العالم

من إرث «أوباما»: دواعش في أمريكا .. وكارثة إنسانية في سورية

من إرث «أوباما»: دواعش في أمريكا .. وكارثة إنسانية في سورية

خلفت الأزمة السورية التي دخلت عامها السادس نحو 250 ألف قتيل وتسببت في نزوح أكثر من 11 مليونا.

قال مسؤولون وخبراء أمريكيون إن الولايات المتحدة أصبحت على هامش الحرب السورية إذ أنذر هجوم شامل للقوات السورية والروسية على المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب بإطلاق موجة جديدة من اللاجئين والدفع بمقاتلي المعارضة المدعومين من واشنطن إلى صفوف الجماعة التي كانت يوما جناح تنظيم القاعدة في سورية. ومع مشاركة موسكو المباشرة في الهجوم يتلاشى الأمل في جهود السلام الأمريكية الروسية وهو ما يزيد احتمالات أن يرث خليفة الرئيس الأمريكي باراك أوباما صراعا متفاقما وأحداثا إرهابية محلية تنسب غالبا لـ «داعش». مشكلة من الجحيم خلفت الأزمة السورية التي دخلت عامها السادس نحو 250 ألف قتيل وتسببت في نزوح أكثر من 11 مليونا وقدمت لتنظيم داعش قاعدة يشن منها هجمات ويشجع على شن هجمات في الغرب. وقال فريدريك هوف مستشار أوباما السابق لشؤون سورية ويعمل الآن في المجلس الأطلسي وهو مؤسسة أبحاث "بالنسبة للرئيس المقبل.. ستكون هذه مشكلة من الجحيم منذ اليوم الأول... إنها مشكلة ستظل قائمة بشكل أو بآخر خلال الفترة الأولى للرئيس المقبل وربما بعد ذلك". وأشار مسؤول أمريكي إلى أن خطط البيت الأبيض لكبح الفوضى في سورية أثناء ترك أوباما للرئاسة فشلت. وأضاف "كانوا يأملون أن يتمكنوا من تجنيب الرئيس المقبل فوضى متأججة... لكن ما حدث هو أن الفوضى المتأججة انفجرت ويتعين عليهم الآن التفكير فيما سيفعلونه". وقال مسؤولون أمريكيون طلبوا عدم ذكر أسمائهم إن روسيا اشتركت مباشرة مع القوات الحكومية السورية بطائرات ومدفعية بعيدة المدى ومستشارين من القوات الخاصة سعيا للسيطرة على شرق حلب أكبر معقل حضري للمعارضة المعتدلة المدعومة من الولايات المتحدة. وأضافوا أن مقاتلين شيعة من لبنان والعراق وأفغانستان شاركوا في الهجوم على المنطقة التي يعاني فيها ما يقدر بنحو 250 ألف شخص أعنف ضربات جوية منذ بدء الحرب. كل شيء مباح وقال مسؤول أمريكي "يشارك الروس بقوة في الهجوم الحالي بحلب. يبدو أنها محاولة مباح فيها كل شيء بهدف سحق المعارضة". وذكر المسؤولون أن الطيران الروسي يشن الطلعات بنفس الوتيرة - نحو 40 طلعة يوميا - مثلما كان الحال قبل أن تتفاوض واشنطن وموسكو بشأن وقف لإطلاق النار لم ينجح بين الحكومة السورية وقوى المعارضة في شباط (فبراير). ويرى بعض مسؤولي المخابرات الأمريكية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستغل رفض أوباما التدخل عسكريا في سورية والفترة الانتقالية من رئيس إلى رئيس في الولايات المتحدة حتى يسيطر على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي قبل أن يتسلم الرئيس الأمريكي الجديد المنصب. ويقولون إن روسيا لم تشارك بإخلاص في جهود صنع السلام وإن بوتين يهدف لإضعاف المعارضة في أسرع وقت ممكن وهو هدف ينجح تدريجيا في تحقيقه. وأعلنت دمشق عن الهجوم يوم الخميس مع فشل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف في إنقاذ وقف إطلاق النار الذي انهار يوم الإثنين. وكان من المفترض أن يقود وقف إطلاق النار إلى تعاون أمريكي روسي في الضربات الجوية ضد تنظيم داعش وجبهة النصرة التي كانت جناح تنظيم القاعدة في سورية قبل أن تنفصل عنه وتغير اسمها. خيارات أوباما لم يتضح بعد الطريق الذي سيسلكه أوباما. وقال هوف "يبدو أنه لا توجد خطة بديلة في الوقت الحالي". وسعى أوباما لتقييد التدخل الأمريكي في سورية ورفض مرارا اقتراحات مستشارين من بينها إقامة منطقة حظر جوي أو تسليح المعارضة المعتدلة التي تحارب للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وقال مسؤول كبير سابق ذو صلة بالسياسة الأمريكية المتعلقة بسورية "أحد الأمور التي تؤرقني بشدة أننا لم نسأل أنفسنا ما هي عواقب عدم التحرك.. لطالما ركزنا على عواقب التحرك.. لكن كان يجب أن نفكر أيضا في تأثير عدم فعل شيء لسنوات على مصداقية الولايات المتحدة والصراع على نطاق أوسع". وقصر أوباما الدور الأمريكي على دعم جماعات تحارب "داعش" في شمال شرق سورية وإجراء محادثات مع روسيا التي تدخلت كداعم للأسد في أيلول (سبتمبر) 2015 وذلك في سبيل اتفاق سلام بين دمشق ومقاتلي المعارضة المعتدلة المدعومين من واشنطن. وقال خبراء إن أوباما لم يعد بإمكانه التعويل على التوصل لوقف إطلاق نار يخفي الأزمة لحين أداء خليفته اليمين الدستورية في العشرين من كانون الثاني (يناير). وعبر تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط للأبحاث عن شكه في أن يتبع أوباما سياسة أكثر نشاطا. وقال "في ضوء موقف إدارة أوباما فيما يتعلق بالطريقة التي تواجه بها الحرب في سورية لا أتوقع تغييرا في الاستراتيجية. سيكون ذلك أكبر تغيير غير معتاد في السياسة الخارجية في السنوات الثماني الأخيرة". وقال مسؤولون وخبراء إن أوباما يواجه احتمال حدوث أزمة إنسانية قوية. فسقوط حلب قد يطلق موجة جديدة من المهاجرين الفارين إلى أوروبا التي تجد صعوبة بالغة في إيواء أكثر من مليون لاجئ منذ العام الماضي. وإضافة إلى ذلك فإن استياء مقاتلي المعارضة المدعومين من الولايات المتحدة مما يعتبرونه تخليا أمريكيا عن حلب قد يدفعهم للانضمام إلى الجماعة التي كانت يوما جناح القاعدة في سورية. ويقول مسؤولون أمريكيون وخبراء إن هذه الجماعة تعتبر على نطاق واسع أقوى جماعات المعارضة تأثيرا وترفض بشدة التوصل إلى تسوية مع الأسد عبر التفاوض. وقال ليستر الذي يجري اتصالات مع مقاتلين من المعارضة داخل سورية إن زعماء المعارضة يشعرون بخذلان متزايد بسبب الجهود الأمريكية للتفاوض بشأن حل دبلوماسي مع أكبر داعم عسكري للأسد. وأضاف "الأمور تتدهور بسرعة شديدة الآن. الولايات المتحدة تفقد السطوة على الأرض كل أسبوع".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من العالم