FINANCIAL TIMES

صناعة الإعلان تستيقظ على واقع جديد تصنعة «جوجل» و«فيسبوك»

صناعة الإعلان تستيقظ على واقع جديد تصنعة «جوجل» و«فيسبوك»

صناعة الإعلان تستيقظ على واقع جديد تصنعة «جوجل» و«فيسبوك»

الزوار الذين لم يخطر ببالهم هذا الأمر، من الذين جاءوا إلى الريفييرا الفرنسية الأسبوع الماضي، ربما شعروا بالدهشة لاكتشاف أن صناعة الإعلانات التي تجتمع هنا كل عام من أجل مهرجان كان ليونز، تواجه اضطرابات كبيرة. الورد كانت يتمايل، والموسيقى في حفلات الشواطئ كانت صاخبة، وقائمة المواهب من الدرجة الأولى التي تشمل تشانينج تاتوم، وجوينيث بالترو، وويل سميث كانوا موجودين، ينشرون الحكمة على المسرح أمام آلاف المسؤولين التنفيذيين الذين جاءوا من جميع أنحاء العالم للاحتفال بالابتكارات الإعلانية. لكن بعيدا عن الحفلات والجوائز، وكالات الإعلان، ومشترو الإعلام، والشركات القابضة تستيقظ ببطء على مستقبل تم قلبه وأعيد تشكيله من قبل شركتين في مجال التكنولوجيا. الجزء الأكبر من الإنفاق من قبل العلامات التجارية على الإعلانات الرقمية يذهب إلى جوجل وفيسبوك. الشركتان مجتمعتين كانتا تمثلان 75 في المائة من جميع الإنفاق على الإعلانات الجديدة على الإنترنت في عام 2015، وذلك وفقا لتقرير اتجاهات الإنترنت الذي نشرته ماري ميكر، من" كلاينر بيركنز كوفيلد أند بايرز"، صندوق رأس المال المغامر الأمريكي. في الولايات المتحدة 85 في المائة من كل دولار جديد يتم إنفاقه على الإعلانات الرقمية ذهب إلى هاتين الشركتين في الربع الأول من عام 2016. هذا أمر مهم لأن الرقمية تصبح بسرعة أكبر مصدر للإيرادات في مجال الإعلانات. وهي ستغطي على التلفزيون في الولايات المتحدة العام المقبل، وذلك وفقا لشركة الأبحاث، "إي ماركيتر"، حيث من المرجح أن تذهب حصة الأسد إلى الاحتكار الثنائي، فيسبوك وجوجل. المسؤولون التنفيذيون في المهرجان يتظاهرون بالشجاعة بخصوص ما يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة لصناعتهم، لكن ستكون هناك نتائج عميقة مترتبة على كون الشركتين هما حارسا البوابة بالنسبة لمعظم الإعلانات الرقمية. جوجل وفيسبوك تتنافسان في بعض المجالات مثل إعلانات الفيديو الرقمية لكنهما، وفقا لأحد التنفيذيين في مجال الإعلانات، موجودتان "في كل جزء من السلسلة الغذائية". هذا التحول الزلزالي في مشهد الإعلانات الرقمية وعلى الهاتف الخلوي الذي تسيطر عليه بشكل فعال شركتان، لديه تداعيات واسعة بالنسبة للوكالات، ومشتري الإعلام، والناشرين، والعلامات التجارية التي تريد بيع مزيد من المنتجات. #2# يحب المعلنون الاستهداف الذي يحصلون عليه من فيسبوك والبيانات الثمينة التي تملكها عن مستخدميها البالغ عددهم 1.6 مليار شخص، تماما كما يحبون فاعلية محرك بحث جوجل. لكنهم يشعرون بالقلق إزاء تركيز قوة السوق في شركتين لا تملكان الملعب فحسب، لكنهما قادرتان على تحديد قواعد اللعبة أيضا. يقول بريان ويزر، المحلل في شركة بايفوتال ريسيرتش، إن فيسبوك وجوجل "هما من الشركات المهيمنة" التي يمكنها قريبا أخذ الحملات بعيدا عن التلفزيون. بول فرامبتون، الرئيس التنفيذي لمجموعة هافاس ميديا البريطانية، يقول إنهما "صندوقان أسودان" يملكان الكثير من السلطة. "إنهما لا تمنحان الوكالات أو العلامات التجارية إمكانية الوصول إلى الخوارزميات الخاصة بهما. البيانات التي يتم الحصول عليها هي لجوحل وفيسبوك - وليس للعلامات التجارية". كان للشركتين وبشكل غير متعمد أثر على إيرادات الإعلانات المطبوعة، التي انخفضت في المملكة المتحدة والولايات المتحدة خلال الأشهر الستة الماضية. وأوردت صحيفة "فاينانشيال تايمز" الأسبوع الماضي أن التنفيذيين في الصحف البريطانية أجروا مناقشات تتعلق بتجميع الموارد لتشكيل عملية مبيعات إعلانية موحدة، جزئيا لأن الكثير من الإنفاق على الإعلان في الصحف المطبوعة تحول إلى كل من فيسبوك وجوجل. وكانت هناك مناقشات مشابهة في مهرجان كان بهدف إيجاد "كتلة ثالثة" من مخزون الإعلانات التلفزيونية لمنافسة قوة فيسبوك وجوجل. والمحادثات الآن في مراحلها المبكرة جدا، لكنها تركزت على مالكي مخزون تجميع الشبكات التلفزيونية، وفقا لأشخاص اطلعوا على المناقشات. يقول السير مارتن سوريل، الرئيس التنفيذي لشركة دبليو بي بي، أكبر مجموعة اتصالات وتسويق في العالم، إنه يمكن تشكيل تكتل واحد ممكن من المخزون، من خلال استحواذ ياهو على أمريكا أون لاين، الموقع الهاتفي الرائد المملوك من قبل فيرايزون. ويقول إن البديل يمكن أن يكون التحالف المقترح بين أصحاب وسائل الإعلام التقليدية، مثل فوكس القرن الحادي والعشرين، ونيوز كورب، وكومكاست، التي تمتلك قناة إن بي سي يونيفرسال، وغيرها من الشركات. وكانت الفكرة قد جاءت من "مجموعة إم" Group M، وكالة شراء الإعلام التي هي جزء من "دبليو بي بي". ويضيف قائلا: "إنها مجرد فكرة". الحوار مع المستهلكين اعتاد التنفيذيون في مجال الدعاية والإعلان على حياة أكثر بساطة. فقد كانوا يحصلون على المقاولة من العميل، وينشئون حملة له، ويشترون وقت الإعلان للعميل من التلفزيون أو مساحة إعلانية في الصحف والمجلات المطبوعة. يقول أحد الرؤساء التنفيذيين لإحدى الوكالات: "لم يعرف الناس كم كانت الأيام الخوالي جيدة إلا عندما ولت. يمكنك الابتعاد لشهرين ونصف الشهر للتفكير في الحملة ومن ثم الذهاب إلى بعض الأماكن الغريبة لتقديم الإعلان التجاري". في الأيام التي سبقت ظهور الإنترنت كان يمكن للعلامات التجارية وببساطة "الصراخ على الجمهور"، و"المحادثات" التي يجريها مديرو العلامات التجارية مع المستهلكين كانت بلا ريب في اتجاه واحد. تتحدث الوكالات الآن عن علامات تجارية ترتبط بشكل مباشر مع المستهلكين، ما يعمل على خلق ما يسميه كيث ويد، كبير الإداريين التسويقيين في يونيلفر، بـ "مسار الشراء". عبر فيسبوك، يمكن أن يكون هذا إعلانا في زاوية الأخبار عن سيارة تتضمن إدخال المشاهد بياناته الشخصية أو حجز اختبار قيادة لها - أي شيء يجعل المشاهد يقترب من اتخاذ قرار الشراء. تعتبر يونيلفر ثاني أكبر معلنة في العالم، حيث أنها تنفق عدة مليارات من الجنيهات سنويا وتمتلك علامات تجارية تراوح من ماركة "دوف" و"بي جي تيبس" إلى "مارمايت" و"بيرسيل". ويقول: "اعتدنا عرض إعلان كبير يوم الخميس عبر شاشات التلفزيون حيث إنك عندما تذهب إلى تيسكو صباح يوم السبت للتسوق يمكنك رؤية بيرسيل وبالتالي شراؤه خلال تسوقك". تحاول الشركة وأقرانها استخدام البيانات لجعل حملاتها الإعلانية مستهدفة بشكل أفضل، مدركة أنه في عصر مسجلات الفيديو الرقمية والعرض عند الطلب، يميل عدد أقل من الناس إلى مشاهدة البث التلفزيوني المباشر في وقت محدد. كما أنها أدارت أخيرا حملة "برامجية إبداعية" في البرازيل من أجل المنتج "آكس"، مزيل العرق الرجالي المعروف باسم لينكس في المملكة المتحدة، الذي استخدم تلقائيا 100 ألف صورة ورسم زخرفي لإنشاء إعلان تجاري قصير تم تصميمه بشكل منفرد للمشاهدين. وتظهر الإعلانات عبر أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وقد تم تجميعها بشكل تلقائي باستخدام البيانات المخزنة على جهاز كل مستخدم. يقول ويد: "التكنولوجيا تمنحك القدرة على أن تكون مركزا وبشكل أكبر على فرد معين". يحمل فيسبوك كميات كبيرة من بيانات مستخدميه، بما في ذلك اهتماماتهم وموقعهم وغيرها من المتغيرات، التي تفسر جزئيا السبب في أن كثيرا من المعلنين يتوافدون لاستخدام هذه المنصة. يقول بين وينكلر، كبير الإداريين الرقميين في "أو إم دي"، وهي وكالة إعلامية تعد جزءا من "أومنيكوم": "يؤمن فيسبوك بأن الأمر الأكثر أهمية هو الهوية في ضمان فاعلية الإعلان. وهذا يعد أمرا مهما بالنسبة للأداء لأن هذا هو قوة فيسبوك (...) فهم يعرفون من أنت والكثير من المعلومات المتعلقة بك". ويضيف قائلا إن طريقة عمل جوجل مختلفة، لأن معظم أعمالها التجارية تأتي من عمليات البحث عبر الإنترنت. يقول وينكلر: "تؤمن جوجل بأن الهوية أمر ثانوي بالنسبة للنوايا. المهم هو ما تريده الآن لأن خدمات ومنتجات الإعلانات تلبي الحاجة أو الرغبة. إنها مناهج عمل مختلفة، لكنها تكمل بعضها بعضا. والحقيقة هي أن كلا منهما على حق، ولهذا السبب نستخدمهما الإثنين". وهناك عواقب أخرى مترتبة على تحرك صناعة الإعلان نحو إيجاد إعلانات مستهدفة أكثر اعتمادا على البيانات - ألا وهو أن الجانب الإبداعي يتطلب المزيد من العمل. يقول جيم ستينجل، مسؤول التسويق العالمي الأسبق في شركة بروكتر أند جامبل، أكبر شركة معلنة في العالم: "يجري استهداف عملية الإعلان الإبداعية". وبحسب ويد "ذلك يتطلب بالتأكيد بذل جهود أكبر من السابق. لكننا دائما ما كنا مستهدفين. والسبب في أن لدينا محفظة من (الآيس كريم) هو أننا استهدفنا مجموعات مختلفة من الناس. دائما ما كنا نحقق الهدف ولدينا الآن قدرة أكبر على تحقيقه". حتى مع العمليات المؤتمتة، يعد تجميع الأجزاء المكونة لحملة تستهدف تركيبة سكانية مختلفة ومتعددة أمرا أكثر تعقيدا من إعلان تجاري تلفزيوني منفرد أو إعلان مطبوع. يقول ويد: "إن كنا نريد تجاوز السوق الشاملة التي كانت موجودة في الأمس لنصل إلى التخصيص الشامل، سيكون هذا بمثابة تحد يتمثل في إنشاء المحتوى". مع ذلك، ليس لديه شك يذكر بأن التخصيص الشامل هو النهج الأفضل. "ينبغي أن يكون أفضل بالنسبة لمستقبل العلامات التجارية". اختراق السلسلة تنقسم الآراء حول ما إذا كانت الخدمات المبنية على البيانات والمقدمة من قبل فيسبوك وجوجل ستؤثر في الوكالات التي اعتادت على تقديم تلك المعلومات لعملائها. فهما تملكان منصاتهما الخاصة، وبإمكانهما تحديد الأسعار ويمكنهما، إلى حد كبير، تقديم خدمات مفيدة أخرى. يقول أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال الإعلان: "الوكالات هي الهيئات التي سيتم إسقاطها من المعادلة. إذا كان شراء حملة ما سهلا مثل سهولة اللجوء إلى فيسبوك وجوجل واستهداف فئة سكانية معينة، حينها لماذا أحتاج لوكالة لشراء الإعلانات؟". وبحسب المشترين في مجال وسائل الإعلام، حتى مع موقف فيسبوك وجوجل المهيمن، المشهد الإعلاني معقد لذلك تحتاج العلامات التجارية كل المساعدة التي يمكنها الحصول عليها. ويقول أحد المسؤولين التنفيذيين في إحدى الوكالات: "يعتمد مديرو التسويق على وكالاتهم بشكل أكبر من أي وقت مضى". وهناك خيارات رقمية أخرى خارج نطاق فيسبوك وجوجل. مثلا تطبيق المراسلة "سناب تشات" يصبح خيارا بديلا للمعلنين وكان له وجود كبير في مهرجان الأسبوع الماضي. ويلاحظ فرامبتون "أنه آخذ في تحدي فيسبوك وجوجل، لا سيما في الولايات المتحدة". ووجود المزيد من خيارات التوزيع أفضل بالنسبة للعملاء وهو يؤدي إلى وجود عمل إبداعي بشكل أفضل. "تؤدي حرية اختيار العمل مع عدة شركاء إلى تفكير أفضل وأفكار أفضل". ويضيف قائلا إنه على الرغم من حجمهما ونطاقهما، هناك حدود مقيدة لدى كل من فيسبوك وجوجل. "الكثير من المحتوى الموجود عبر يوتيوب ليس في المكان الذي ترغب العلامات التجارية أن تكون موجودة فيه. يعتبر فيسبوك بيئة اجتماعية ربما ليس بالضرورة أن تكون المكان الأفضل لمنح العلامة التجارية أثر تحقيق الربح". في الوقت الذي تعاني فيه الصناعة في سبيل اختيار الطريقة التي تتعامل بها مع الاحتكار الثنائي، هناك شركات تكنولوجيا أخرى يمكن أن تحظى بأثر أكبر حتى على تسويق وبيع السلع الاستهلاكية. وتشير تقارير إلى أن أمازون تخطط لإنتاج علامتها التجارية من منتجات السلع الاستهلاكية، مثل الوجبات الخفيفة ومسحوق الغسيل. وقد عملت مع مستشارين لإيجاد علامات تجارية ستبيعها من خلال متجرها عبر الإنترنت، جنبا إلى جنب مع مواد أنتجتها شركات السلع الاستهلاكية الأخرى، مثل يونيلفر. كما أنها تصعد أيضا تحركها لتصبح جزءا من "تحويل الأمور إلكترونيا" من خلال التحالف مع الشركات المصنعة لتقديم خدمة إعادة الترتيب التلقائي لعملائها الرئيسيين من خلال "أزرار السرعة". مثلا، يقوم المستهلك بوضع زر منظف الغسيل إلى جوار آلة الغسيل بحيث يمكنه الضغط على الزر لطلب كمية جديدة عند نفاد الكمية. ومقترح أمازون، أكبر متجر عبر الإنترنت في العالم، الذي يبيع سلعه الخاصة به ويلتف على عملية الشراء التقليدية، أثار الكثير من التفكير والقلق. يقول أحد كبار المسؤولين التنفيذييين في مجال الإعلان، مشيرا إلى نطاق أمازون وقوتها السوقية وقدرتها على بيع وتقديم منتجاتها الخاصة بها بسرعة وبشكل فاعل: "يشعر العملاء بالرعب". كيف يمكن أن تتنافس العلامات التجارية والشركات المسؤولة عن تسويقها وبيعها؟ الإجابة ليست واضحة بشكل فوري لكن تلك المخاوف وغيرها من الأمور الأخرى المثيرة للقلق والمتعلقة بفيسبوك وجوجل لم تعمل على إيقاف الصناعة من المشاركة في مهرجان كان الأسبوع الماضي كما لو أن حياتها تعتمد عليه. الأمر الذي ربما يكون كذلك. يقول فرامبتون: "لا يبدو الأمر وكأنها صناعة تتعرض لتهديد خطير. أنموذج الوكالة يجري تعطيله وبشكل كبير". جوجل وفيسبوك هما مملكتا الإعلان الجديدتان وأمازون تنتظر. والرجال والنساء المسؤولون عن الإعلانات يعرفون كيفية سرد القصص، لكن من غير الواضح كيف ستنتهي قصصهم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES