أخبار اقتصادية

«الصمت» البريطاني بشأن خطة «الخروج الأوروبي» يثير قلق المستثمرين

«الصمت» البريطاني بشأن خطة «الخروج الأوروبي» يثير قلق المستثمرين

الحكومة البريطانية تناور للحصول على أكبر المكاسب قبل تفعيل آلية الخروج الأوروبي.

انتقد معهد أبحاث بريطاني مستقل صمت حكومة لندن بشأن خطط الخروج من الاتحاد الأوروبي وتسلسله الزمني. وبحسب "رويترز"، فقد رأى خبراء معهد "إنستيتيوت فور جافرنمنت" في تقريرهم أن "الصمت ليس استراتيجية"، وأن على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي المسارعة لتوضيح كيف ستسير مفاوضات الخروج مع الاتحاد الأوروبي، وأن تقول على وجه الخصوص متى ستبدأ المفاوضات، معتبرة أن هذا الغموض سيؤدي إلى عدم الاستقرار بالنسبة للشركات التي تعمل في بريطانيا. وأوضحت مؤسسة "إنستيتيوت فور جافرنمنت" البحثية في بريطانيا، وهو بمنزلة مؤسسة بحثية مهمتها تحسين فعالية الحكومة، أن الصمت بهذا الشأن يسبب الارتباك والتردد، وهناك نقص شديد في المعلومات حول كيفية تخطيط الحكومة للمضي فيما يلي من خطوات عقب تصويت بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي في حزيران (يونيو). وأشارت المؤسسة إلى أن صمت رئيسة الوزراء حول الطريقة التي تعتزم من خلالها الوصول إلى موقع مبدئي للتفاوض يثبت أنه ينطوي على إشكاليات، وحثت المؤسسة حكومة ماي على التحرك سريعا نحو توضيح خطتها. وتابعت المؤسسة ومقرها لندن أن التخطيط من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يكلف الحكومة نحو 65 مليون جنيه استرليني (85 مليون دولار) سنويا، كما يتطلب توظيف 500 موظف مدني إضافي، وقالت هانا وايت، التي شاركت في كتابة التقرير: "الصمت ليس استراتيجية". وكانت أغلبية البريطانيين قد قررت من خلال استفتاء شعبي في حزيران (يونيو) الماضي الخروج من الاتحاد الأوروبي وهو ما يستوجب قيام لندن بمفاوضات رسمية مع بروكسل لتنفيذ هذه الرغبة الشعبية. واكتفت ماي حتى الآن بالإشارة إلى أنها ستفعل ذلك أواخر العام الجاري، أما الاتحاد الأوروبي فطالب بريطانيا في أعقاب الاستفتاء بالمسارعة في بدء هذه المفاوضات. ومن غير المستبعد أن تستمر هذه المفاوضات المعقدة نحو عامين، كما انتقد المعهد تولي ثلاث وزارات معنية أمر هذه المفاوضات وهي وزارة الخارجية و"وزارة الخروج" التي أنشئت حديثا لهذا الغرض وكذلك وزارة التجارة الدولية، ورأى المعهد أن مشاركة هذه الوزارات ستؤثر سلبا في أدائها بسبب تداخل الاختصاصات. وبعد ثلاثة أشهر من استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي لا يزال الغموض يلف نيات حكومة بريطانية منقسمة وموعد طلاق المملكة المتحدة والتكتل رغم توالي التصريحات من المسؤولين. وكان آخر من جازف بإعلان موعد لبداية مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي وزير الخارجية بوريس جونسون الذي أعلن بداية 2017 موعدا لتفعيل إجراءات الخروج. وذكر جونسون لقناة سكاي نيوز: "نبحث مع أصدقائنا وشركائنا الأوروبيين بهدف توجيه الرسالة التي تتضمن البند 50 من معاهدة لشبونة بداية العام المقبل". لكن سريعا ما جاء رد فعل من المتحدث باسم رئيسة الحكومة تيريزا ماي مكررا أن موقف الحكومة لم يتغير، ولن نفعل البند 50 قبل نهاية 2016 وسنستغل هذا الوقت للتحضير للمفاوضات. والحكومة البريطانية منقسمة بين أنصار خروج "قاس" يريدون أن يتم سريعا من الاتحاد الأوروبي والسوق الموحدة لاستعادة السيطرة على الحدود والحد من الهجرة، وأنصار خروج "ناعم" مع درجة معينة من الوصول إلى السوق المشتركة وأخرى من السيطرة على الهجرة. ويذكر مسؤولو الاتحاد الأوروبي في كل مناسبة أن الوصول إلى السوق المشتركة لا يمكن فصله عن حرية تنقل الأفراد، رافضين بذلك إمكان وضع قيود على هجرة مواطني دول الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا. وبين أبرز أنصار الخروج القاسي السريع من الاتحاد الأوروبي وزير الخارجية بوريس جونسون الذي كان من قادة حملة الخروج من الاتحاد في الاستفتاء. ويدعم جونسون مجموعة ضغط "تغيير بريطانيا" التي تهدف إلى دفع تيريزا ماي باتجاه الخروج من الاتحاد، وسجل لهذه المجموعة رسالة يؤكد فيها أن مغادرة التكتل يجب أن تعني لبريطانيا استعادة السيطرة على قوانينها وحدودها ومالها وتجارتها. ويمثل جونسون مع زميله ديفيد ديفيس الوزير المكلف بملف الخروج من الاتحاد ووزير التجارة الدولية ليام فوكس الثلاثي المدافع عن هذا الموقف في الحكومة، وتجد تيريزا ماي صعوبة في السيطرة على جموحهم. وانتقد فوكس رجال الأعمال البريطانيين "الكسالى" الذين يفضلون ممارسة رياضة الجولف على السعي لانتزاع عقود تصبح أكثر سهولة بفضل الخروج من الاتحاد. واختارت تيريزا ماي عمدا التكتم قبل بدء المفاوضات، وأشارت أمام البرلمان إلى أن حكومتها لا تكشف نياتها بشكل سابق لأوانه. ويطول الغموض أيضا رجال الأعمال، فبحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" فإن المسؤولون الذين تستشيرهم الحكومة بانتظام بشأن توقعاتهم من الخروج من الاتحاد الأوروبي، يجدون صعوبة في فهم الجهة المكلفة بالأمر، وأشار وزير المالية فيليب هاموند إلى أن الأمر بالغ التعقيد حاليا. وعلق توني تريفيرز الأستاذ في معهد لندن للاقتصاد قائلا: إنهم يواجهون صعوبة في إدارة خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي يوما بعد يوم، وتزداد التباينات وضوحا بين مختلف الوزراء ورئيسة الحكومة. ولذلك فإن طرح الفرضيات سيستمر بشأن موعد بدء إجراءات طلاق المملكة والاتحاد، فهل يكون في بداية 2017 أم في نهاية العام المذكور بعد انتخابات فرنسا وألمانيا؟ في هذا الوقت، يمكن لتيريزا ماي أن تجد إجابة حول نيات الناخبين، وأشارت دراسة حديثة للاستطلاعات أعدها الخبير جون كورتيس إلى أن أغلبية البريطانيين مستعدون للتسوية، مضيفة أنهم مع البقاء في السوق الأوروبية المشتركة ولكن ليس بأي ثمن، وشرط استمرار السيطرة على الهجرة إلى درجة معينة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية