FINANCIAL TIMES

«خروج بريطانيا» يترك «فاينانشيال تايمز 250» عُرضة للرياح المعاكسة

«خروج بريطانيا» يترك «فاينانشيال تايمز 250» عُرضة للرياح المعاكسة

تصويت بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي أطلق العنان لاضطراب السوق العالمية، وسجل ومؤشر فاينانشيال تايمز 250 الذي يُركّز على الاقتصاد المحلي، أكبر خسارة له خلال يومين منذ تشرين الأول (أكتوبر) 1987، بانخفاضه نحو 14 في المائة. هذا المؤشر يضم شركات التصنيع متوسطة الحجم وشركات الخدمات ومتاجر التجزئة، التي على عكس الشركات العالمية الكبيرة المدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز 100، من المرجح أن تتعرّض لضرر كبير من أي حالة ركود في المملكة المتحدة. في الوقت الذي عاد فيه المتداولون من عطلة نهاية أسبوع قضوها في تقييم التراجع المذهل يوم الجمعة الماضي في أسعار الأسهم، كان مؤشر فاينانشيال تايمز 250 قد تضرر للغاية، إذ أغلق منخفضا بنسبة 7 في المائة. في الوقت نفسه، مؤشر فاينانشيال تايمز 100 تضرّر بشكل أقل وأغلق منخفضا 2.6 في المائة، ما يعكس التنوع الأكبر للشركات المدرجة عليه، والعديد منها ستستفيد من العائدات الأجنبية الأقوى في الوقت الذي تنخفض فيه قيمة الجنيه. بعد فترة طويلة دامت سبعة أعوام من الأداء المتفوّق للمؤشر المحلي، الآثار المترتبة على خروج بريطانيا بالنسبة لاقتصاد المملكة المتحدة تجعل مؤشر فاينانشيال تايمز 250 يبدو مكشوفاً للغاية. وتواجه الأسهم المحلية أيضاً مزيدا من الضغط من مديري الصناديق الذين يتسابقون لخفض التعرّض للخطر بالنسبة لمؤشر فاينانشيال تايمز 250 بعد أن تفوّق على مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بنحو 90 في المائة منذ عام 2009. بول ماركهام، الذي يُدير صندوق أسهم عالمية بقيمة أربعة مليارات دولار، تابعا لشركة نيوتن لإدارة الاستثمارت، يقول: "قرّرت السوق منذ الآن الخروج من القطاعات التي ستتضرر. المشكلة بالنسبة لمؤشر فاينانشيال تايمز 250 هي احتمال الركود الذي سيُلحق الضرر بالقطاعات الاستهلاكية ذات الطابع التقديري. وهناك أيضاً شركات ذات تركيز دوري، مثل أسهم الشركات الهندسية، يُمكن أن تتضرر من التخفيضات في النفقات الرأسمالية". بالنسبة لأسهم الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، التحذيرات بشأن الأرباح بدأت بالفعل. إيزي جيت، شركة الطيران الاقتصادي، حذّرت منذ الآن من أن عدم اليقين المتعلّق بخروج بريطانيا سيُلحق الضرر بدخلها، ما أدى إلى انخفاض العائد لكل مقعد بالعملة الثابتة في النصف الثاني "بمقدار 0.5 المائة على الأقل" على أساس سنوي. وهناك توقعات بصدور سلسلة من التحذيرات المماثلة بشأن الأرباح من شركات مدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز 250، لأن الأضرار التي سيتعرّض لها الاقتصاد البريطاني تلوح في الأفق. لكن بعض المستثمرين يتمسّكون بها في الوقت الحالي. جيمس إلسلي، وهو مدير محافظ في صندوق إكويتي كور البريطاني، التابع لـ "جيه بي مورجان"، يقول إنه ليست لديه أية خطط لتعديل أصوله تحت الإدارة، البالغة نحو 17 في المائة لمؤشر فاينانشيال تايمز 250، و80 في المائة لمؤشر فاينانشيال تايمز 100 ونسبة الـ 3 في المائة المتبقية في أسهم الشركات الصغيرة. ويضيف: "لن نجري تغييرا كبيرا فيما يتعلّق بالتخصيص، لكننا سنفعل ذلك في هوامش الربح، مناطق الجذب النسبية للأسهم التي تُحقق الأرباح في الخارج تتزايد. والتغيير في قيمة الاسترليني سيحدد الوتيرة". سباستيان جوري، المحلل الاستراتيجي في "ليبروم"، يُحذّر من أن متاجر التجزئة ستواجه ضغطا خاصا: مع مواجهة معظم متاجر التجزئة للتكاليف بالدولار والبيع بالاسترليني، فإن الجنيه الضعيف سيُلحق الضرر بهوامش الربح الإجمالية". الآن وقد استقرت أسعار النفط والمعادن، والتوقعات بالنسبة للاقتصاد البريطاني في حالة تغيّر مستمر، المؤشر من الدرجة الثانية في المملكة المتحدة، الذي يولّد 50 في المائة من إيراداته من داخل المملكة المتحدة، يبدو تماماً أنه مُعرّض للخطر بسبب نوبته السابقة من الأداء المتفوّق. ويعمل تراجُع التوقعات الثابت والمستمر بالنسبة للجنيه على توفير عازل للشركات المّدرجة في المملكة المتحدة التي تُحقق إيراداتها بالعملة الأجنبية، ما يوفّر مزيدا من الدعم النسبي لمؤشر فاينانشيال تايمز 100 مقارنة بنظيره المحمل بالشركات متوسطة الحجم. وتلاحظ كارين أولني، وهي خبيرة استراتيجية في "يو بي إس"، أن "مؤشر فاينانشيال تايمز 100 يملك 75 في المائة من المبيعات خارج المملكة المتحدة، وفي حال عدم وجود أي قيود فورية على التجارة فمن المتوقع أن يستفيد من ذلك". بالنسبة لمؤشر فاينانشيال تايمز 100، الانخفاض في الجنيه قد يجذب أيضاً المشترين الدوليين، ما يوفر مزيدا من الدعم لأسهم الشركات الكبيرة. لاري هاثيواي، كبير خبراء الاقتصاد في شركة إدارة الأصول GAM، يقول: "يُمكننا بالتأكيد تصوّر عمليات دمج واستحواذ في مكان ما في المستقبل، نظراً لجاذبية أسعار الأصول في المملكة المتحدة بالنسبة للأجانب، لكن يبدو فعلاً أن هذا الأمر بعيد نوعا ما، ببساطة بسبب غمامة عدم اليقين العالقة في الأفق". لكن لا يُمكن قول الشيء نفسه عن الأثر الاقتصادي والتوقعات القاتمة بالنسبة لأرباح الشركات. ووفقا لمحلل من "جيه بي مورجان كازينوف": "داخل المملكة المتحدة، الدورة المحلية لها تأثيرها والشركات المالية لها حساسية أرباح، فوق المتوسط، بالنسبة إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي. ومن المرجح أن تكون الأكثر تأثّراً من الناحية السلبية إذا تباطأ الاقتصاد البريطاني". لكن هناك مجالات حيث التوقعات قاتمة أكثر باستمرار - الشركات الكبيرة ومتوسطة الحجم على حد سواء من المرجح أن تواجه ضغوطا مستمرة. شركات بناء المنازل وغيرها من الأسهم المُعرّضة لسوق الإسكان في المملكة المتحدة يبدو من المُقرر أن تواجه مزيجا قويا على نحو خاص من العوامل السلبية. إذن، أين هي المجالات التي من المرجح أن تتفوّق في الأداء؟ جوري، من ليبروم، يُشير إلى أنه ستكون هناك فرص ضمن هذا النمط الأوسع، حتى بين متاجر التجزئة: "نحن نُفضل اختيار تلك الأسهم التي لديها تعاملات دولية مهمة لكي نشتريها على أساس الضعف الناتج عن خروج بريطانيا". ويتوقّع "سوسييتيه جنرال" أن تتألق الخصائص الدفاعية لأسهم السلع الاستهلاكية أثناء اندلاع التقلّب الشديد.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES