Author

أصبح عندنا الآن إدارة مشروع

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا
أجرى الزميل تركي الدخيل أمس مقابلة مع ولي ولي العهد أعلن فيها إقرار مجلس الوزراء لما عرف باسم "رؤية السعودية 2030". ومما لفت انتباهي في المقابلة جوابه عن سؤال عن التنفيذ، حتى لا يكون ما قيل وكتب مجرد حبر على ورق. فكان جواب ولي ولي العهد بما معناه أنه تحت التطوير برامج وآليات بما يمكن أن تسمى إدارة برامج أو مشاريع. وطبعا تتطلب هذه الإدارة تنظيمات وهياكل إدارية، بما أشار إليه ولي ولي العهد بمكتب إدارة مشرع pmo وأنه مطبق في مجلس الشؤون الاقتصادية وغيره من الجهات العليا. حقيقة عانينا في السابق مشكلة كبيرة تتمثل في افتقادنا لرؤية شاملة في كيفية إدارة وتنفيذ طموحاتنا الاقتصادية الكبرى. ووجود شخص ذي صلاحية فوق الوزراء يتابع مباشرة التنفيذ. وصحيح كان لدينا أفكار وخطط تنموية، وصحيح لدينا أجهزة كوزارة الاقتصاد والتخطيط، لكنها كانت في الماضي عبارة عن وثائق وأجهزة استشارية دون رؤية واضحة للتحول وكيفيته ومتطلباته. وزاد الطين بلة فقد أو قلة التعاون والتنسيق بين أجهزة الدولة وكبار مسؤوليها. لنأخذ على سبيل المثال، مشكلة ضعف التنسيق بين وزارتي "الاقتصاد" و"المالية". وضعف التنسيق والتعاون موجود حتى على مستوى الأفراد ومؤسسات القطاع الخاص. وحتى لا نشط، فإن هذه العلة موجودة في كل المجتمعات، لكن المجتمعات تتفاوت في حدة هذه العلة لأسباب كثيرة. يبدو لي أن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أدرك مبكرا المشكلات السابقة، وأخذ زمام المبادرة لمعالجتها وتخطيها وفق رؤية طموحة. وكانت البداية بتأسيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسته، ويدار بأسلوب أراه أقرب إلى إدارة وتنسيق ومتابعة برامج الدولة ذات الطابع الاقتصادي والتنموي. ثم تبع ذلك إعلان برنامج التحول الوطني وما تبعه من مشاريع وإجراءات على رأسها الصندوق السيادي وخصخصة جزئية لـ"أرامكو" مع الاستفادة منها لبناء كيان صناعي، وزيادة نسبة إسهام عوائد الاستثمارات في إيرادات الدولة. والآن العمل جار على وضع خطوات تفصيلية في إدارة المشروع. وضع خطوات تنفيذ المشروع ومتابعة ذلك كان من ضمن قرارات مجلس الوزراء أمس، حيث جاء ما نصه "ثانيا: قيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بوضع الآليات والترتيبات اللازمة لتنفيذ هذه الرؤية ومتابعة ذلك". هذه النقطة مفصلية، حيث كنا في السابق نفتقد وجود هذه الآليات والترتيبات. ونستطيع أن نقول الآن: إن وجودها لن يكون مشكلة الآن بقيادة ولي ولي العهد. هناك مشكلات وجودها مؤثر سلبا في فعالية ونجاح الرؤية والإصلاح، كمشكلات الفساد الإداري، وضعف الشفافية، وسوء الإدارة، وضعف سلوكيات العمل وتحمل مسؤوليته وانخفاض الفعالية والأداء. وهذه النقاط كانت ضمن تركيز ولي ولي العهد في المقابلة. ومن ثم فالمؤمل وبقيادة ولي ولي العهد أن تبذل جهود جبارة في معالجة المشكلات السابقة. أخذا بعين الاعتبار أن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بقيادة ولي ولي العهد هو من سيتولى إدارة مشروع تنفيذ الرؤية، ونظرا لأنه غير متوقع أن يتوافر وقت لرئيس وأعضاء المجلس للتفاصيل، فهنا أقترح تكوين مجلس تنفيذي تابع لمجلس الشؤون الاقتصادية، يرأسه مساعد لرئيس المجلس، ربما وزير الاقتصاد والتخطيط. وتنقل الوزارة لتكون مكانيا قريبة من المجلس وتتولى أمانة المجلس تقليلا من الازدواجية. أما أعضاء وموظفو المجلس التنفيذي فيمثلون الجهات الحكومية الممثلة في المجلس الاقتصادي الأعلى، ومناطق المملكة للتأكيد على إصلاح خلل توازن توزيع الجهود بين المناطق، والقطاع الخاص نظرا لأن زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد قضية استراتيجية ويفضل أيضا إشراك ممثلين لما يسمى منظمات المجتمع الأهلي أو المدني. مهمة المجلس التنفيذي الأساسية متابعة تنفيذ مشروع التحول الوطني وخطط التنمية وما يتبعها أو يبنى عليها من مشاريع. من المهم جدا حسن اختيار أعضاء المجلس التنفيذي وموظفيهم، وأن يكونوا متفرغين. أما تكوين مجلس أو لجنة غير متفرغة تمثل فيها مختلف الجهات المعنية بالطريقة المعتادة التقليدية في تكوين اللجان فلا يصلح بتاتا.
إنشرها