FINANCIAL TIMES

تلاشي الطفرة في جيوب السائقين بانتهاء فورة البنزين

تلاشي الطفرة في جيوب السائقين بانتهاء فورة البنزين

سجل السائقون البريطانيون ما مجموعه 310 مليارات ميل العام الماضي، لإنهاء تراجع دام سبع سنوات في استخدام السيارات في المملكة المتحدة، بفضل الانهيار في أسعار النفط وانخفاض التكاليف في محطة البنزين. مع ذلك، حتى إن واصل النفط هبوطه، فإن في وصول الديزل والبنزين إلى أدنى مستوى لهما، بحسب ما يقول المختصون والمسؤولون التنفيذيون في الصناعة، ما يهدد عرقلة طفرة استهلاكية أوسع نطاقا، كانت قد أثيرت من خلال النقدية الإضافية الموجودة في جيوب سائقي السيارات. في الوقت الذي لم تتراجع فيه أسعار البنزين بنفس مقدار تراجع أسعار النفط، التي انخفضت من 115 دولارا للبرميل في عام 2014 إلى أقل من 30 دولارا، كان الانخفاض كافيا لتشجيع السائقين على العودة إلى استخدام السيارات. السائقون في بريطانيا لم يقودوا مسافات أطول فحسب، بل إنهم يقودون الآن سيارات أكبر حجما وأكثر استهلاكا للبنزين: أصبحت سيارات الاستخدامات الرياضية التي تستهلك كميات كبيرة من البنزين هي الطراز الأكثر مبيعا للسيارات في عام 2015 للمرة الأولى، حيث شكلت 27 في المائة من المبيعات، وفقا لبيانات من تحليل وكالة جاتو دايناميكس. فضلا عن استخدام السيارات، ارتفعت مبيعات التجزئة وأعداد المسافرين جوا خلال العام الماضي. على الرغم من أن أرقام البيع بالتجزئة كانت مخيبة للآمال في فترة عيد الميلاد، إلا أنه على مدى العامين الماضيين كانت الكميات في تزايد دائم. كما ارتفعت أيضا أعداد المسافرين جوا لأن المستهلكين كانوا ينفقون أموالهم الإضافية المتاحة على حجز رحلات جوية مباشرة، رغم أن شركات الطيران الجوي عملت على رفع الأسعار لديها. في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار تذاكر الطيران عادة بنسبة 20 في المائة من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حتى كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ارتفعت العام الماضي بنسبة 46 في المائة. استفادت بعض الشركات جيدا بسبب تلك الاتجاهات. على سبيل المثال، شركة دبليو إتش سميث، التي لديها متاجر في المطارات ومحطات السكك الحديدية ومحطات البنزين، شهدت قفزة في المبيعات بنسبة 5 في المائة في الأسابيع الخمسة الأولى المنتهية في الثاني من كانون الثاني (يناير) الجاري. أما الشركات الأخرى فلم يحالفها الحظ جيدا. انخفضت الأسهم في شركة تيسلا، شركة تصنيع السيارات الكهربائية في مقرها في الولايات المتحدة، بنسبة 30 في المائة منذ الصيف الماضي، مع تعقب الحركة عن كثب لما حدث لأسعار النفط. أرقام الصناعة تنذر بأن الانخفاض في أسعار النفط الخام لن ينعكس على مضخات البنزين لفترة أطول، ما يسبب إحباطا لدعاة الوقود الذين يقولون إنه كان ينبغي على الشركات خفض الأسعار أكثر. هوارد كوكس، مؤسس حملة المملكة المتحدة (فير فيول يوكيه)، اتهم الموردين بـ"التربح الانتهازي". قال دونال ميرفي، العضو المنتدب في شركة دي سي سي، التي تورد وتدير محطات البنزين في المملكة المتحدة: "فقط جزء صغير من أسعار البنزين الآن هو سعر للسلعة الأساسية. الأمر الأكثر أهمية الآن للحفاظ على انخفاض أسعار البنزين، سيكون في خفض الرسوم الجمركية أو ضريبة القيمة المضافة عليه". في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وصلت أسعار البنزين إلى أدنى مستوى لها منذ آب (أغسطس) عام 2009، مع فرض جميع محال السوبر ماركت الكبرى الأربعة أقل من جنيه استرليني على كل لتر من البنزين الخالي من الرصاص. منذ الحادي والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) الماضي، انخفض متوسط سعر اللتر من البنزين بنصف قرش فقط، من 102.3 قرشا إلى 101.8 قرشا. قال آلان كلارك، رئيس استراتيجية الدخل الثابت الأوروبية في "سكوشيا بنك": "لقد وصلنا إلى الحد الأقصى لمدى الألم الذي يمكن أن تتحمله شركات النفط". شعرت بعض الشركات التي تزود باحات بريطانيا بأسوأ آثار الانخفاض في أسعار النفط. بريتيش بتروليوم، على سبيل المثال، شهدت انخفاضا في أسعار أسهمها بنسبة 20 في المائة في العام الماضي، وأعلنت أخيرا أنها سوف تسرح أربعة آلاف عامل. قال كلارك: "سيبقى الناس يواصلون قضاء عطلاتهم وشراء السيارات، لكن بعض هذا الحماس سوف يبرد". الرعب للمستهلكين: حساب تكلفة إمدادات الطاقة الكهربائية المحصورة. في الوقت الذي تكون فيه تكلفة النفط والغاز أقل بكثير مما كانت عليه في الشتاء الماضي، يتعين على شركة ناشيونال جريد الآن دفع مزيد لإبقاء الأضواء مشتعلة، بسبب الوضع الضيق الذي آلت إليه إمدادات الكهرباء في بريطانيا. تظهر الأرقام التي جمعتها كورنوول للطاقة، شركة الخدمات الاستشارية، لصحيفة فاينانشيال تايمز، أنه خلال الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع الماضي - أول موجة برد في فصل الشتاء - دفعت الشبكة لمزودي الكهرباء بنحو 30 في المائة أكثر مما دفعته العام الماضي لتحقيق التوازن في النظام. اضطرت الشركة لأن تدفع للموردين ما متوسطه 91 جنيها لكل ميجاواط من الكهرباء خلال تلك الفترة، في الوقت الذي جعلت فيه درجات الحرارة المتجمدة البريطانيين يستخدمون الغلايات الكهربائية. في يوم بارد وساكن بشكل مماثل من العام الماضي، كان هذا الرقم 65 جنيها فقط. خلال الفترة نفسها، انخفضت تكلفة شراء الغاز لليوم التالي في أسواق البيع بالجملة بنسبة 31 في المائة. تظهر الأرقام الكم الذي ينبغي على شركة ناشيونال جريد دفعه للتأكد من استمرار تشغيل الكهرباء في المملكة المتحدة، لأن محطات الطاقة القديمة أغلقت أبوابها ولم يتم استبدالها بغيرها. تلك التكاليف سيتم تحميلها في النهاية على مستهلكي الطاقة. قال توم إدواردز من شركة كورنوول للطاقة: "على الرغم من انخفاض أسعار الوقود، يعني النظام الأكثر تشديدا أن بإمكان شركات التوليد فرض رسوم على الكهرباء قصيرة الأجل". أضافت ليزا ناندي، وزيرة الطاقة في حكومة الظل لحزب العمال: "عمل تقليص وتغيير سياسة الطاقة من قبل وزير المالية على تأجيل الاستثمار في محطات توليد الطاقة الجديدة. وهذا أمر يضر بأمن الطاقة لدينا ويعني أن الأسر ستواجه ارتفاعا في فواتير الطاقة". قال متحدث رسمي باسم شركة ناشيونال جريد: "ليس من غير المألوف أن نرى ارتفاعا في الأسعار ردا على العرض والطلب، وشركة ناشيونال جريد يجري تحفيزها لتشغيل النظام بالطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES