خطيب الحرم: الإرهاب الفكري الإلكتروني الخطير لا يزيد السعودية إلا تماسكا وتلاحما

خطيب الحرم: الإرهاب الفكري الإلكتروني الخطير لا يزيد السعودية إلا تماسكا وتلاحما

جانب من خطبة الجمعة في المسجد الحرام أمس. "واس"

أكد الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام، أن من فضل الله على بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية أن جعلها قلب أهل السنة والجماعة، ومحط أنظار العالم الإسلامي، والثقل العالمي بعامة، تتفيأ في تاريخها الإسلامي المشرق، عقيدة سلفية، ودعوة إصلاحية تجديدية، ومنهجا وسطيا معتدلا، ترسمت هدي سيد الأنبياء، والصحابة الفضلاء، وأئمة الهدى الأتقياء الأوفياء، في العمل بالكتاب والسنة ومجانبة البدع والخرافات، والآراء الشاذة والضلالات، فأسفرت عن التمكين المكين لهذا الدين المتين، فكانت أنموذجا واقعيا لتجدد المنهج السلفي السني وصلاحيته لكل زمان ومكان. وأضاف: ولهذا كانت السعودية محل استهداف أعدائها، الذين تعج بهم بعض وسائل الإعلام الجديد ومواقع التواصل، وما فيها من الأكاذيب والشائعات ضد هذه البلاد وعقيدتها وقيادتها وعلمائها، في إرهاب فكري إلكتروني خطير، مما لا يزيدها إلا تماسكا وتلاحما والولاء لها، ولاء لأهل السنة والجماعة عامة، وأن استهدافها في أمنها ووحدتها استهداف لأهل السنة والجماعة قاطبة. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس، في المسجد الحرام إنه في ظل التحديات والأزمات المعاصرة واحتدامها، وجديد المتغيرات والصراعات واشتدادها، تعتري بعض القلوب سجف الشبهات الغدافية، والخواطر الجانحة غير السوية، التي تعيق مسيرة الأمة الفكرية والحضارية، وتحتم بين الفينة والأخرى وقفة جادة لتصحيح المسار، وإبراز المعالم الحقة وتجلية الشعار، وبيان المنهج المتلألئ الوضاح الذي كان عليه السلف الصالح أهل السنة والجماعة رضي الله عنهم أجمعين فهم خير الناس، على مر العصور واختلاف الأجناس. وأضاف: الارتباط التاريخي الوثيق، والانتماء الحضاري العريق يؤكد أنه ليس غير العقيدة الإسلامية الصافية جامعا للعقد المتناثر، ومؤلفا للشتات المتناكر، وناظما للرأي المتنافر، وهذا هو المعلم الأول من معالم المنهج الوضاء لسلفنا الأصفياء من الصحابة الأتقياء، والتابعين الأوفياء، يتوج هذا المعلم الإخلاص في القول والعمل، والرجوع إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة في كل صغيرة وكبيرة. وبين الشيخ السديس أن من هنا يتبين أنه لا إشكال في تحديد المصطلح لأهل السنة والجماعة، فهو يسع أهل الإسلام والملة أتباع الكتاب والسنة، في منهج يتسامى عن الطائفية والمذهبية، والعصبية والحزبية، وإن من القصور في التصور والنظر، وضعف المعرفة وقلة الإدراك، قصر هذا المنهج الوضاء على مذهب معين، أو علم مبين، أو مكان أو زمان محددين، فهم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية. وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن من المعالم اللألاءة لمنهج أهل السنة والجماعة شعيرة من أخص خصائصهم، بل سمة بارزة من سمات منهجهم الأغر، حتى نسبوا إليها وعرفوا بها؛ إنها شعيرة لزوم الجماعة، وما تقتضيه من السمع والطاعة، فالسلف رضي الله عنهم ومن سار على دربهم وهداهم بعيدون كل البعد عن مسالك الفرقة والخلافات، والتقسيمات والتصنيفات التي تمزق الجمع النظيم، وتبدد الشمل الكريم. وذكر أن من أعظم معالم المنهج السلفي منهج أهل السنة والجماعة التوسط والاعتدال في الأقوال والأعمال، ومحض الوسطية التزام هدي خير البرية ظاهرا وباطنا، واتباع هدي الخلفاء الراشدين المهديين وسائر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، والبعد عن البدع والمحدثات، ومخالفة أهل الأهواء والضلالات. وأفاد بأن التمسك بمنهج السلف الصالح لا ينافي الأخذ بالتجديد في وسائل وآليات العصر والإفادة من معطياته وتقنياته، في مواكبة للمعطيات والمكتسبات، ومواءمة بين الثوابت والمتغيرات والأصالة والمعاصرة. وأوضح أن مما يثير الأسى أن يوجد أقوام من أبناء الملة في أعقاب الزمن والخلف قد فرطوا فيما كان عليه منهج السلف فاستقوا كثيرا من المزال، من مشارب أهل الزيغ والضلال، وخالفوا الأسلاف النجباء، ومنهجهم البين الوضاء، فقذفوا بأنفسهم في مراجل الفتن العمياء، والمعامع الهوجاء، وزجوا ببعض أبناء الأمة بإسراع إلى بؤر الفتن والصراع تحت رايات عمية، ودعوات جاهلية، في بعد واضح عن الاعتدال والوسطية، وتشويه لشعيرة الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام وضوابطه الشرعية، بل وأغروهم ببعض الأعمال الإرهابية، من تدمير للممتلكات، وتفجير للمساجد والجامعات والمستشفيات مخالفين صحيح المنقول، وصريح المعقول، ومنهج السلف المصقول، ودون مراعاة لمقاصد الشريعة ومآلاتها، والسياسة الشرعية وهداياتها. وأضاف الشيخ السديس: وآخرون ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، يلوحون بأجوف الوعيد، ويتردون في مهاوي العصبية والتهديد، انهمكوا في غواياتهم، وتغولوا في عماياتهم، أقوالهم من أكبر الكبائر، وأفعالهم من أبين الجرائر، وهل من الكياسة أو الحكمة والحصافة، توظيف المآسي والأزمات لتوجهات سياسية وانتماءات فكرية، أو رفع الشعارات والمزايدات والتجريح والاتهامات، وهذا تفريط وجفاء، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، ولن يخدم الأمة ويرعى مصالحها؛ جاهل أو أحمق، أو خائن أو منفر، أو متفحش من الخفافيش أو الرويبضة، ومن شدد نفر ومن لان تألف، والخير كل الخير في اتباع من سلف. وذكر الشيخ السديس أن من المعالم العظمى، والقيم المثلى لأهل السنة والجماعة، ربط العقيدة بالأخلاق والقيم، وتعظيمهم لأمر الدماء والبعد عن مسالك العنف والتكفير، والخروج على الأئمة وحمل السلاح على الأمة، أو نقض البيعة الشرعية اللازمة في العسر واليسر، والمنشط والمكره عقيدة وعبادة وقربة، لأجل مصالح دنيوية أو توجهات فكرية، والقاعدة الشرعية تنص على أن حكم الإمام في الرعية منوط بالمصلحة، وعفة ألسنتهم عن إثارة الفتن وترويج الشائعات المغرضة. وفي المدينة المنورة تحدث الشيخ الدكتور علي الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي، في خطبة الجمعة أمس، عن الموت، بوصفه نهاية كل حي، ومآل كل إنسان في هذه الدنيا، مذكرا بأهمية الاستعداد للموت والعمل لما بعده، والانصراف عن متاع الحياة الدنيا، وإخلاص العبودية لله وحده لا شريك له.
إنشرها

أضف تعليق