التجارة الإلكترونية في منطقة «رمادية» وبدون قوانين موحدة

التجارة الإلكترونية في منطقة «رمادية» وبدون قوانين موحدة

مبيعات التجارة الإلكترونية منتعشة في الصين وأوروبا وأمريكا.

لا تزال الأحكام المتعلقة بالتجارة الإلكترونية في المنطقة الرمادية من لوائح منظمة التجارة العالمية، إذ لم تصغ الدول الأعضاء في ا لمنظمة حتى الآن اتفاقية متعددة الأطراف تضع أحكام تنفيذ هذه التجارة التي تحقق ازدهارا متسارعا عاما بعد عام، خاصة في الولايات المتحدة، والصين، والاتحاد الأوروبي. وحسب أرقام غير رسمية، فإن شركتين أمريكيتين فقط، هما "أبل إنكوربوريشين"، و"إي باي إنكوربوريشين" سجلتا مبيعات بقيمة 342 مليون دولار من مبيعات التجزئة الإلكترونية في 2015. أما الصين فتعتبر حاليا أكبر سوق في العالم في مبيعات التجزئة الإلكترونية، حيث تعتبر شركات التجارة الإلكترونية الصينية مثل "جي دي دوت كوم"، و"تينسنت هولدنكس ليميتد"، و"على بابا جروب هولدنك ليميتد"، و"بايدو إنكوربوريشين" من بين أكبر شركات العالم في الإنترنت. وعلى نحو محدد، فإن منظمة التجارة لم تقرر حتى الآن ما إذا ينبغي اعتبار التجارة الإلكترونية على أنها سلعة أم خدمات، كما بقي غير واضح ما إذا ينبغي إدارة التجارة الإلكترونية تحت إطار الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات أو الاتفاقية العامة بشأن التعريفات والتجارة. من جهتها، وضعت الولايات المتحدة سلسلة من المفاهيم والمصطلحات يمكن اعتبارها جزء من جهود منظمة التجارة العالمية لوضع أحكام تجارية للتجارة الإلكترونية، وهي أول أحكام من نوعها قد تتبناها المنظمة في نهاية العقد الحالي لتسهيل تدفق الاستثمارات، وتعزيز تجارة السلع والخدمات، وتقليص تكلفة التجارة، والوصول إلى شبكة أوسع من المشترين. ورغم أن "الاقتصادية" لم تتمكن من الاطلاع على المذكرة الأمريكية لعدم خضوعها للنقاش داخل لجان المنظمة بعد، إلا أن مصدرا في الوفد التجاري الأمريكي أوضح لـ "الاقتصادية" أن الوثيقة لا تدافع عن جدول أعمال محدد لمفاوضات تجارية تتعلق بالتجارة الإلكترونية، لكنها جاءت لتطوير بيئة قانونية وتشريعية عالمية تسهل نمو التجارة الرقمية في وقت أبدت فيه الدول الأعضاء اهتماما متزايدا بتأطير التجارة الإلكترونية. وأضاف المصدر أن الولايات المتحدة قدمت في وثيقتها أكثر من اثنتا عشرة قاعدة في سياسات التجارة الإلكترونية، مثل تدفق المعلومات العابرة للحدود، والحياد الصافي في المعلومات، والتشفير التي يمكن أن تساهم في تأسيس "اقتصاد رقمي مزدهر". وأشار المصدر الأمريكي إلى أن بلاده لم تتقدم بأي مقترحات تفاوضية محددة في هذا الوقت، وليس لديها وجهات نظر مسبقة حول أفضل طرق المفاوضات، أو ما إذا كان ينبغي إتباع طرقا أو أوجها معينة في المفاوضات. وأوضح المصدر أن واشنطن تسعى أيضا إلى تضمين فصول التجارة الإلكترونية في اتفاقية منظمة التجارة حول "تجارة الخدمات" بهدف زيادة الثقة في انتقال المعلومات التجارية العابرة للحدود، وزيادة إمكانية الحصول على تدفقات البيانات العالمية، ومواءمة الأنظمة الدولية المتعلقة بالتجارة الرقمية. وتناقش الوثيقة على نحو محدد قضايا تتعلق بمنع فرض الرسوم الجمركية على سلع التجارة الإلكترونية، وتأمين مبادئ أساسية تقوم على عدم التمييز، وتسهيل تدفق البيانات عبر الحدود، وتأمين شبكة إنترنت مجانية ومفتوحة، ومنع العوائق على التجارة الإلكترونية، وحماية التشفير، وكلمات المرور وغيرها من التعزيزات الأمنية، وتشجيع الآليات المبتكرة للتشفير، وضمان المنافسة الحرة بين الشبكات، وبناء إطار عام للتجارة الإلكترونية قابل للتكيف مع المبتكرات الجديدة، وتوحيد المفاهيم والمصطلحات المعنية بالتجارة الإلكترونية، وحماية المستهلك من الاحتيال، وتأمين أساليب مبتكرة للتحقق من هويات الأطراف المتعاملة بالتجارة الإلكترونية، وتأسيس مقاييس عالمية للتشغيل التفاعلي ـ الانسيابي للتجارة الإلكترونية، وتأمين إجراءات جمركية سريعة وأكثر شفافية للتجارة الإلكترونية، وضمان مشاركة واسعة وشفافة لأصحاب المصلحة في وضع وتطوير معايير وأنظمة ولوائح التجارة الإلكترونية. وفي عام 1998، حث وزراء تجارة الدول الأعضاء في منظمة التجارة المجلس العام للمنظمة على الشروع في وضع برنامج عمل لفحص كافة القضايا التجارية الناشئة عن عالم التجارة الإلكترونية، الحديث في وقته، والاتفاق على وضع مذكرة تفاهم مؤقتة حول تصورات نسب الرسوم الجمركية في التجارة الإلكترونية للدول الأعضاء كافة. وعلى الرغم من إعداد مذكرة التفاهم هذه، إلا أن أي أفق لاتفاق متعدد الأطراف بشأن قواعد التجارة الإلكترونية لم يظهر بعد منذ 18 عاما، على الرغم من الاجتماعات الدورية المنتظمة لأعضاء المنظمة لمناقشة هذا الموضوع منذ ذلك الوقت. وطبقا لمصادر منظمة التجارة، فإن مجموعة من نحو 30 دولة من الدول الصناعية الغربية تقف بجانبها الصين والهند هي الآن أكثر حماسا للتفاوض على اتفاقية تجارية جديدة للتجارة الرقمية ابتداء من خريف العام الحالي، وتم الاتفاق على أن تقدم هذه الدول مسودة ناضجة لاتفاقية دولية مقترحة حول التجارة الإلكترونية إلى المؤتمر الوزاري المقبل للمنظمة عام 2017. ويظهر التصميم على إبرام هذه الاتفاقية في رأي آخر مطروح يقول: إنه إذا ظهرت عقبات، أو أخذ ورد بين الدول الأعضاء خلال المفاوضات، بدلا من السعي للوصول إلى "اتفاقية متعددة الأطراف" للتجارة الإلكترونية، فإنه يمكن للدول الصناعية التفاوض على "صفقة جماعية" ضمن إطار منظمة التجارة ليتم بعد ذلك تطبيق شروطها على الدول الأعضاء كافة وفقا لقاعدة "الدول الأولى بالرعاية"، تماما مثلما جرى في اتفاقية تقنية المعلومات والاتصالات، ومثلما يجري حاليا في مفاوضات اتفاقية السلع البيئية. وبهدف الوصول إلى هذه "الصفقة"، فقد طلبت 15 دولة غربية من الدول الأعضاء تقديم رؤى محددة بشأن المسار المستقبلي لبرنامج عمل التجارة الإلكترونية، والاتفاق على تأسيس مجموعة خارجية من خبراء التجارة الإلكترونية لتقديم المشورة، وإنشاء مستودع عام تضع فيه الدول الأعضاء المعلومات المتعلقة بأحكام التجارة الإلكترونية، ويجمع أي معلومات ذات صلة بأحكام وبنود التجارة الإلكترونية أينما وجدت في أي اتفاقية إقليمية أو متعددة الأطراف. وبحسب مصادر في منظمة التجارة، فإن أفق ظهور اتفاقية عالمية تحكم التجارة الإلكترونية قد يتضح موعده خلال المؤتمر الوزاري المقبل للمنظمة، وقد لا يتجاوز ذلك نهاية العقد الحالي.
إنشرها

أضف تعليق