Author

عندما يتخذ الاقتصاديون قرارات الانهيار

|
يتربع قانون العرض والطلب على سدة القوانين الحاكمة للاقتصاد، ومع تزايد عدد سكان الأرض بشكل كبير، تنطوي تحت تلك الزيادة، زيادة في الطلب على الموارد، وتشمل تلك الموارد، الغذاء، والماء، والطاقة، وتعتبر الممارسات الاقتصادية، التي تسعى إلى سد تلك الاحتياجات عبر الاستخراج لها من بواطن الأرض عملية ذات حدين، الحد الإيجابي وهو الاستجابة لحجم الطلب في السوقين المحلية والعالمية، والحد السلبي هو نضوب تلك الثروات على المدى البعيد. عند الحديث كذلك عن المخلفات الكيماوية في الصناعة بشكل عام وإدارة النفايات، فإن كوكب الأرض يحتوي على عدد من المواد الكيماوية كذلك ولكن بنسب محددة، "الزئبق مثالا"، ولكن الاختلال في كميات تلك المواد قد يشكل ضررا على الإنسان يعود بدوره إلى فاتورة الأوطان عبر العلاج وظهور أمراض أو مكونات غريبة على الشعوب. لا يخلو كذلك أي قرار بالنجاح أو الانهيار من مكونات البيئة والثقافة في أي مجتمع، وهنا تلعب القيم دورا مهما كبيرا في توجيه القيادات، وكذلك المجتمعات، وطرق تعاطيها، مع أي مشكلة. تتنوع المصادر الاقتصادية للأمم والشعوب، وعلى مر التاريخ، اتخذ بعض الشعوب قرارات اقتصادية أدت بعد ذلك إلى انهيار اقتصاداتهم، قد لا يكون بعض القرارات قادرا على سبر أغوار المستقبل أو التنبؤ بما سيحدث فيما يتعلق بسياساتهم حول مصادر دخلهم الرئيسة، ويمكن القول إن هناك أربع مراحل رئيسة، قد لا يوفق الاقتصادي في اتخاذ قرار حولها فيؤدي بعد ذلك إلى انهيار منظمته أو ثروته. يعتمد كثير من الصناعات اليوم على استخراج الثروات الوطنية، من نفط، وغاز، وأشجار، وتعدين، ومن هنا تبرز إشكالية الإضرار بالبيئة على نحو غير مسبوق. وللمجتمع المحلي ووعيه بالقضايا البيئية دور مهم في تحويل ذلك الوعي إلى قوانين تعنى بالمناطق الأكثر تأثرا بتلك العمليات. المرحلة الأولى هو عدم القدرة على التنبؤ بالمستقبل ومستقبل القرار، من تبعات تلحق بمصدر ثروته الرئيس كذلك عدم القدرة على التنبؤ بسير ذلك المصدر والعوامل المؤثرة فيه. الثانية عدم القدرة على الإدراك ومن هنا عندما تقع بداية الانهيار أو عدم مقدرته على التنبؤ قد يحصل ما لا يتوقعه، وينتقل بعد ذلك إلى عدم القدرة على إدراك ذلك، سواء بسبب القرب الشديد والتفكير بشكل ضيق ومحدود، أو البعد وعدم التمكن من معرفة التفاصيل المؤثرة في نوع العمل ومصدر ثروته. الثالثة عدم المقدرة على المحاولة، وهو يأتي بعد تجاوز مرحلة التنبؤ ثم الإدراك، قد لا يحاول أن يعيد إصلاح المشكلة أو التأثير فيها، أو أنه قد حاول ولكن ربما يخفق مع ذلك لأن الحل خارج نطاق قدرته، أو أن الجهود ضئيلة و متأخرة. الرابعة محاولة الإصلاح لكن فشل في تلك المحاولة، وقد يعزى ذلك جزئيا إلى خصائص الأفراد والإرادة التي تتحدى التوقعات. بيد أن هناك جوانب مضيئة في ذلك وهي أن كثيرا من الشركات الصناعية، يعتمد على أنظمة ومعايير بيئية، تعتني بالبيئة ومن هنا تكون تلك الشركات ذات سمعة متميزة وأقدر على الاهتمام بالبيئة والثروات الطبيعية، ودفع جزء من الأرباح إلى البيئة في المبادرات البيئية التي تعيد إحياء تلك المناطق ولا تستهلك ثرواتها بشكل تام. لا شك في أن مواجهة الانهيار، تستدعي وجود قائد يمتلك نوعا من الشجاعة، ويمكنه أن يتوقع تصاعد المشكلات، واحتمالية وقوعها، مع نظرة مستقبلية شاملة لتشابك الأحداث، وأن يتخذ خطوات جريئة لحلها قبل أن تصبح أزمة متفجرة، وقد يعرض هؤلاء القادة أنفسهم للنقد في أوقات كثيرة لكن السؤال المهم يبقى في القيم الجهورية ذات المعنى للقائد والمنظمة، وأنها هي التي تستحق التشبث بها. يمتلك الإنسان قدرة كبيرة على التكيف في شتى الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والأهم من ذلك قدرته على التعلم، ومع وجود العدد والنوع اللامحدودين من طرق الاتصال والتواصل تظهر هناك تجارب عالمية ودولية مهمة تستحق التأمل، للاعتبار منها وأخذ الحكمة، وهنا يكمن سر التغلب على الانهيار.
إنشرها