علمت "الاقتصادية" أن لقاء سيجمع وزير العدل برئيس هيئة مكافحة الفساد "نزاهة" بهدف تنقية الأجواء بين الطرفين واحتواء الخلاف الذي ظهر أخيرا بين الجهتين، حيث تؤكد "نزاهة" أن من صلاحياتها تتبع جميع أعمال الجهات الحكومية بما فيها القضاء، فيما يصر المجلس الأعلى للقضاء على ألا سلطان لـ "نزاهة" ولا لسواها عليه، مرجعة ذلك إلى النظام الأساسي للحكم.
وقد اتسمت الردود المتبادلة خلال الأيام الماضية في وسائل الإعلام بين الطرفين بالحدة والتوتر وتمسك كل طرف برأيه، وحتى الآن لم يفصل في هذه المسألة من قِبل الجهات المعنية.
معلوم أن "نزاهة" قد أصدرت بيانا خلال الأيام الماضية أوضحت فيه أن إجراءاتها في التحقق والتحرّي مما نشر في وسائل الإعلام عن البيع في مخططات عشوائية تابعة لمحافظة المزاحمية أدت إلى إيقاف الصكوك الصادرة من كتابة عدل المزاحمية بهذا الخصوص، وأنه تمت الكتابة إلى هيئة التحقيق والادعاء بالتوسع في التحقيق مع موظفين في فرع كتابة العدل وفرع وزارة الزراعة وفرع وزارة المياه والكهرباء والجهات الحكومية ذات العلاقة في محافظة المزاحمية. وقال عبد الرحمن بن أحمد العجلان، المتحدث الرسمي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة": "أنه وانطلاقا من اختصاصات الهيئة في رصد ما ينشر في وسائل الإعلام عن المواضيع المتعلقة بشبه الفساد، فقد كلّفت ممثلين عنها، للوقوف على الموقع مدار البحث، بعد التحرِّي، والتحقق مما نُشر في بعض الصحف المحلية من إعلانات عن البيع في مخططات عشوائية في مركز الجلة وتبراك التابعة لمحافظة المزاحمية، ورفعت بملاحظاتها بهذا الخصوص، إلى وزير الداخلية، واقترحت تشكيل لجنة من إمارة منطقة الرياض، ووزارة الزراعة، ووزارة المياه والكهرباء، ووزارة العدل، لبحث الموضوع بشكل دقيق والتحقيق فيه، والتأكد من ملكية كل من يدعي التملك فيها، وإزالة أي تعدٍ جرى على أملاك الدولة، وإفادة الهيئة بما ينتهي إليه البحث بالتحقيق". وأضاف العجلان:" أن هذا الإجراء الأخير من الهيئة يأتي استنادا إلى تنظيمها الذي يقضي بإحالة المخالفات والتجاوزات المتعلقة بالفساد إلى الجهات الرقابية أو جهات التحقيق، وأن للهيئة الاطلاع على مجريات التحقيق ومتابعة سير الإجراءات".
وتابع متحدث "نزاهة":" إن وزير الداخلية وجه بتشكيل اللجنة بشكل عاجل، و تأكد لاحقا، وجود فساد إداري لدى كتابة العدل بالمزاحمية، تمثل في عدد من المخالفات، ومنها إخراج كاتب عدل سجلات ومحاضر ضبط إلى بيته، لضبط وتسجيل وتنظيم مخططات زراعية، حيث قام بضبط (800) صك في يوم واحد، ولخطورة القضية تقرر إحالتها إلى هيئة التحقيق والادعاء العام للتوسع في التحقيق مع موظفين في فرع كتابة العدل وفرع وزارة الزراعة وفرع وزارة المياه والكهرباء والجهات الحكومية ذات العلاقة في محافظة المزاحمية، وإيقاف جميع الصكوك الصادرة من كتابة عدل المزاحمية أو القويعية في الموقع مدار البحث "مركز تبراك والجلة"، وإحالتها لمحكمة الاستئناف للتأكد من نظامية هذه الصكوك وفق الاختصاص، وتكليف محافظ القويعية بالعمل على إزالة جميع "الصنادق" التي وضعت في الموقع، ومراقبة الموقع وعدم البيع فيه حتى تنتهي القضية، وتكليف وزارة الزراعة بتطبيق القرارات الزراعية وإزالة ما كان خارجا عنها". وأبان العجلان قائلا: "إن "نزاهة" إذ توضح ذلك انطلاقا من التأكيد على مبدأ الشفافية، وحماية النزاهة ومكافحة الفساد بشتى صورة ومظاهره وأساليبه، وفقا لما نصت عليه الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، وتنظيم الهيئة، فإنها تأمل من المواطنين والمقيمين التعاون معها، والإبلاغ عن أي شبهة فساد، وفقا لطرق الإبلاغ التي وفرتها الهيئة، باعتبارهم أحد الشركاء المهمين في القضاء على جرائم الفساد".
في حين رفض المجلس الأعلى للقضاء في حينها السماح لهيئة مكافحة الفساد (نزاهة) بممارسة الرقابة على القضاة في قضايا الفساد، مؤكدا أنها غير مخولة بذلك.
وشدد على أن "المجلس" هو الجهة الوحيدة التي يحق لها ذلك، ولكنه منح "نزاهة" الحق في متابعة قضايا فساد قد يتورط فيها عاملون في المحاكم، مشترطا أن يكون ذلك بإشراف دائرة قضائية مختصة.
وأوضح الشيخ سلمان بن محمد النشوان المتحدث الرسمي للمجلس الأعلى للقضاء، أن المجلس الأعلى للقضاء هو من يقوم بدور الرقابة والمتابعة على أعمال القضاة والتفتيش عليهم عن طريق التفتيش القضائي بالمجلس وفق اختصاصاته المبينة في نظام القضاء، وهو ما يتماشى مع مبدأ استقلال القضاء الذي نصت عليه الأنظمة التي منها النظام الأساس للحكم ونظام القضاء، وذلك لعدم تداخل السلطات، ولتعزيز مبدأ استقلال القضاء وهو المبدأ الذي يشدد عليه ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة. وقال: "إنه لا صحة لما نشر حول رفض المجلس تزويد هيئة مكافحة الفساد "نزاهة" بما طلبت للقيام بمهامها، كما أن وزارة العدل تدعم ذلك وتستجيب لكل طلبات الهيئة التي تتماشى مع الأنظمة والتعليمات". وبين النشوان، أن المجلس الأعلى للقضاء بصفته المشرف على القضاة وأعمالهم القضائية وفقا لاختصاصاته المبينة في نظام القضاء لديه الأدوات التي تمكنه من متابعة الأعمال القضائية ومحاسبة ما يكون منها مخالفا للمقتضيات الشرعية والنظامية وفق ما تقضي به الأنظمة، وأن المجلس ماض في هذا الأمر بكل عزم وحزم لحماية جهاز القضاء من أي قصور أو خلل قد يحصل، ومؤكدا أن المجلس الأعلى للقضاء يتعاون مع الهيئة العامة لمكافحة الفساد في كل ما يرد منها من ملحوظات وبلاغات ويتعامل معها وفق المقتضى النظامي ومحاسبة كل من ثبتت مخالفته.
وأفاد: "أن التوجيه الذي صدر من رئيس المجلس الأعلى للقضاء لرؤساء المحاكم كان واضحا وصريحا بحيث تمكن الهيئة من الاطلاع على ما تطلبه مما يتعلق بالعمل الإداري والمالي على أن يكون ذلك تحت إشراف الدائرة القضائية المختصة". وأضاف المتحدث الرسمي للمجلس الأعلى للقضاء: "أنه إذا ما كان طلب الهيئة متعلقا بعمل مالي وإداري صرف مثل التحري عن فساد أحد موظفي المحكمة، فتزود الهيئة بما تطلبه وذلك وفق ما جاء به تنظيم الهيئة.

