أخبار اقتصادية

«إيني»: منتجو الشرق الأوسط اللاعب الوحيد في السوق النفطية

«إيني»: منتجو الشرق الأوسط اللاعب الوحيد في السوق النفطية

السوق النفطية تتجه إلى التوازن ولكن بوتيرة أبطأ من المتوقع بفعل تأثير العوامل الجيوسياسية.

توقع مختصون نفطيون استمرار حالة التقلبات السعرية في أسواق الخام خلال الأسبوع الجاري في ضوء عودة تأثير حالة تخمة المعروض ونشاط منصات الحفر الأمريكية للأسبوع الرابع على التوالي والتي قادت إلى خسائر سعرية بلغت 4 في المائة في الأسبوع الماضي. ورجح المختصون عودة السوق إلى التوازن ولكن بوتيرة أبطأ من المتوقع نتيجة تأثير العوامل الجيوسياسية ولكن من المؤكد أن مستويات الطلب تتجه إلى النمو فيما يتجه المعروض النفطي إلى التقلص بسبب تراجع أنشطة التنقيب والإنتاج في معظم الشركات المنتجة وهو ما دفع شركة "شلومبرجر" وهي أكبر شركة لخدمات حقول النفط في العالم إلى توقع حدوث عجز كبير في الإمدادات العالمية. وتوقع المختصون نجاح جهود كبار المسؤولين الاقتصاديين في دول مجموعة العشرين خلال اجتماعهم في الصين في احتواء تداعيات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي وتحصين الاقتصاد العالمي من أي نتائج سلبية على معدلات النمو في ضوء المتغيرات السياسية الدولية السريعة والمتلاحقة. وأشار المختصون إلى أن اجتماعات مجموعة العشرين تولي اهتماما كبيرا لملفين مهمين الأول هو طاقة الإنتاج الزائدة في بعض الصناعات ومنها بالطبع صناعة النفط الخام والثاني سبل دعم استقرار أسعار صرف العملات خاصة الدولار والذي له تأثير كبير على استقرار أسعار النفط الخام وفق العلاقة العكسية بينهما. وفي هذا السياق، أوضح لـ "الاقتصادية"، يوستين كرستنسن المحلل والباحث بشركة "أوكسيرا" البريطانية للاستشارات المالية، أن أسواق الطاقة قد تستمر في حالة عدم الاستقرار إلى حين وضوح آلية التخارج البريطاني من الاتحاد الأوروبي منوها إلى أهمية اجتماعات مجموعة العشرين الحالية في الصين في دعم استقرار الأسواق من خلال زيادة برامج التعاون والتكامل الاقتصادي بدلا من السياسات المالية والاقتصادية المنفردة لبعض الدول مع التركيز على ضرورة تبنى نماذج الطاقة المتكاملة. وأشار كرستنسن إلى أن بريطانيا تواجه تحديات كبيرة في مجال الطاقة وربما تزيد هذه التحديات مع الخروج من التكتل منوها إلى أن انبعاثات الكربون في المملكة المتحدة مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وأنها يجب أن تقطع خطوات أكبر في خطط التحول إلى الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 مشيرا إلى أن الالتزامات زادت أعبائها على لندن بعد خروجها من المنظومة الجماعية إلى العمل بشكل فردى. وأضاف كرستنسن أن نتيجة الاستفتاء بالانفصال لن تؤدى إلى تغيير في التوجه العام لسياسة الحكومة البريطانية نحو إزالة الكربون وسيتم الاعتماد على سيناريو خروج دقيق وشفاف ومن المرجح أن يكون هناك جدول أعمال واضح لإزالة انبعاثات الكربون مع تحول تدريجي ومتوازن نحو تطوير مصادر الطاقة المتجددة والقيام بأعمال دقيقة ومدروسة لتوفير البدائل وحلول الطاقة رخيصة التكلفة متوقعا أن يتم التحول بشكل أسرع من الفحم إلى الغاز وزيادة الاعتماد على موارد الطاقة النووية. من جانبها، قالت لـ "الاقتصادية"، إيريكا ماندرفينو مدير العلاقات العامة بعملاق الطاقة الإيطالية شركة "إيني"، إن بعض الدول المنتجة للنفط تواجه أزمة اقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط مثل فنزويلا بينما هناك منتجون آخرون خاصة في الشرق الأوسط أعطى انخفاض أسعار الطاقة لهم ميزة تنافسية حيث أصبحوا اللاعب الوحيد في الإنتاج والاستثمار كما استفادوا من زيادة حصتهم في السوق مشيرة إلى أن جميع المنتجين يجب أن يركزوا على تنويع مصادر الطاقة، وتأكيد مكانتهم في سيناريو الطاقة في المستقبل. وأضافت ماندرفينو أن الغاز سيكون له دور أقوى ومتنام في مزيج الطاقة العالمي حيث إنه أفضل من الناحية البيئية وسيمكن الاستثمارات في مجال الطاقة من الاستجابة للضغوط الدولية في مجال مكافحة التغير المناخي كما أن موارد الشرق الأوسط من الغاز كبيرة ومتسعة حيث ستصبح المنطقة مركزا عالميا أكبر في إنتاج الغاز ويمكن أن يلعب هذا المورد دورا مهما في تعزيز التنمية والمساهمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة بأسرها. وأكدت ماندرفينو أن الشرق الأوسط ودول شمال إفريقيا تواجه سيناريوهات اقتصادية وسياسية صعبة بسبب التوترات السياسية ولكن لديها كل الظروف المواتية للعودة إلى الاستقرار في الآجال المتوسطة والطويلة والاستفادة على نحو أكبر من كميات كبيرة من احتياطيات النفط والغاز منخفضة الأعباء في الإنتاج وحتى في تكاليف التشغيل. وبحسب ماندرفينو فإن التحولات في مجال الطاقة يجب أن تكون تدريجية خاصة فيما يتعلق بالموارد الجديدة والطاقة المتجددة وسيكون ضروريا مواءمة التكاليف والأسعار مشيرة إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمثل حاليا 36 في المائة من إنتاج سوائل الطاقة العالمية وهي لديها القدرة على أن تكون أكثر محورية في مستقبل الطاقة حيث ستقوم بتوسيع حصتها في السوق. إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور آمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، أن عدم استقرار الأسواق والمرشح أن يستمر في الفترة المقبلة لا يعنى العودة مرة أخرى إلى الانخفاضات الحادة بل على العكس يمكن القول بكل ثقة إن الفجوة بين العرض والطلب تتقلص على نحو جيد بسبب نمو الطلب وتراجع المعروض النفطى كنتيجة مباشرة لتباطؤ الاستثمار وانكماش الإنتاج عال التكلفة. وأضاف فاسولي أن التقديرات الواقعية تشير إلى أن السعودية والعراق وحدهما الأكثر قدرة على التوافق مع أسعار ضعيفة للنفط كما أنها الأكثر قدرة على تلبية الاحتياجات والإمدادات من النفط الخام ويمكن أن يظلا المساهمين الرئيسين في زيادة العرض في ظل أى بيئة سعرية. ونوه فاسولي إلى أن منظمة "أوبك" ستظل تلعب دورا رئيسيا في سوق الطاقة العالمي وستكون عنصر أمان في السوق من خلال استمرار بعض الدول الرئيسية في الاستثمار وتأمين المعروض في ظل أي مستوى للأسعار مشيرا إلى أنه عموما سيحتفظ الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بموقف قوي واستراتيجي في سيناريو الطاقة المستقبلي. واعتبر فاسولي أن إعلان فيليب هاموند وزير المالية البريطاني عن خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي بشكل شفاف وواضح قبل نهاية العام الجاري سيكون لها انعكاسات إيجابية واسعة على الأسواق وستسهم في تهدئة المخاوف وتبديد حالة الضبابية التي ميزت الفترة الماضية منذ إعلان نتائج الاستفتاء البريطاني الشهر الماضي. وكانت أسواق النفط شهدت في ختام الأسبوع الماضي حالة من القلق ما أدى إلى تراجع أسعار النفط الخام 4 في المائة في ختام تعاملات الأسبوع المنصرم وسط تصاعد الهجمات الإرهابية التي طالت الاقتصاديات الكبرى خاصة هجمات ميونيخ ونيس في الأيام الماضية فيما لا يزال الوضع ملتبسا بشأن معدلات النمو في أوروبا في ضوء انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وانحسرت المخاوف نسبيا من غياب الاستقرار في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة فيما عادت السوق النفطية إلى التأثر بحالة تخمة المعروض خاصة مع استمرار تزايد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة. وبحسب "رويترز"، فقد انخفض سعر خام القياس العالمي مزيج برنت 51 سنتا أو 1.1 في المائة عند التسوية إلى 45.69 دولار للبرميل بعدما نزل إلى 45.17 دولار في وقت سابق مسجلا أدنى مستوى له منذ 11 أيار(مايو)، وخلال الأسبوع خسر برنت 4 في المائة. ونزل سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 56 سنتا أو 1.3 في المائة عند التسوية أيضا إلى 44.19 دولار للبرميل، وخسر خلال الأسبوع 3.8 في المائة، وارتفع الدولار لأعلى مستوى له في أكثر من أربعة أشهر فيما أثر أيضا على الطلب على النفط - المقوم بالعملة الأمريكية - من جانب حائزي العملات الأخرى. وأفادت بيانات تحميل ومصدر بالقطاع بأن صادرات النفط العراقية تتجه للارتفاع في تموز (يوليو) بما يضع إمدادات المعروض من ثاني أكبر منتج في أوبك على مسار النمو من جديد بعد انخفاضها على مدى شهرين. ومنذ أوائل حزيران (يونيو) بعدما تجاوزت أسعار الخام حاجز 50 دولارا للبرميل بلغ عدد منصات الحفر التي أضافها المنتجون 55 منصة، وقال محللون ومنتجون إن مستوى 50 دولارا للبرميل هو مستوى مهم يشجع على العودة إلى الإنتاج بعد انخفاض الأسعار بأكبر وتيرة منذ عقود بما أدى إلى تراجع عدد منصات الحفر منذ تسجيل مستوى الذروة عند 1609 منصات في تشرين الأول (أكتوبر) 2014.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية