرادات الإعلانات لدينا تأتي الآن من الصحافة الرقمية في يورك. أنا لا أقول إن المهمة انتهت، لكن الكثير من أعمالنا المحلية تقدم أداء جيدا فعلا". لكن الواقع الوحشي بالنسبة لكثير من شركات النشر هو أن أي تقدم حققته على الإنترنت تعرض للأذى بسبب موجة جديدة من التراجع في العام الماضي. ووفقا لشركة إندرز، إيرادات الإعلانات المطبوعة انخفضت بشكل حاد منذ مطلع العام ويمكن أن تنخفض بنسبة تصل إلى 20 في المائة في عام 2016، مع فرض جوجل وفيسبوك هيمنتهما بدرجة أكبر. يقول دوجلاس ماكيب، المحلل في شركة إندرز: "مضت فترة كان يبدو فيها أن الصحافة الرقمية يمكن أن تبدأ في تعويض التراجع في الصحافة المطبوعة. لكن الكثير من الاتجاهات العامة أصبحت أسوأ. التقارب أصبح تباعدا". هذا أجبر المجموعات الأكبر على السعي للحصول على مزيد من التوفير في التكاليف من خلال فصل الموظفين الزائدين عن الحاجة وإغلاق الصحف. "ترينتي ميرور"، مثلا، ملتزمة بتحقيق توفير لا يقل عن 20 مليون جنيه هذا العام. "جونستون برس" التي تملك 200 صحيفة في أنحاء المملكة المتحدة، بما في ذلك "آي" و"يوركشير بوست" و"ذا سكوتسمان"، تنتهج طريقا مختلفا من خلال بيع بعض من الصحف الأسبوعية الأصغر التابعة لها، مثل "آيل أوف مان"، إلى شركات نشر منافسة. عمليات البيع هذه جزء من خطة أوسع لتحويل الشركة التي فقدت 80 في المائة من قيمتها السوقية في العام الماضي. هذه التخفيضات أثارت تساؤلات خطيرة بشأن مستقبل الصحافة في المملكة المتحدة. تقول لورا دافيسون، من الاتحاد الوطني للصحافيين: "الطريقة الوحيدة التي لا تزال تجعل هذه المجموعات تحقق الأرباح هي من خلال إجراء التخفيضات". أحد المراسلين منذ أعوام طويلة في صحيفة يومية إقليمية يقول إن ضغط إنجاز المزيد بعدد موظفين أقل أصبح لا يطاق. ويضيف: "من المفترض أن تسجل مقطع فيديو، وأن تستخدم فيسبوك لايف، وتجمع المعلومات للموضوع المكتوب - عملك في النهار - كل هذا في الوقت نفسه. إنه أمر مستحيل (...) تشعر كأنك برغوثة على ظهر فيل، الذي هو مجموعات وسائل الإعلام الاجتماعية الهائلة هذه". هناك أيضا مخاوف من "العجز الديمقراطي" في الوقت الذي تقلص في الصحف تغطية المؤسسات المحلية المهمة، مثل المحاكم والمجالس. لمعالجة هذا الأمر تم تشجيع شبكة "بي بي سي" من قبل الحكومة على إنفاق ثمانية ملايين جنيه سنويا، بدءا من أيار (مايو) 2017، على تمويل 150 مراسلا محليا يمكن أن تستخدمهم المجموعات الإخبارية الأخرى. وسط هذه الكآبة، الظهور الأخير لصحف محلية نشطة جديدة في أنحاء البلاد يشير إلى أن الرغبة في الحصول على الأخبار والمحتوى الذي يركز على المجتمعات المحلية لا تزال موجودة. قبل عامين تعاونت كيت وايت، وهي صحافية تعمل لحسابها الخاص، مع مارك ماكجينلي، أحد مديري وسائل الإعلام الاجتماعية، لإطلاق "بيكهام بكيولير" جنوبي لندن. وتم تمويل الصحيفة التي تصدر ست مرات سنويا، من خلال تمويل جماعي بقيمة خمسة آلاف جنيه ويصفها محرروها بأنها "رسالة حب إلى بيكهام"، مع التركيز الشديد على استعراضات المطاعم، ومقالات خاصة عن الشخصيات المحلية وتصوير الأزياء والتصميم. تقول وايت، التي أطلقت أخيرا طبعة جديدة لمنطقة ديلويتش المجاورة: "المواضيع 100 في المائة عن المناطق التي نمثلها. إنها متخصصة جدا وهذا يناسب المعلنين المحليين. نحن ببساطة لا نتنافس مع الصحف المحلية الكبيرة، لكننا نوفر شيئا مختلفا جدا عن فيسبوك". أمر غريب ربما. لكن النجاح غير المتوقع لهذه الصحيفة قد يوفر تماما بعض الراحة لشركات الأخبار المحلية المتضررة، في الوقت الذي تحاول فيه بناء مستقبل في مشهد رقمي مزدحم على نحو متزايد.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES