المشراق

رحلات العرب في العصر الحديث إلى أوروبا

رحلات العرب في العصر الحديث إلى أوروبا

صورة التقطها أحد الرحالة العرب لمدينة أوروبية.

رحلات العرب في العصر الحديث إلى أوروبا

رفاعة الطهطاوي

رحلات العرب في العصر الحديث إلى أوروبا

محمد كرد علي

رحلات العرب في العصر الحديث إلى أوروبا

أحمد فارس الشدياق

رحلات العرب في العصر الحديث إلى أوروبا

عبد الوهاب التازي

قرأت عن جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلات العربية، وهي جائزة تشجع الخوض في الكتابة والتحقيق والتعليق على كتب الرحلات والسفر عبر العصور لمختلف البلدان خاصة في العصر الحديث، إيمانا منهم في كشف الوجه الآخر للعربي ونظرته للعالم، وقراءة تفاصيل مشاهداته وتجاربه وانطباعاته حول ما قد عاشه في هذه البلدان، فتجربة الرحالة العربية ازدهرت بين نخبة المثقفين العرب في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الميلادي، وانخرطوا في تسجيل ملاحظاتهم العلمية حول ما قد رأوه في العالم الغربي الأوروبي على وجه الخصوص، من تطور صناعي واقتصادي واجتماعي وعمراني، والحريات والحقوق والعدالة والمساواة، لذلك قدمت كتب الرحلات ثروة معرفية ضخمة باعتبارها مزيجا من علم الأنثروبولوجيا والجغرافيا والتاريخ والسيرة الذاتية والمعرفة والنهضة، عند وضعها في إطارها التاريخي والزمني. #2# فكتب الرحلات تقدم كثيرا من الغرائب والطرائف والعجائب، وتكشف طريقة وعي العربي للأوروبي ونظرته للحياة، وتوضح أيضا الأفكار التي من الممكن أن تطرح من خلال كاتب الرحلة في توصيل مبادئه وآرائه، ومعرفة العصر الذي يعيش فيه وتميز الصعوبات التي تواجههم في تسجيل رحلاتهم خشية أمور كثيرة تدخل في تفاصيلها عندما تتعمق في قراءة كتب الرحلات في القرن التاسع عشر والعشرين الميلاديين. دوافع رحلات العرب إلى أوروبا خاصة اختلفت وشملت دوافع عدة كدافع البحث عن جديد، أو عن عالم مختلف لإشباع رغبات الفضول في معرفة الآخر وفهمه، أو لطلب العلم، أو الانخراط في بعثة علمية مرسلة من حاكم أو والي للسعي لتطوير مجتمعه والنهضة به بجلب الجديد ومحاكاة للتجارب العالمية في النهضة، أو للاستكشاف والتغيير، أو لإقامة العلاقات الدبلوماسية. #3# فوجدت عددا من الرحلات التي تندرج تحت هذا التصنيف وكان أبرزها: "رحلتي الأولى إلى فرنسا"، عبدالوهاب التازي: عبدالوهاب التازي ولد في سنة 1921 بفاس، ونال شهادات عالمية من جامعة القرويين وعين أستاذا فيها، وعمل في السفارات ممثلا بلده في دول عربية عدة، فهو مؤرخ وأديب وكاتب ودبلوماسي، سافر إلى فرنسا في سنة 1952، وسجل رحلته هذه التي تقع في 144 صفحة من القطع المتوسطة، ورحلته لها أهميتها بين كتب أدب الرحلات خاصة في الظروف التي كانت تمر بها البلاد العربية ولا سيما شمال إفريقيا من المستعمر الفرنسي، فكتب عن حياة الشعب الفرنسي وسجل تفاصيلها، بطريقة لا تخلو من دقة الملاحظة في عالم الأسرة الفرنسية واصفا العلاقات وأنواع الطعام، وطريقة التقديم وغيرها. بعد أن أنهيت قراءة رحلته، شدني الفضول أكثر في القراءة حول الرحالة العرب والتقصي عن رحلاتهم في العصر الحديث إلى أوروبا ودوافعهم للرحلة، ومدى الاستفادة من المعلومات المدونة في رحلاتهم بشتى أمور الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فكما قال عبدالوهاب التازي: إن الرحلة عنصر قوي في تكوين الإنسان، فهي تعرف المرء بالآخرين وتجعله دوما على صلة بواقعهم"! #4# "تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، رفاعة رافع الطهطاوي: ولد رفاعة الطهطاوي في طهطا، أحد مراكز محافظة سوهاج في صعيد مصر سنة 1801. وكان ضمن بعثة علمية مرسلة من قبل محمد علي باشا على متن السفينة الحربية في سنة 1826 والمتوجهة إلى فرنسا كواعظ وإمام للطلبة المصريين لدراسة العلوم الحديثة، وما فعله الطهطاوي فاق التصور؛ فقد اجتاز الجميع وتعلم الفرنسية في مدة لا تزيد على خمس سنوات، وأخرج هذه الرحلة التي بدا ظاهرا فيها الصراع الفكري المتأرجح بين التحفظ والتنوير باعتباره ممثلا لعلماء الأزهر، فكغيره سعى إلى نشوة التغيير والسير على خطى الفرنسيين ودمج الثقافتين العربية والغربية، وهذا ما نراه في كثير من مؤلفات معاصري الطهطاوي في تلك الحقبة التاريخية، وقد ذكر الطهطاوي أن سبب كتابته للرحلة يتجلى في خدمة وطنه مصر عن طريق نقل علوم الغرب إلى مواطني مصر لتسع مداركهم وتسمو أفكارهم"! فقد كان منبهرا بالجديد المتطور الذي شاهده في باريس وحاول جاهدا نشره في مصر. #5# "كشف المخبا عن فنون أوروبا"، أحمد فارس الشدياق: أحمد فارس الشدياق، أديب وشاعر ولغوي ومؤرخ، وأحد رواد النهضة العربية الحديثة، وصف بعدة أوصاف منها: السياسي الشهير والصحافي ذائع الصيت، وقد نشرت هنداوي للتعلم والثقافة كتابه سنة 2012، المكون من 313 صفحة من القطع المتوسطة، امتازت رحلته بزيارة ثلاث دول وهي مالطا وإنجلترا وفرنسا، استعرض فيها كثير من التفاصيل المهمة، واصفا ومحللا أسباب النهضة الأوروبية باذلا جهده في إيجاد خطوط عريضة لتأسيس نهضة عربية مطوعا في ذلك كثيرا من الأنظمة والقوانين الغربية في جميع المجالات وبما يخص الأنظمة الاقتصادية والمرأة والمجتمع. "غرائب الغرب" محمد كرد علي: محمد كرد علي مفكر وأديب سوري، ولد في دمشق لأب كردي وأم شركسية وتلقى تعليما تقليديا، أجاد اللغات الفرنسية والتركية، ألف عديدا من الكتب ذات الاهتمام التاريخي والفلسفي والأدبي، فكتب مشاهداته في رحلته غرائب الغرب، الذي صدر في جزأين، سنة 1923 من المطبعة الرحمانية في مصر، كان الغرض من رحلته طلب العلم، والوقوف على منابع قوة الحضارة الغربية بعد أن تعرض لبعض المضايقات في بلاده لا سبيل لذكرها، امتدت رحلته لعدد من الدول الأوروبية بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وسويسرا وإيطاليا وإسبانيا والنمسا وغيرها، في ثلاث فترات متفرقة بدأت من عام 1909 وانتهت في عام 1922، فدرس من خلال زيارته الشعب الأوروبي حضاراتهم وطرق تعليمهم ومعاهدهم التي انتجت كثيرا من المفكرين والعلماء والأدباء، محاولا تسجيل كل ما هو غريب وعجيب في أوروبا. "رحلة الصفار إلى فرنسا" محمد بن عبدالله الصفار: كتب محمد بن عبدالله الصفار الأندلسي التطواني رحلته بعنوان "رحلة الصفار إلى فرنسا 1845 - 1846"، ونشرت بتحقيق الدكتورة سوزان ميللر وترجمة الدكتور خالد الصغير، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في سنة 2007، هي في الأصل مخطوطة مكونة من 137 صفحة، وزاد عدد صفحاتها عند تحقيقها إلى 325 صفحة بسبب دواعي الترجمة والنقل. سجلت أحداث هذه الرحلة عندما كان صاحبها يعمل كاتبا عند السفير المغربي عبدالقادر أشعاش المبعوث الدبلوماسي لفرنسا من قبل السلطان عبدالرحمن بن هشام، بهدف معرفة تفاصيل الحياة في فرنسا ومنابع قوتها. لكن السؤال الذي نختم به حديثنا هل استفاد العرب حقا من كتب الرحلات العربية إلى أوروبا في رسم خططهم المستقبلية وطريقة التعامل معهم، كما استفاد الغربيون من كتب رحلاتهم إلى العالم الإسلامي والعربي؟
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق