أخبار اقتصادية

انفصال بريطانيا يؤجل رفع الفائدة الأمريكية

انفصال بريطانيا يؤجل رفع الفائدة الأمريكية

أكد البيان الصادر في أعقاب اجتماع المجلس الفيدرالي أمس على قوة أداء الاقتصاد الأمريكي.

بينما يواصل إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة الصعود، وتواصل معدلات البطالة التراجع، يواصل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أيضا تمسكه بموقفه الراهن بعدم الإقدام على رفع أسعار الفائدة. وتصر رئيسة الفيدرالي الأمريكي جانيت يلين على ضرورة التريث وضمان صلابة تلك المعايير قبل الإقدام على تغيير سعر الفائدة، لما للقرار من تأثير يتجاوز الاقتصاد الأمريكي ليطول الاقتصاد العالمي. مع هذا فإن البيان الصادر في أعقاب اجتماع المجلس الفيدرالي أمس، الذي أكد قوة أداء الاقتصاد الأمريكي، يعطي مؤشرا على أن صناع القرار في المجلس لربما يقومون خلال الاجتماع المقبل في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل برفع أسعار الفائدة بعد متابعة التقارير الخاصة لسوق العمل. الباحث الاقتصادي في وحدة الأبحاث في بنك إنجلترا ايان بسبي يعتقد أن تأجيل الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة، يعود إلى أسباب محلية وأخرى دولية. وقال بسبي لـ"لاقتصادية": "جانيت يلين وبحكم منصبها تريد أن تضمن أولا أن التحسن الجاري في سوق العمل الأمريكية، وانخفاض البطالة يعودان إلى عوامل ثابتة، فالملاحظ أن سوق العمل الأمريكية تتحسن، ولكن بمعدلات متباينة وبطيئة. فخلال الربع الأول من العام الجاري تم إيجاد 196 ألف فرصة عمل في أمريكا شهريا، في الربع الثاني لم يزد عدد الوظائف الجديدة في شهري نيسان (أبريل) وأيار (مايو) الماضيين عن 147 ألف وظيفة جديدة شهريا، لكن في شهر حزيران (يونيو) الماضي قفز الرقم إلى 287 ألف وظيفة، ومن ثم يمكن القول إن سوق العمل باعتبارها مؤشرا اساسيا لتحسن الاقتصاد، ومن ثم رفع سعر الفائدة يتطور بشكل إيجابي ولكنه غير مستقر". وأضاف "لكن علينا أن نتذكر ايضا أن أحد أسباب عدم رفع الفائدة في الماضي، كانت الرغبة في معرفة نتيجة الاستفتاء البريطاني بشأن الاتحاد الأوروبي، وبعد ظهور النتيجة فإن المجتمع الدولي يراقب حاليا التداعيات، وأبرزها حتى اللحظة إصابة الاقتصاد البريطاني بالإجهاد بشكل ملحوظ، ولكن حالة الإجهاد تلك لا تزال محصورة داخل المملكة المتحدة، ولم تمتد إلى أوروبا أو الاقتصاد العالمي، ومن ثم الفيدرالي الأمريكي يريد أن يعطي نفسه فترة كافية لمعرفة ما إذا كانت حالة الضعف التي تنتاب خامس أكبر اقتصاد في العالم، أعني الاقتصاد البريطاني، يمكن أن تمتد إلى الأسواق الدولية أم لا، وإذا امتدت فما حجم هذا التأثير وأبعاده؟". وعلى الرغم من أن أغلبية التكهنات تشير إلى أن هذا العام لربما يشهد زيادتين متتاليتين في أسعار الفائدة الأمريكية، أحدهما في سبتمبر والأخرى في ديسمبر المقبلين، فإن عددا من الخبراء المصرفيين البريطانيين يعربون عن خشيتهم من أن تؤدي تلك الخطوة، خاصة الزيادة الثانية المتوقعة في شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل إلى إيجاده موجة تضخمية في الاقتصاد الدولي. لويس بلينت نائب رئيس قسم المعاملات الدولية في رويال بنك أوف اسكتلندا، يعتقد أن الخطر الأكبر يكمن في أن زيادة أسعار الفائدة الأمريكية، سيدفع بسعر صرف الدولار إلى أعلى بشكل مبالغ فيه، وبما قد يؤدي إلى زيادة شديدة في معدلات الاستهلاك في الولايات المتحدة، خاصة إذا واصلت معدلات البطالة تراجعها، وهذه الزيادة في قوة الدولار، ستترافق مع موجة تضخمية يمكن أن تنتقل إلى الاقتصادات الأخرى عن طريق الصادرات الأمريكية". وكان الإنفاق الاستهلاكي الأمريكي المتزايد قد سمح بالفعل في تعزيز معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من 1.1 في المائة خلال الربع الأول من العام الجاري إلى 2.5 في المائة خلال الربع الثاني، وهو ما اعتبر أعلى زيادة في النمو من ربع عام إلى آخر خلال عشر سنوات ماضية. ويعلق الدكتور بريان أندرسون أستاذ التجارة الدولية لـ"الاقتصادية" قائلا: "الزيادة في معدل الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة، والتحسن في مستويات استثمارات الأعمال، يعود في جزء منه إلى انخفاض فاتورة الطاقة ومشتقاتها بالنسبة للمستهلك الأمريكي ورجال الأعمال، نتيجة انخفاض أسعار النفط ومشتقاته، لكن على الجانب الآخر يجب أن نأخذ في الحسبان عاملين لا يصبان في صالح الاقتصاد الأمريكي، وقد يمثلان عائقا أمام تحقيق نجاح من رفع أسعار الفائدة الأمريكية". وأضاف "العامل الأول يتمثل في التراجع في معدل النمو الاقتصادي في الصين منذ آب (اغسطس) المقبل من العام الماضي، ورفع الفائدة الأمريكية قد يزيد الأمور تعقيدا بالنسبة للصينيين، لأنه حتما سيؤدي إلى انسحاب رؤوس الأموال من الصين، كما سيدفع البنك المركزي الصيني للسعي للحفاظ على قيمة اليوان أمام الدولار المتصاعد، عبر ضخ جزء من الاحتياطيات النقدية في الأسواق لمنع اليوان من التراجع الحاد في مواجهة نظيره الأمريكي، وكلا العاملين سيؤديان حتما إلى مزيد من انخفاض النمو الصيني، ومن ثم تراجع الواردات من الولايات المتحدة". ولهذا يرجح كثير من الخبراء أن تكتفي جانيت يلين بزيادة واحدة لسعر الفائدة هذا العام، تمثل محاولة لتحسس المياه الدولية ومدى تفاعلها مع القرار. ويؤكد لـ"الاقتصادية" ايان بسبي أنه إذا تحقق هذا السيناريو هذا العام، فإنه لن يكون أمام الاحتياطي الفيدرالي غير القيام بعدد أكبر من الزيادات في أسعار الفائدة خلال عام 2017 في محاولة لتحقيق مكاسب من تحسن الوضع الاقتصادي الأمريكي. وسط تلك التقديرات يشير الباحث الاقتصادي سي. إل. بال إلى نقطة غير مطروقة في وسائل الإعلام بشأن العوامل المحددة لقرار جانيت بشأن الإقدام على رفع سعر الفائدة. ويقول لـ"الاقتصادية" : "جانيت يلين وبصفتها مسؤولة عن أحد أهم المؤسسات المالية في العالم، إن لم يكن أهمها جميعا، ترغب في مواصلة توليها مهام منصبها مع القادم الجديد للبيت الأبيض، ومن ثم الحفاظ على وحدة القرار داخل لجنة السياسات التابعة للفيدرالي الأمريكي، يعد أمرا شديد الأهمية بالنسبة لمستقبل جانيت، وخلال الأشهر الماضية كان من الواضح وجود خلافات داخل الدائرة الصغيرة لصنع القرار في المجلس بشأن هل يتم رفع أسعار الفائدة أم لا؟ استير جورج رئيسة فرع الفيدرالي الأمريكي في مدينة كينساس تزعمت تيارا معارضا في شهري مارس وأبريل الماضيين لقرارات جانيت بشأن الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغير، وأوجدت "لوبي" داخل المجلس وفي الكونجرس والإعلام يضغط على جانيت لرفع الفائدة، وهي تواصل الضغط الآن، إذ صرحت أخيرا بضرورة رفع الفائدة تدريجيا، ومن ثم فهي تمثل بديلا لجانيت في قيادة الفيدرالي الأمريكي، ولهذا فإن قرار الرفع أو الإبقاء على سعر الفائدة الجاري، سيتضمن مساعي من جانيت لاحتواء الخصوم خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية ووصول قادم جديد لسدة البيت الأبيض".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية