كساد في سوق الأغنام المحلية.. الأسعار تنخفض 46 %

كساد في سوق الأغنام المحلية.. الأسعار تنخفض 46 %
أحد مربي المواشي في السوق في انتظار المشترين في الرياض أمس.تصوير :بشير صالح ـــ«الاقتصادية»
كساد في سوق الأغنام المحلية.. الأسعار تنخفض 46 %
مراسل “الاقتصادية” يتحدث لعدد من البائعين.
كساد في سوق الأغنام المحلية.. الأسعار تنخفض 46 %
تشهد أسواق الأغنام في السعودية نموا في المعروض وفي الصورة يظهر عدد كبير من الماشية والبائعين في سوق النسيم شرق الرياض.

ضرب كساد مفاجئ أسواق الأغنام في المملكة بعد أن تراجعت الأسعار وفق تقارير حكومية اطلعت عليها “الاقتصادية”، وزيارات ميدانية ولقاءات مع تجار مواش أجرتها “الاقتصادية”، بنحو 46 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة سواء للمستورد أو المحلي.

وأرجعت التقارير الحكومية والتجار أسباب الكساد إلى زيادة في المعروض من الأغنام صاحبه تراجع في الطلب ناتج عن ضعف في القدرة الشرائية للمستهلكين وانشغالهم بالإجازة التي تزامنت مع شهر رمضان ومن ثم موسم السفر الممتد لنحو شهرين، الذي أدى بدوره إلى ارتفاع العرض مع انخفاض الطلب ومن ثم تراجع الأسعار بصورة حادة.

وأكد تقرير حكومي أعد بطلب من إدارة الثروة الحيوانية في وزارة البيئة والزراعة والمياة عن أسعار المواشي في عدد من المناطق (اطلعت “الاقتصادية” على نسخة خاصة منه)، أنه لوحظ وجود انخفاض كبير في أسعار المواشي وبنسب تراوح بين (35 إلى 55 في المائة) سواء للمستورد أو المحلي. ووفق التقرير، يعلل الكثير من التجار والمربين السبب في النزول بكثرة العرض وقلة الطلب بشكل كبير وملحوظ في جميع الأسواق.“الاقتصادية” تحاول من خلال هذه التحقيق رصد واقع سوق الأغنام في المملكة اليوم، وهل هناك بالفعل أزمة في السوق أم هي عملية تصحيح للأسعار ..وإليكم المحصلة:

جهات حكومية تتحقق

رصد تقرير حكومي خاص بأسواق منطقة حائل أن أسعار الأغنام من نوع "خرفان ــ تيوس" المعدة للذبح ما بين (ستة أشهر ـ سنة ونصف السنة)، شهدت تراجعا بنسبة بسيطة، حيث راوح سعر خروف نعيمي أو نجدي محلي بين (850 إلى 1250) ريالا للرأس على حسب الوزن والحجم، فيما راوح سعر تيس محلي بين (600 إلى 850) ريالا للرأس على حسب الوزن والحجم، وسعر خروف سواكني من (450 إلى 750) ريالا للرأس على حسب الوزن والحجم.
#2#
من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية" مسؤول في وزارة الزراعة – فضل عدم ذكر اسمه - أن ما يتم تداوله خلال اليومين الماضيين حول "رخص" أو انخفاض أسعار الأغنام إلى مستويات قياسية 300 و400 ريال للرأس غير صحيح ومبالغ فيه، مشيرا إلى أن ماتم تداوله من مقاطع فيديو لبعض الأسواق تزعم انهيار أسعار سوق الأغنام، مضللة وهي قد تكون عملية بيع لأغنام كبيرة في السن وغير صالحة للأكل!

جولة ميدانية لـ «الاقتصادية»

كشفت جولة ميدانية لـ "الاقتصادية" في سوق النسيم للمواشي شرق العاصمة الرياض، عن وجود عدد هائل للأغنام في السوق وقلة عدد المشترين، ورصد تراجعا لأسعار الأغنام المحلية، حيث تراجع سعر الخروف (النعيمي) من متوسط 1400 ريال قبل رمضان إلى ما بين 700 إلى 950 ريالا حاليا، فيما تراجع سعر الخروف (الحري) إلى مابين 500 إلى 700 ريال، بعد أن كان سعر الرأس الواحد يصل إلى ألف ريال قبل نحو ثلاثة أشهر، كما هبطت أسعار "التيوس" البلدي إلى نحو 700 ريال بعد أن كان سعرها في حدود ألف ريال في فترات سابقة.
وأكد عدد من المواطنين الذين التقتهم "الاقتصادية" في السوق، أن أسعار الأغنام عادت إلى ما كانت عليه قبل سنوات عديدة، حيث انخفضت الأسعار لتناسب المستهلكين، لافتين إلى أن هامش الربح الكبير الذي كان يحدده المربي والبائع كان سببا رئيسا في رفع الأسعار خلال السنوات الماضية.

ورفض المواطنون اعتبار تراجع الأسعار بنسب كبيرة أزمة، مؤكدين أن ذلك تصحيح للسوق طال انتظاره، وأن محاولة تجار الأغنام رفع الأسعار سواء من خلال خفض الاستيراد أو مطالبة الحكومة بالتدخل غير مقبولة ولن تجدي نفعا.

التجار والمربون يتذمرون

أصدرت الجمعية التعاونية للثروة الحيوانية، بيانا الأسبوع الماضي، أبدت فيه انزعاجها وقلقها من انخفاض أسعار الأغنام في السوق المحلية خلال الفترة الماضية، مطالبة بحماية التجار ومربي المواشي في المملكة، ومنع الاستيراد الذي تسبب في إحداث تخمة في المعروض.
وقالت الجمعية في البيان الذي أطلعت عليه "الاقتصادية"، إنها تتابع أسباب انخفاض الأسعار في سوق المواشي، وتأثير ذلك في خروج عدد من المربين من الأسواق، مطالبة بإيقاف استيراد جميع أنواع المواشي بسبب التأثير في المنتج الوطني، إلى جانب بحث سبل دعم المربين.
#3#
وطالبت "جمعية الثروة الحيوانية"، بإعادة النظر في أسعار منتجات المؤسسة العامة للحبوب التي أقرت منذ عام، وإشراك القطاعين الحكومي والخاص في اللجان التي ستشكل للعناية بالثروة الحيوانية.

الواردات من المواشي

سليمان الجابري، أحد أكبر مستوردي المواشي في المملكة أكد لـ "الاقتصادية" من ناحيته أن أسعار المواشي المستوردة لم تشهد نزولا، وأن الكميات التي ترد إلى السوق المحلية كافية وسيصدر قريبا بيان من المستوردين يوضح حجم المواشي المستوردة، خصوصا مع اقتراب موسم الحج.

من جهته، قال سعد العتيبي، أحد مستوردي المواشي، إن 60 في المائة من المواشي المعروضة في السوق حاليا هي منتج محلي، وأن نسبة الأغنام المستوردة قليلة، لا تتجاوز 40 في المائة، مشيرا إلى أن السبب الحقيقي في انخفاض أسعار الأغنام محليا يعود إلى ارتفاع أسعار الأعلاف في السوق ما دفع بعض المربين إلى بيع أغنامهم الأمر الذي أدى إلى زيادة مفاجأة في المعروض مع قلة الطلب.

وأكد العتيبي أن الأسعار بالفعل شهدت خلال الفترة الماضية تراجعا حادا بلغ في بعض الأسواق مثل سوق حفر الباطن شمال المملكة نحو 50 في المائة، فيما تقل النسبة في المدن الكبيرة مثل الرياض وجدة والدمام إلى نحو 30 في المائة وفق نوع الماشية وحجمها.
وقال تجار استيراد آخرون إن الإحصائية التي سيتم الإفصاح عنها آخر الموسم تتضمن ارتفاع معدل الاستيراد السنوي للمواشي من ستة ملايين رأس إلى نحو ثمانية إلى تسعة ملايين رأس من الأغنام والمواشي سنويا في السنوات الأخيرة.

وأكد المستوردون أن بيانا يعمل عليه حاليا بهدف جمع معلومات عن تجار المواشى وعن كميات الأغنام المستوردة لهذا الشهر والاعتمادات الموجودة، مشيرين إلى أن هذا البيان سيعلن عنه نهاية الأسبوع الجاري، الذي سيتناول الأسعار والاستيراد، وبلدان الاستيراد خصوصا مع دخول سوقي الصومال والسودان بقوة هذا العام.

وضع السوق حاليا

أسهم رفع السعودية حظر استيراد المواشي من عدد من الدول خلال السنوات الماضية لدواع بيئية وصحية، في ارتفاع عدد المواشي المستوردة، وتشير آخر الإحصائيات الحكومية إلى أن مستوى الثروة الحيوانية في المملكة يشهد نموا متواصلا، فقد بلغ عددُ الضأن وفق النتائج التفصيلية للتعداد الزراعي للمملكة لعام 2015، الذي أعلنته "هيئة الإحصاء"، أكثر من 17.5 مليون رأس، فيما بلغ عدد الماعز نحو 6.1 مليون، وجاء إجمالي عددُ الإبل في المملكة نحو 1.4 مليون رأس، وبلغ عددُ الأبقار ما يزيد على 354 ألف رأس.

ورفعت السعودية الحظر منذ عام 2010 عن تركيا وأربع دول أخرى ما رفع عدد الدول المسموح الاستيراد منها إلى نحو 12 دولة، حيث تستورد السعودية المواشي واللحوم من الصين (منطقة منغوليا الداخلية) والأرجنتين (مناطق معينة) والأوروجواي والبرازيل وأستراليا ونيوزيلندا وإيران (مناطق معينة) ودول القرن الإفريقي (الصومال وإريتريا وجيبوتي) والسودان والأردن وسورية. كما يسمح باستيراد الإبل من السودان والصومال وإريتريا وجيبوتي وباكستان ومصر وإيران (مناطق معينة)، إضافة إلى السماح باستيراد الأبقار من السودان، الصومال، إريتريا، جيبوتي، الأردن، سورية، الصين (منطقة منغوليا الداخلية)، إيران (مناطق معينة)، الأرجنتين (مناطق معينة)، الأوروجواي، البرازيل، أستراليا، نيوزيلندا.

ووفقا لتصريحات لوزير الثروة الحيوانية والسمكية والمراعي السوداني لـ "الاقتصادية" قبل أيام، فإن السودان يستهدف تصدير أكثر من ستة ملايين رأس ماشية بمختلف الأنواع إلى الأسواق السعودية خلال عام 2017، في ظل ارتفاع صادرات السودان التي وصلت إلى أكثر من ثلاثة ملايين رأس حتى 30 تموز (يوليو) الماضي.

وقال البروفيسور موسى آدم وزير الثروة الحيوانية والسمكية والمراعي السوداني، "إن السعودية تستورد نحو 60 في المائة من احتياجاتها الحيوانية من السودان وكذلك آلاف الأطنان من اللحوم"، مبينا أن هذه الكميات قابلة للزيادة مستقبلا.

الأكثر قراءة