أخبار اقتصادية

بعد قرار «أوبك» خفض الإنتاج .. مؤسسات مالية تتوقع ارتفاع الأسعار 10 دولارات

بعد قرار «أوبك» خفض الإنتاج .. مؤسسات مالية تتوقع ارتفاع الأسعار 10 دولارات

السعادة والتفاؤل باديان على محيا أمين "أوبك" ووزير الطاقة الجزائري ونظيره القطري عقب اجتماع الجزائر. "أ ب"

سادت ردود فعل إيجابية واسعة في الأسواق وعمت حالة من التفاؤل أوساط صناعة النفط في العالم، بعد أن فاجأت منظمة "أوبك" السوق في الجزائر باتخاذ قرار بخفض الإنتاج، بعد تصريحات سابقة لكبار المسؤولين أكدوا فيها أن الاجتماع تشاوري، في ضوء صعوبات سابقة للتوافق بين المنتجين. وجاء قرار خفض الإنتاج كمفاجأة سارة وخطوة غير متوقعة انتظرتها السوق كثيرا، حيث إنه أول تخفيض للإنتاج منذ عام 2008 فيما توقعت مؤسسات مالية ومصرفية أن يقود القرار إلى ارتفاع سعر البرميل بنحو عشرة دولارات في فترة وجيزة. وكان المؤتمر الوزاري رقم 170 لمنظمة أوبك في الجزائر قد خلص إلى اتفاق الدول الأعضاء وهي 14 دولة على خفض الإنتاج إلى مستوى يراوح بين 32.5 و33.0 مليون برميل يوميا بدلا من مستويات سابقة اقتربت من 34 مليون برميل يوميا، ووصفت "أوبك" دوافع القرار الرئيسية بأنها التوافق على ضرورة الإسراع في سحب الزيادة المستمرة في مستوى المخزونات النفطية ودفع جهود إعادة التوازن في السوق إلى الأمام. وعلى الرغم من هذه الخطوة المهمة والتاريخية لـ "أوبك" إلا أن بعض الأوساط المالية وصفت الاتفاق الجديد بالغموض بسبب عدم تحديد حصة كل دولة في الخفض وآليات التنفيذ، حيث تم إرجاء هذا الأمر إلى الاجتماع الوزاري المقبل في فيينا في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وأشادت الأوساط المالية بقرارات المؤتمر الأخرى خاصة إنشاء لجنة رفيعة المستوى تضم ممثلين من الدول الأعضاء، بدعم من أمانة "أوبك" لدراسة مستوى إنتاج الدول الأعضاء ووضع التوصيات والآليات الخاصة بتنفيذ الاتفاق. وعلاوة على ذلك، تقوم اللجنة بوضع إطار مشاورات رفيعة المستوى بين الدول المنتجة للنفط في "أوبك" وخارج "أوبك" بما في ذلك تحديد المخاطر واتخاذ تدابير استباقية من شأنها أن تضمن سوق النفط متوازنة على أساس مستدام والتحضير لعقد مؤتمر "أوبك" الوزاري في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وفي هذا الإطار، أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن العامين الماضيين شهدا عديدا من التحديات في سوق النفط العالمية التي نشأت أساسا بسبب الوفرة الواسعة والطفرة التي حدثت في المعروض النفطي، ونتيجة لذلك تهاوت الأسعار أكثر من النصف من قيمتها، في حين زادت حالة عدم الاستقرار وتفاقمت حالة التقلبات السعرية في السوق. وأشار تقرير للمنظمة – في ختام الاجتماع غير العادي في الجزائر أول أمس – إلى حدوث انخفاض واسع في عائدات الدول المصدرة للنفط وأيضا الشركات الدولية، ما يمثل ضغوطا واسعة على الوضع المالي للدول والشركات المنتجة وتسبب في عرقلة نموها الاقتصادي. ونوه التقرير بأن صناعة النفط واجهت تخفيضات كبيرة في الاستثمار وعلى نطاق واسع، ما تسبب في تسريح العمالة والتحذير من أخطار كبيرة محتملة بشأن إمدادات النفط التى قد لا تلبي الطلب في المستقبل مع وجود تأثير ضار في أمن الإمدادات. وقال التقرير "إن المؤتمر غير العادي ناقش تفصيلا ظروف السوق والتوقعات الفورية لتطوراتها، وخلص إلى أنه ليس من المستحسن أن يتم تجاهل الخطر المحتمل الناتج عن ارتفاع وتراكم المخزونات في المرحلة الحالية الذي من المتوقع أن يستمر لبعض الوقت، وقد ينعكس سلبا على السوق حاليا وفي المستقبل، ويؤدى إلى تأثير كبير يتمثل في تدهور الصناعة وضعف قدرات المنتجين والمستهلكين". وأوضح التقرير أنه استنادا إلى الحقائق السابقة قررت دول المنظمة إجراء حوار جاد وبناء مع الدول غير الأعضاء المنتجة للنفط الخام بهدف تحقيق الاستقرار في السوق وتجنب الآثار السلبية في المديين القصير والمتوسط. وأفاد التقرير أن المؤتمر خلص إلى أن هناك أرضية صلبة ومشتركة لدعم جهود التعاون المستمرة بين المنتجين داخل وخارج منظمة أوبك على حد سواء، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يساعد على استعادة التوازن والنمو المستدام في السوق. وأكد التقرير مجددا التزام "أوبك" المستمر من أجل الوصول إلى أسواق مستقرة وتحقيق المصالح المشتركة بين الدول المنتجة وتوفير إمدادات آمنة للمستهلكين، مع تحقيق عائد عادل على رأس المال المستثمر لجميع المنتجين. وأشار التقرير إلى أنه بعد تقييم شامل أجرته "أوبك" لوضع الطلب على النفط والإمدادات العالمية المتاحة، لاحظ المؤتمر أن الطلب العالمي على النفط لا يزال قويا، في حين إن توقعات الإمدادات في المستقبل تأخذ منحى سلبيا من جراء تخفيضات كبيرة جرت في الاستثمارات وعمليات التسريح الجماعي للعمالة. وشدد المؤتمر على التحديات الواسعة التي تواجه السوق في المرحلة الراهنة خاصة التحدي المتمثل في ضرورة سحب الفائض في مستويات المخزونات في الفترة المقبلة، مشيرا إلى حدوث انخفاض بالفعل في مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام في الأسابيع الأخيرة. إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا للاستشارات المالية، "إن إقدام "أوبك" على خفض إنتاجها حتى لو كان بمستويات طفيفة إلا أنه خطوة جيدة نحو العمل على استعادة التوازن في السوق، ويبقى أن يكون التنفيذ جيدا وبشفافية كبيرة وتحديد حصة كل دولة بشكل واضح خاصة إيران التي لا تزال تصر على رفع مستويات الإنتاج ونفس الأمر ينطبق على نيجيريا وليبيا والعراق". ونوه نوبل بضرورة توضيح موقف الدول الأربع المشار إليها، لأن حالة الغموض قد تقود إلى عودة المستويات المنخفضة للأسعار كما أنها قد تنعكس سلبا على مناخ الثقة بالسوق خاصة ما يتعلق بجدية التعاون بين المنتجين". من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور أمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، أن التحضيرات والاتصالات بين الدول المنتجة قبل اجتماع الجزائر كانت جيدة ومكثفة، والمفاجأة أن المؤشرات الأولية كانت تؤكد أنه لا تقدم في مجال خفض أو تجميد الإنتاج، ما جعل القرار مفاجأة جيدة للسوق التي تعانى تخمة واسعة في المعروض والمخزونات على مدار أكثر من عامين. وشدد فاسولي على ضرورة البناء على هذه الخطوة من خلال الاجتماعات اللاحقة خاصة اجتماع فيينا الذي من المفترض أن يحدد حصة كل دولة في الخفض، كما أنه سيوضح إذا كان هناك وضع استثنائي لأي دولة أم لا. ويقول لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إن القرار يعكس استشعار المنتجين بالخطر ورغبة الجميع في التعاون لاستعادة الاستقرار في السوق وتحقيق تعاف في مستوى الأسعار يدعم اقتصاديات الدول المنتجة، كما أن هناك توجسا ملحوظا من استمرار فائض المخزونات في الأسواق". على صعيد الأسعار، تراجعت العقود الآجلة للنفط أمس مع تنامي شكوك السوق في طريقة تطبيق "أوبك" خطة لتقليص إنتاج الخام بعد يوم من اتفاق المنظمة على ذلك. وكانت الأسعار القياسية قد واصلت بادئ الأمر مكاسبها التي بدأتها في الجلسة السابقة بعد قرار المنظمة خفض الإنتاج بين 700 و800 ألف برميل يوميا إلى ما بين 32.5 مليون و33 مليون برميل يوميا. لكن برنت والخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط نزلا عن أعلى مستوياتهما في أكثر من أسبوعين مع بدء تركيز السوق على غياب الحقائق الصلبة بخصوص الاتفاق. وقال مايكل مكارثي كبير محللي السوق لدى "سي.إم. سي ماركتس" في سيدني، "إن المستثمرين والمتعاملين متشككون ويتساءلون عن الغياب الكامل للتفاصيل وعن الإشكال المحتمل المتعلق بأي الدول ستخفض الإنتاج". وبحسب "رويترز"، فقد تراجع خام برنت 17 سنتا إلى 48.52 دولار للبرميل بعد أن ارتفع إلى 49.09 دولار عند فتح السوق وهو أقوى سعر له منذ التاسع من أيلول (سبتمبر)، وكان سعر التسوية لبرنت قد تحدد على ارتفاع 2.72 دولار بما يعادل 5.9 في المائة في الجلسة السابقة. ونزل خام غرب تكساس الوسيط أربعة سنتات إلى 47.01 دولار للبرميل بعد أن سجل 47.47 دولار وهو أعلى مستوى له منذ الثامن من أيلول (سبتمبر)، كان الخام الأمريكي قد صعد 2.38 دولار أو 5.3 في المائة أول أمس.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية