أخبار اقتصادية

محللون: الاقتصاد العالمي لا يزال يسير بعكازين .. الفائدة والتيسير النقدي

محللون: الاقتصاد العالمي لا يزال يسير بعكازين .. الفائدة والتيسير النقدي

جانيت يلين رئيسة «الفيدرالي الأمريكي» تتشاور مع نائبها ستانلي فيشر في جاكسون هول. "أ ب"

أكد محللون اقتصاديون أن الاقتصاد العالمي لا يزال يسير بـ “عكازين”، وهما أسعار الفائدة أحيانا أو سياسة التيسير النقدي في أحيان أخرى، ما يشير إلى أن اقتصاد العالم لم يتجاوز حتى الآن أزمة 2008. وفيما يشبه إعلانا تمهيديا أو بيانا أوليا، أعلنت جانيت يلين رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي "المركزي الأمريكي"، أن النمو الاقتصادي وتوافر مزيد من فرص العمل في الأسواق الأمريكية يعززان من إمكانية رفع أسعار الفائدة. وقد فسرت الغالبية العظمي من الاقتصاديين في العالم هذا التصريح بأن الشهر المقبل ربما يشهد زيادة في أسعار الفائدة في المصارف الأمريكية، وهو ما يعد المرة الأولى التي يقدم فيها "الفيدرالي" على رفع سعر الفائدة منذ أن قام بذلك نهاية العام الماضي، ومن المقرر أن يعقد مجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعات للسياسة النقدية في أيلول (سبتمبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر). ويرى المستثمرون حاليا احتمالا بنسبة 18 في المائة لأن يرفع مجلس الاحتياطي أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية في أيلول (سبتمبر) وفرصة بنسبة 53 في المائة لزيادة للفائدة في كانون الأول (ديسمبر) بحسب أداة رصد تفاعلات السوق مع أسعار الفائدة الأمريكية "فيد ووتش" التابعة لمجموعة "سي.إم.إي". "الاقتصادية" استطلعت آراء مجموعة من المختصين والمصرفيين حول التداعيات المتوقعة على الاقتصاد العالمي من تصريحات جانيت يلين، فمن جهته، يتوقع آندي كون المختص المصرفي والاستشاري السابق في بنك التنمية الآسيوي، أن تشهد المرحلة المقبلة ارتفاعا في سعر صرف الدولار مقارنة بالعملات الدولية الأخرى. وأوضح آندي كون أن السبب الأول الذي سيؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار، ينبع من الشعور التفاؤلي الذي سينتاب الأسواق من تقييم الفيدرالي لأداء الاقتصاد الأمريكي، فالاستعداد لرفع سعر الفائدة يعني باختصار أن أداء الاقتصاد الأول في العالم جيد ويتحسن، وأن الأزمة المالية لعام 2008 بدأت في التراجع أو حتى التلاشي، وأن تبعاتها تمت محاصرتها وتطويقها والتخلص منها إلى حد كبير، وهذا يعني مبدئيا أن مناخا إيجابيا للاستثمار بات متاحا داخل الولايات المتحدة. وأشار آندي كون إلى أن السبب الثاني يتمثل في أن رفع أسعار الفائدة، سينجم عنه إقبال شديد على شراء الدولار على المستوى العالمي، سواء بهدف الاستثمار في الولايات المتحدة بسبب تحسن الأداء الاقتصادي أو لإيداع ودائع نقدية في المصارف التجارية الأمريكية للاستفادة من معدلات الفائدة المرتفعة. وبالفعل، فإنه منذ أصدرت جانيت يلين تصريحاتها بشأن احتمال رفع أسعار الفائدة قريبا، فإن مؤشر صحيفة "وال ستريت" الذي يقيس قوة الدولار في مواجهة 16 عملة دولية، ارتفع بنحو 0.1 في المائة إلى 95.481 في نهاية جلسة التداول في السوق الأمريكية بعد أن سجل في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوى في عشرة أيام، ورغم أن نسبة الزيادة تلك لا تزال محدودة، إلا أنها تمثل مقدمة للزيادة المتوقعة عندما يتم رفع سعر الفائدة في وقت لاحق. وصعد الدولار إلى أعلى مستوى في أسبوعين أمام الين الياباني والفرنك السويسري في تعاملات متقلبة مع تركيز المستثمرين على تعليقات جانيت يلين التي أشارت فيها إلى تحسن في الاقتصاد الأمريكي وهو ما يعزز الحجة إلى زيادة في أسعار الفائدة، وفي ذات الوقت أغلقت الأسهم الأمريكية منخفضة في معظمها في ختام جلسة متقلبة تذبذبت خلالها بين الصعود والهبوط مع محاولة المستثمرين سبر غور التوقيت المحتمل لزيادة في أسعار الفائدة. إلا أن الدكتور طوني مورغان أستاذ المالية العامة في مدرسة لندن للتجارة يعتبر أن الفيدرالي الأمريكي جانبه الصواب في تلك التصريحات بشأن إمكانية رفع أسعار الفائدة، التي من وجهة نظره ضخت جرعة من عدم اليقين في كل من الاقتصاد الدولي والسياسات المالية العالمية. وأضاف مورجان أنه على الرغم من أن أسعار الفائدة المنخفضة سواء في الولايات المتحدة أو البلدان المتقدمة، التي بلغت أقل من الصفر في عديد من الأقطار، فإن الاقتصاد الدولي لم يحقق معدل النمو المطلوب، ولا شك أن رغبة الفيدرالي في رفع الفائدة ستؤدي إلى زيادة معدلات التضخم نتيجة ارتفاع تكلفة مدخلات العملية الإنتاجية، جراء ارتفاع تكلفة حصول المستثمرين على قروض. واستدرك مورجان قائلا: إن الاقتصاد الأمريكي يلعب دورا هاما باعتباره رافعة للاقتصاد العالمي، وزيادة سعر الفائدة المركزي في الولايات المتحدة، سيضر بشكل كبير بعملية الإصلاح الهيكلي التي أطلقتها واشنطن منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية، وسيطلق موجة سعرية ضاغطة داخل الولايات المتحدة، وستمتد بشكل ملحوظ للعالم الخارجي نتيجة الارتفاع الذي سيحدث في سعر الدولار في مواجهة العملات الأخرى. وبالفعل فإن معدل نمو الاقتصاد الأمريكي كان أقل في المتوسط من 2 في المائة خلال السنوات السبع الماضية، وهذا أدنى معدل نمو منذ أربعينيات القرن الماضي، ويمنح هذا الوضع بعض وجهات النظر المفرطة في توجهاتها اليمينية إلى البروز للسطح، عبر المطالبة برفع أسعار الفائدة بشكل سريع وتفادي الارتفاع التدريجي، بل والدعوة إلى عدم قيام الفيدرالي أو أي بنوك مركزية أخرى بتبني سياسة مالية تعتمد على التيسير الكمي. روبنز إيفانز باحث سابق في البنك الدولي، يؤكد أن الطابع التدريجي لرفع الفائدة يماثل في مضمونه شكلا من أشكال الدعم الاقتصادي، ويوازي تماما سياسة التيسير الكمي التى تتناقض مع الميكنزمات التقليدية لعمل الرأسمالية بمفهومها الكلاسيكي، ومن ثم فإن سعر الفائدة المنخفض وشراء سندات الخزانة من قبل المصارف المركزية يعني أن النظام الرأسمالي لم يتعاف تماما من أزمة عام 2008، وأنه لا يزال يعتمد على عكازين لضمان عدم السقوط مرة أخرى. ويدفع ذلك الوضع بعدد من مختصي النظام المصرفي للدعوة إلى تبني مفهوم جديد للمصارف المركزية معتمد على المرونة المالية أكثر من الحجم، إذ يرى البروفيسور ألفريد مارش أستاذ الاقتصاد الدولي وأحد المدافعين عن تلك النظرية أن المصارف المركزية الكبرى وتحديدا المجلس الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي ونظراءه في اليابان وبريطانيا وإلى حد ما البنك المركزي الصيني، تمتلك أصولا مالية أكثر من قدرتها على التعامل معها، وأكثر مما يتطلبه ضمان استقرار النظام المالي، وبما يحرم الدورة الاقتصادية من أصول مالية يمكن استخدامها في تنشيط دوران العجلة الاقتصادية، والاستثمار بما يرفع معدل التوظيف والمحصلة الضريبية العامة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية