FINANCIAL TIMES

يجب إصلاح السباكة المالية قبل أن تعم الفوضى

يجب إصلاح السباكة المالية قبل أن تعم الفوضى

متداول في "جيه بي مورجان".

قبل عقد من الزمن، كان جيه بي مورجان تشيس يبدو كأخطبوط مالي: حيث وصلت أذرعه إلى كل جزء تقريبا من آلة المال في وول ستريت. لكن بعضا من تلك الأذرع يتم تقليمها الآن. لنأخذ سوق إعادة الشراء الثلاثية (ريبو) - زاوية التمويل الحديث حيث المصارف وغيرها تجمع القروض القصيرة الأجل المدعومة بالضمان، بينما تستخدمها كيانات مثل صناديق الاستثمار المشترك لوضع نقودها. حتى الآن، جيه بي مورجان كان إحدى الركائز لهذا القطاع الذي تبلغ قيمته 1.6 تريليون دولار، باعتباره الجهة التي تتولى تسوية ومقاصة هذه الصفقات، والتي تشكل جسرا بين العملاء. منافسه الوحيد كان مصرف نيويورك ميلون القوي. لكن قبل بضعة أسابيع كشف مصرفيو جيه بي مورجان أنهم يخططون للانسحاب من هذه السوق بحلول نهاية عام 2017، للتركيز على الأنشطة الأكثر ربحية. هذا يترك قطاع الريبو الثلاثي الحاسم حصريا في أيدي "نيويورك ميلون" ـ جون بيربونت مورجان ربما يتقلب في قبره ألما من ذلك. لا أحد خارج وول ستريت أولى كثيرا من الاهتمام لهذا الأمر حتى الآن. بالنسبة لمعظم الناس، قطاع الريبو الثلاثي هو أقرب إلى السباكة المنزلية - تفتقر تماما إلى البريق ومن السهل تجاهلها ما لم يتحطم النظام ويتسبب في حالة من الفوضى. لكن، تماما مثل السباكة، من المهم كثيرا معرفة ما إذا كان قطاع الريبو الثلاثي ناجحا أم لا. عندما توقفت السوق في عام 2008، أدى ذلك إلى ذعر بين المصارف والمستثمرين والشركات التي تعتمد عليها للحصول على الأموال. والآن هناك ثلاثة أسباب على الأقل لماذا ينبغي لنا أن نولي اهتماما لخطوة جيه بي مورجان. الأول، والأكثر وضوحا، أنها تؤكد الضغط على جميع المصارف الاستثمارية - بما في ذلك حتى تلك التي يفترض أنها ناجحة - لإعادة التفكير في نماذج أعمالها، لأن الإصلاحات المالية أخذت تنشب أظفارها، وأسعار الفائدة تنخفض أكثر. قبل عقد من الزمن، كان سيكون من الصعب تصور عالم يتخلى فيه "جيه بي مورجان" عن الريبو الثلاثي - تماما كما كان من الصعب تصور جولدمان ساكس يستحدث وحدة لمصرفية التجزئة. الآن جميع أنواع المحرمات تتهاوى في وول ستريت. ثانيا، هذه الخطوة تثير تساؤلات بشأن هيكلة الريبو الثلاثي نفسه. منذ إعلان "جيه بي مورجان" عن انسحابه، ظل المنظمون في الولايات المتحدة يحاولون طمأنة الممولين وأمناء صناديق الشركات بأن "نيويورك ميلون" سيكون قادرا على إدارة المرحلة الانتقالية بطريقة هادئة ومنظمة وأنه يدرك مسؤولياته النظامية. ربما الأمر كذلك. "نيويورك ميلون" يبدو مصرفا قويا، لكن من الغريب أن يحصل على مثل هذه الزاوية المهمة من قطاع التمويل المنظم بحيث تصبح حكرا في أيدي مصرف من القطاع الخاص. لاحظ أن وول ستريت من المفترض أن تعزز المنافسة في السوق الحرة، ومن المفترض أن يكره المنظمون تركيز المخاطر. إذن، على الأقل من هذا الجانب، هذا التحول يدعو إلى نقاش أوسع. في أعقاب الأزمة المالية عام 2008 أدخل الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك إصلاحات لجعل السوق تعمل بطريقة أكثر فعالية. الآن يجب عليه أن يذهب أكثر من ذلك ويتساءل عما إذا كان قد حان الوقت لأن يستخدم بدلا من ذلك مؤسسة كبيرة مملوكة للصناعة لتسوية الصفقات، مثل شركة ديبوزيتوري تراست آند كليرينج كوربوريشن ـ أو تشجيع داخلين جدد، أو النظر في حلول أخرى. لكن النقطة الحاسمة الثالثة التي تسلط عليها خطوة جيه بي مورجان الضوء، هي إلى أي مدى يمكن أن تخرج بعض أنابيب التمويل الخفية إلى حيز الوجود في الوقت الذي تعيد فيه المصارف تشكيل نماذج أعمالها. سوق الريبو الأمريكية (التي تعتبر القطعة الثلاثية أحد أجزائها) تساوي 2.2 تريليون دولار، وذلك وفقا لمراجعة أجراها اتحاد صناعة الأوراق المالية والأسواق. هذا يبدو كبيرا بشكل مذهل. مع ذلك، حجم التداول اليومي يبلغ نحو نصف المستوى قبل عقد من الزمن، جزئيا لأن هناك طلبا أقل على الائتمان، لكن أيضا بسبب الانخفاض في عدد السماسرة وغيرهم، الذين ينظمون الصفقات أو يوفرون مخزونات الضمان. هذا قد لا يهم الآن، لأن السوق تعمل بشكل سلس إلى حد ما. لكن بنك إنجلترا نشر للتو بحثا رصينا يشير إلى أنه، إذا ضربت صدمة مالية أخرى، قد يكون من الصعب على الصناعة الحصول على ما يكفي من الضمانات عالية الجودة لاقتراض المال. وهذا، بدوره، قد يتسبب في توقف قنوات التمويل الأوسع في عالم الريبو وأماكن أخرى بطرق من المحتمل أن تكون خطيرة. وتشير النماذج إلى أنه سيتم الوصول إلى نقطة التحول هذه إذا بقي مؤشر فيكس - مقياس تقلبات المستثمرين المتوقعة - عند 44 في المائة لمدة ثلاثة أشهر. لحسن الحظ، ليس هناك أي دليل على أن هذا الأمر وشيك الحدوث. مؤشر فيكس منخفض للغاية، والتمويل يتدفق من خلال القنوات المالية بسلاسة في عالم الريبو الثلاثي وأماكن أخرى. لكن من الأفضل فحص السلامة على نظام السباكة قبل أن تضرب أزمة، وليس عندما يكون هناك انسداد مزعج. خطوة "جيه بي مورجان" يمكن أن تكون عذرا ممتازا ليبدأ المنظمون والمصرفيون على كلا جانبي الأطلسي نقاشا أوسع عن عالم الريبو. ينبغي لهم استغلال الفرصة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES