FINANCIAL TIMES

«تويتر» .. الطائر الأزرق لا يزال عاجزا عن التحليق

«تويتر» .. الطائر الأزرق لا يزال عاجزا عن التحليق

في العام الماضي عاد جاك دورسي ليكون الرئيس التنفيذي لـ"تويتر" مع طموح واضح: إقناع الجميع أن منصة المراسلة هي النافذة الأفضل للعالم. تولى المؤسس الأصلي لـ"تويتر" مهام منصبه بعد أن تراجع نمو عدد المستخدمين. مهمته هي استمالة واستعادة المستخدمين المحبطين الذين ابتعدوا بسبب الفوضى التي تعم "تويتر" من التعليقات والمحادثات، إضافة إلى المساهمين الذين يشعرون بالتوتر من أن "تويتر" تعيش في ظل فيسبوك الأكبر حجما. قال في أول حديث له حول الأرباح، قال دورسي: "إذا لبينا تلك التوقعات، وسنفعل ذلك، "تويتر" ستصبح الشيء الأول الذي سيبدأ به الجميع يومهم والشيء الأول الذي يلجأ إليه الناس عندما يريدون تبادل الأفكار، أو التعليقات، أو ببساطة معرفة ما يحدث". غدا، عندما تعلن "تويتر" عن الأرباح، قلة من الناس هي التي تتوقع أن يكون المؤسس المشارك قد أغرى ملايين الناس لاستخدام "تويتر" والنظر من خلال نافذتها إلى العالم - ويتوقع بعضهم أنها قد تكون الآن أفضل إذا أصبحت جزءا من كيان أكبر بكثير، تقوده شركة مثل جوجل. بعد مضي عام تحت قيادة دورسي، بالكاد ارتفعت أعداد المستخدمين، بنسبة 3 في المائة لتصل إلى 310 ملايين مستخدم في الربع الأول. وانخفض سعر السهم نحو 50 في المائة، بينما يغزو كل من فيسبوك وسنابشات منطقة "تويتر" الخاصة بالأخبار والأحداث المباشرة. ووفقا لديبي ويليامسون، المحللة لدى شركة إي ماركيتر للبحوث، في الوقت الذي كانت تحاول فيه الشركة معالجة مشاكلها الخاصة بقاعدة المستخدمين، أصبحت محاطة بالمنافسين. وقالت: "لقد ناضلت لتوسيع قاعدة المستخدمين الخاصة بها في الوقت نفسه الذي تعمل فيه الملكيات الأخرى بسهولة كبيرة على توسيع قواعد المستخدمين لديها". وأضافت: "إنها ليست شيئا منتشرا على نطاق الفئة". ويمضي الناس كثيرا من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي إلى درجة أن الصناعة تتجه نحو تعزيز أعداد المستخدمين النشطين يوميا، بدلا من الأعداد شهريا التي لا تزال "تويتر" تعتمد عليها. ويقدر روبرت بيك، المحلل لدى "سان ترست روبنسون هامفري"، أن لديها نحو 136 مليون مستخدم نشط يوميا، وهو عدد أقل من مستخدمي سنابشات البالغ 150 مليونا، على الرغم من أن عمر الموقع نصف عمر "تويتر" تقريبا. وعدد المستخدمين النشطين يوميا أقل بكثير من نصف الـ 300 مليون مستخدم لدى إنستجرام المملوك لـ"فيسبوك" ويمثل نحو 12 في المائة من قاعدة المستخدمين اليومية لمجموعة التكنولوجيا العملاقة. وكانت "تويتر" مشغولة بتغيير وتبديل الموقع هذا العام، لكن بيك قال إنه منح دورسي درجة "غير مكتمل". وقال: "كانت هناك خيبة أمل نوعا ما لأننا لم نشهد وتيرة أكثر سرعة في تأثير المنتجات الجديدة". وكان التغيير العجيب تماما بالنسبة لدورسي هو التخلي عن التسلسل الزمني الدقيق للتغريدات. كانت "تويتر" تعابث فكرة أن عليها استخدام خوارزمية لتحديد أولويات ما تعتقد أنه التغريدات الأكثر إثارة للاهتمام، كما تفعل فيسبوك في ميزة الأخبار الواردة، لكن الأمر كان يحتاج إلى أن يكون المؤسس المشارك واثقا من توحيد الشركة التي تقف خلف هذه الرؤية. الآن، غالبا ما يرى مستخدمو "تويتر" تغريدات أقدم ولكن أكثر جاذبية عند دخولهم للمرة الأولى. وحاول أيضا تجربة صيغ جديدة لـ"تويتر": من "مومنتس"، وهي تجمع للتغريدات حول مواضيع مهمة ـ كانت قيد الدراسة عندما وصل ـ إلى "بيريسكوب" الأكثر تكاملا، وهو تطبيق حي اشترته "تويتر" العام الماضي. هذا العام، وقعت "تويتر" صفقات مع شركاء إعلام، بما فيهم رابطة كرة القدم الأمريكية، لبث المباريات بشكل مباشر. ومع منظمات إخبارية، مثل "بلومبيرج ميديا" و"سي بي إس"، التي تنقل بثا حيا ومباشرا للمؤتمرات التي يعقدها الحزبان الديمقراطي والجمهوري على الموقع. ويستطيع المشاهدون مراقبة الأحداث جنبا إلى جنب مع التغريدات ذات الصلة، ومع حصص "تويتر" في الإيرادات من الإعلانات. كذلك أطلقت "تويتر" حملة تسويقية، بعرضها لإعلانها التلفزيوني الأول خلال سلسلة مباريات البيسبول العالمية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وعينت موظفة جديدة في منصب كبير الإداريين للتسويق، هي ليزلي بيرلاند، من أمريكان إكسبرس. لكن حتى الآن، لا يبدو أن تلك الجهود تستدرج كثيرا من المستخدمين الجدد. ويتوقع بيك أن يزداد عدد المستخدمين بنسبة 1 في المائة فقط في الربع الثاني. والمستخدمون الجدد أقل نشاطا من الجمهور الأقدم، كما يقول، وبالتالي أكثر احتمالا لرؤية عدد إعلانات أقل. حتى في الوقت الذي كان فيه دورسي يحاول تعريف "تويتر" بأنه يتعلق بالبث الحي - مستخدما الكلمة أكثر من 20 مرة في الرسالة التي وجهها إلى المساهمين خلال الربع الأخير - يتعدى المنافسون على منطقتها العامة. كانت فيسبوك تعمل على منح الأولوية لمنتجها الرئيسي "فيسبوك لايف" في قسم الأخبار الواردة، منافسة بذلك "بيريسكوب"، بجذبها الاهتمام للفيديوهات الفيروسية التي يعاد بثها عبر أنباء على الكابل، مثل اللقطات القوية من فيديو صديقة فيلاندو كاستيل، الأمريكي الأسود الذي قتلته الشرطة. وتعمل يوتيوب على بث المؤتمرات التي يعقدها الحزبان الجمهوري والديمقراطي بفيديوهات بدرجة 360، وتركز سنابشات أيضا على أن تكون موطنا للأحداث المباشرة ذات الأخبار والقصص المباشرة في صفحتها "ديسكفر". نورم جونستون، كبير المحللين الاستراتيجيين العالمي والمسؤول الرقمي في شركة الإعلانات "مايند شير" التابعة لمجموعة WPP، يرى أن دورسي لم يكن يحتاج فقط لتحويل "تويتر"، بل كان يتعين عليه تحقيق ذلك بشكل أسرع وأفضل من منافسيه. وقال: "إن نجاح سنابشات يوضح فقط كم كان "تويتر" بطيئا خلال السنوات القليلة الماضية في تطويره للتطبيق والمنصة". وأضاف: "هناك شعور حقيقي بأن جاك دورسي اختار الوتيرة بشكل جوهري، لكنه لا يزال يحاول اللحاق بالركب". حتى الآن، لم تؤثر المخاوف المتعلقة بنمو عدد مستخدمي "تويتر" على الأرباح، مع بلوغ متوسط توقعات المحللين للربع الثاني نسبة 21 في المائة لنمو الأرباح و40 في المائة للنمو في العائدات غير الربحية للسهم الواحد. وقالت ويليامسون إن "إي ماركيتر" خفضت سقف توقعاتها بشأن أرباح "تويتر" من الإعلانات في آذار (مارس)، من 2.95 مليار دولار في 2016 إلى 2.61 مليار دولار. ولاحظت أن "تويتر" حققت تقدما في كل من الاستهداف والقياس، لكن منافسيها حققوا ذلك أيضا، مضيفة: "جدول الحصص الآن هو القادر على التنافس مع الممتلكات الأخرى". ويأمل بعض المساهمين أن تتمكن "تويتر" من أن تكون هدفا جذابا للاستحواذ. وارتفعت أسهم "لينكد إن" أكثر من 30 في المائة منذ أن اشترتها مايكروسوفت مقابل 26 مليار دولار في منتصف حزيران (يونيو). وثمة تساؤلات الآن عما إذا كان بإمكان لـ"تويتر"- مع قيمة سوقية تبلغ فقط 13 مليار دولار- أن تكون أيضا هدفا مناسبا للشراء من قبل شركة تكنولوجيا أكبر حجما. ويشعر بيك بأن مجلس الإدارة، بقيادة أوميد كردستاني الذي عمل سابقا لدى جوجل، وعدد من الأعضاء الجدد المضافين في الأشهر القليلة الماضية، من غير المرجح أن يتم بيع الشركة هذا العام. بدلا من ذلك، ينبغي منح دورسي وقتا حتى نهاية عام 2016 على الأقل ليثبت أن التغييرات التي أجراها آتت أكلها. وفي إشارة إلى بريت تايلر، كبير الإداريين التكنولوجيين الأسبق في فيسبوك، الذي انضم لمجلس الإدارة في وقت مبكر من هذا الشهر، قال بيك: "إن بريت تايلر لا ينضم هنا لتغيير وجه الشركة في شهر. لقد انضم للمساعدة في تكرار المنتج. لكن عملية الاستحواذ ستكون حتمية إذا استمرت الاتجاهات الحالية". ويعتقد آخرون أن "تويتر" يمكن أن تكون عملا تجاريا ناجحا مستقلا - ليس عملا فقط بحجم فيسبوك. ويرى بريان وايزر، وهو محلل لدى شركة بايفوتال للبحوث، إنها تناسب مجموعة مؤثرة من المستخدمين الذين يكرسون وقتهم للمنتج. قال: "لدى "تويتر" منتج واحد يتمتع بجاذبية خاصة. كل ما في الأمر أنه يتعين عليهم محاولة التعود عليه مع مرور الوقت. لا نزال نتحدث عن إيرادات بمليارات الدولارات تدفع لتصبح مليارات الدولارات من حركة النقد - هذه أعمال تجارية حقيقية". وكثفت "تويتر" من جهودها لمكافحة الاعتداءات على منصة المراسلة، على اعتبار أنها تخشى فقدان المستخدمين بمن فيهم المشاهير الذين شعروا بالملل والضيق من التهديدات والإهانات. وهذا الأسبوع حظرت "تويتر" مايلو بيانوبولوس، صحافي الموقع الإخباري المحافظ "برايت بارت"، بعد أن تعهدت ليزلي جونز، ممثلة أفلام مطاردة الأشباح، بالانسحاب من "تويتر" بسبب تعرضها لمضايقات من مايلو ومن آخرين. وغردت عبر "تويتر" قائلة: "أشعر وكأنني أعيش جحيما شخصيا. لم أقترف أي خطأ لأستحق هذا. إنه شيء كثير. ينبغي ألا يكون الوضع هكذا. أشعر بأني جرحت إلى حد كبير الآن". وبعد سنوات من التوتر والقلق من أن تضييق الخناق على الإساءات يمكن أن يتحول لصبح قيودا على حرية التعبير، قررت "تويتر" أن سلامة المستخدم واحدة من أولوياتها الخمس الرئيسية وقالت: "يجب أن يشعر الناس بالأمان لكي يتحدثوا بحرية". وقال وايزر، من "بايفوتال"، إن "تويتر" على حق في التعامل مع الإساءة على أنها مصدر خطر يهدد الأعمال. "خسارة أفرادا مرموقين شيء مؤلم. بالتأكيد من الأفضل أن يحاولوا التخلص من الكلام الذي يدل على الحقد، أو الصادر عن أناس حاقدين".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES