FINANCIAL TIMES

دمج «ياهو» و«أميركا أون لاين» لتحدي «جوجل» و«فيسبوك»

دمج «ياهو» و«أميركا أون لاين» لتحدي «جوجل» و«فيسبوك»

ماريسا ماير، الرئيسة التنفيذية لـ "ياهو"، تتحدث عن كيف أن شركتها "غيرت وجه العالم إلى الأفضل".

قبل تأسيس "ياهو" في عام 1994، الإنترنت لم تكُن شيئا أكثر من "مشروع أبحاث حكومي"، كما قالت ماريسا ماير، أمس الأول. لكن على مدى العقدين التاليين، تأثير ياهو "الإنساني" ساعد على تحويلها إلى مجموعة من المنتجات التي لا يستطيع كثير من الناس العيش من دونها: شبكة الإنترنت، ومحركات البحث، والبريد الإلكتروني، وعلى ما يبدو اختيار غير محدود من المحتوى. وأضافت الرئيسة التنفيذية أن ياهو، بكل بساطة، "غيرت وجه العالم إلى الأفضل". مع ذلك، كانت تعليقاتها أيضاً بمثابة تأكيد إلى أي مدى تراجعت ياهو في الأعوام الأخيرة. الشركة التي وصلت قيمتها إلى 125 مليار دولار في ذروتها عام 2000، أصبحت واحدة من الضحايا الرئيسيين لهيمنة جوجل على البحث والإعلانات الرقمية. بعد أربعة أعوام أمضتها في محاولة إحياء الشركة الرائدة، تحدثت ماير إلى المساهمين بعد أن وافقت شركة الاتصالات الأمريكية "فيرايزون" على دفع 4.8 مليار دولار مقابل الأعمال التشغيلية في ياهو. جنباً إلى جنب مع "ماي سبيس" MySpace و"أميركا أون لاين" AOL، تُشكّل ياهو ثلاثي شركات كانت يوما ما أكبر الأسماء في عالم الإنترنت، لكن طغت عليها وتيرة التغيير الرقمي العنيفة. في عام 2008، حاولت مايكروسوفت شراء ياهو مقابل 44 مليار دولار، مراهنة على أن الجمع بين اثنين من اللاعبين الرقميين المتعثرين يُمكن أن يوقف صعود جوجل السريع. لكن جيري يانج، المؤسس المشارك لياهو ورئيسها التنفيذي في ذلك الحين، رفض العرض، خوفاً من أن تؤدي دعاوى قضائية ضد مايكروسوفت إلى تُدمير "الفخر الأرجواني" لشركته. فيرايزون الآن تختار الشركة مقابل عُشر السعر تقريباً - لكن حجتها إلى حد كبير مثل حجة مايكروسوف قبل ثمانية أعوام. فهي تعتزم دمج ياهو مع أمريكا أون لاين، التي اشترتها مقابل 4.4 مليار دولار العام الماضي، لبناء "الرقم ثلاثة" ذي الصدقية في الإعلانات الرقمية بعد جوجل وفيسبوك - مُعتقدةً أن اثنتين من شركات الإنترنت الرائدة، المتلاشية، يُمكن أن تنجحا معاً فيما فشلتا فيه بشكل فردي. المُطّلعون على استراتيجية فيرايزون يقولون إن التنفيذيين في الشركة يعتقدون أن المسوّقين في حاجة ماسة إلى بديل لجوجل وفيسبوك، اللتين تتشاركان وفقاً لمجموعة الأبحاث "إي ماركيتر"، أكثر من 50 في المائة من سوق الإعلانات الرقمية في الولايات المتحدة. ماري ميكر، من كلاينر باركنز كوفيلد آند بايرز، صندوق رأس المال المغامر في الولايات المتحدة، تحسب أن 85 سنتا من كل دولار جديد تم إنفاقه على الإعلانات الرقمية في الولايات المتحدة في الربع الأول من 2016 ذهب إلى هاتين الشركتين. ولأن المعلنين يصبحون أكثر قلقا بشأن الاحتكار الثنائي الرقمي، فإن صفقة فيرايزون لشراء ياهو كانت موضع ترحيب من قِبل السير مارتن سوريل، الرئيس التنفيذي لشركة WPP، أكبر مجموعة إعلانات في العالم، الذي قال: "إن لديها القدرة لتكون القوة الثالثة بعد جوجل وفيسبوك". بعض المستثمرين في ياهو، مثل المجموعة الناشطة "ستاربورد"، كانوا يضغطون من أجل عملية دمج بين ياهو وأمريكا أون لاين منذ أعوام، بحجة أن الشركتين سيكون لهما من الحجم ما يجعلهما مصدر تهديد حقيقي. أمريكا أون لاين وياهو معاً ستُسيطران على 6 في المائة تقريباً من سوق الإعلانات الرقمية في الولايات المتحدة، على افتراض أن الصفقة ستنتهي العام المُقبل كما هو مُخطط - ويعتقد التنفيذيون في فيرايزون أن بإمكانهم زيادة تلك النسبة أكثر من خلال إنشاء منصة إعلانات مميزة. مثل هذه المنصة يُمكن أن تستهدف المستخدمين ليس فقط على أساس العمر أو الجنس، بل أيضاً على أساس موقعهم - شيء تعتبر شركة الاتصالات الخليوية مؤهلة بشكل فريد لتنفيذه. ويعتقد التنفيذيون في فيرايزون أن إضافة جمهور ياهو العالمي البالغ أكثر من مليار إلى مشتركي الهاتف الخليوي البالغ عددهم 100 مليون في فيرايزون من شأنه منح الأعمال ثقلا كافيا للمنافسة ضد جوجل وفيسبوك. أمير روزوادوسكي، المحلل في باركليز، يقول: "في حين أن صفقة أميركا أون لاين جلبت عددا من تكنولوجيات الإعلان، إلا أننا نعتقد أن فيرايزون تتطلّع إلى الحجم المحتمل من قاعدة مستخدمي ياهو لتسريع أعمالها". لم تعط فيرايزون كثيرا من التفاصيل عن أداء أميركا أون لاين منذ إنهاء عملية الاستحواذ في حزيران (يونيو) الماضي. لكن في نيسان (أبريل)، قالت مجموعة الاتصالات إن أعمال الإنترنت سجلت إيرادات في الربع الأول بلغت 669 مليون دولار - الأعلى منذ خمسة أعوام. أحد الأشخاص الذين يُقدّمون المشورة لفيرايزون في الصفقة وصف سعر الشراء المشترك لأمريكا أون لاين وياهو بأنه "مبلغ لا يذكر" بالنسبة لشركة لديها قيمة سوقية تبلغ 230 مليار دولار، وتدفقا نقديا حرا بلغ أربعة مليارات دولار في الربع الأول. بالنسبة لشركة فيرايزون، الخطر الأكبر سيكون البقاء ساكنة في الوقت الذي ترتفع فيه سوق الهاتف الخليوي في الولايات المتحدة والشركات المنافسة الأصغر، مثل T-Mobile US، تكسب الزبائن من خلال العروض الترويجية ـ في الربع الأول خسرت فيرايزون ثمانية آلاف من مستخدمي الهاتف الخليوي الأكثر ربحاً. وللتحوّط ضد سوق الاتصالات المُشبعة، كانت فيرايزون تستثمر بشكل كبير في الشركات الرقمية وفي ما يسمى "إنترنت الأشياء". ويعتقد بعض المحللين أن فيرايزون سوف تشتري مزيدا من الأصول بعد إبرام صفقة ياهو في الربع الأول من العام المُقبل. وقال مايكل رولينز، المحلل في "سيتي جروب": "نحن نتوقع أنها ستستمر في ملاحقة الفرص العضوية وفرص الاستحواذ لتسريع حجم منصتها". وقالت ماير إنها فخورة بفترة ولايتها في ياهو، كونها "أخذت أصول الإنترنت من عصر سطح المكتب وجعلتها جاهزة للجوال" - على الرغم من أنها ترددت عندما سُئلت ما إذا كانت ستنتقل إلى فيرايزون العام المُقبل. لقد حوّل المساهمون في ياهو انتباههم الآن إلى ما سيحدث للأصول غير الأساسية، التي تُعتبر ذات قيمة أكبر بكثير من الأعمال التشغيلية نفسها. حصة ياهو في "علي بابا"، مجموعة التجارة الإلكترونية الصينية، و"ياهو اليابان"، تساويان بحسب مصرف جيفيريز الاستثماري، نحو 40 مليار دولار، في حين أن محفظة من براءات الاختراع يُمكن أن تساوي مليار دولار. وقال إيريك جاكسون من "سبرينجاول"، إحدى الشركات المُساهمة في ياهو: "هذا السعر الذي دفعته فيرايزون هو في النهاية المنخفضة من التوقعات. كنّا نفضل رؤية رقم أعلى من ذلك بكثير". "مع ذلك، هذا هو حجر الدومينو الأول الذي يجب أن يسقط لرؤية تسييل الحصص المتبقية في علي بابا وياهو اليابان. هذا هو المكان الذي من المحتمل أن القيمة الأكبر يُمكن أن تنفتح فيه أمام المساهمين - نحن نتوقع أن يُركّز المجلس بشدة على ذلك".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES