FINANCIAL TIMES

خطر الإرهاب لعام الانتخابات الأمريكية

خطر الإرهاب لعام الانتخابات الأمريكية

كانوا يقولون، إن الإرهابي في نظر شخص ما هو مقاتل من أجل الحرية في نظر شخص آخر. لا أحد يفكر بهذه الطريقة بعد الآن. حتى التدخليين الأكثر حماسة سيعانون صعوبة كبيرة من أجل تسويق قضية مقاتلي الحرية من سورية. في هذه الأيام، نحن نرى في اللاجئين إرهابيين محتملين. بعد مضي 15 عاما، المجتمع الأمريكي ما زال يخشى من الهجمات الإرهابية بقدر ما كان بعد هجمات 11/ 9. ليس من المجدي كثيرا التلويح بالإحصائيات. الخوف هو بمنزلة ثعبان يملك عقلا خاصا به. قبل عشرة أشهر من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الإرهاب يتجاوز الاقتصاد باعتباره مصدر قلق الناخب الرئيس. الغرائز القاتمة للمجتمع بدأت تنمو. الساعات الـ 72 الماضية توفر لقطة. يوم الخميس الماضي، كان شخص مجنون يحمل سلاحا، وحاول إطلاق النار على ضابط شرطة في فيلادلفيا، غير أن الضابط نجا. المعتدي، الأمريكي من أصل إفريقي المولود في الولايات المتحدة، زعم أنه يتصرف باسم "داعش". قنوات الكابل الإخبارية دخلت في موجة حديث صاخبة عن "إرهاب داعش". لم تتحدث أي قناة عن جرائم القتل الفعلية الـ 280 في فيلادلفيا العام الماضي. لقد تم اعتقال رجلين، كلاهما من أصول فلسطينية عراقية، في كاليفورنيا وتكساس للاشتباه بصلتهما بـ"داعش". كلاهما جاء إلى الولايات المتحدة لاجئا. في الوقت نفسه، تم إطلاق صراح ضابط سجن إصلاحي في كاليفورنيا بكفالة، بعد مهاجمة رجال مسلمين يصلّون في حديقة. وجاء ذلك بعد موجة من الهجمات على المساجد والمسلمين في الولايات المتحدة في الأسابيع الستة الماضية. كل حالة بمعزل عن الأخرى هي بمنزلة حدث بسيط. لكن عند أخذها معا في الاعتبار - وإلى جانب تغطية إعلامية في كل مكان - فهي تثير الرأي العام حول الهجوم الإرهابي التالي. كلا جانبي الانقسام السياسي الأمريكي يثيرانها أيضا. الرئيس باراك أوباما يفعل ذلك من دون قصد. كلما يستشهد بالإرهاب كسبب لتشديد السيطرة على السلاح، ترتفع مبيعات الأسلحة. منذ الهجمات في سان بيرناردينو الشهر الماضي، الذي أودى بحياة 14 شخصا، ارتفعت مبيعات الأسلحة في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي. في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كانت هناك تحريات بقيمة 3.3 مليون عن خلفية مشتري الأسلحة الأفراد، التي كانت أعلى بمقدار الخمس من الرقم القياسي الشهري السابق. تمتّعت شركات تصنيع الأسلحة بعصر ذهبي في عهد أوباما. حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الأمريكيين يشترون ما يقارب ضعف عدد الأسلحة التي كانوا يشترونها عند توليه المنصب. وارتفع سعر السهم في شركة سميث أند ويسون وشركة شتورم، روجر، أكبر شركتين للأسلحة، بنسبة تزيد على 900 في المائة لكل منهما منذ توليه المنصب، مقابل 147 في المائة لمؤشر ستاندرد أند بوزر ككل. كثير من الأمريكيين يشترون الأسلحة لأنهم يخشون أن النافذة بدأت تغلق. من شبه المؤكد أنهم مخطئون. مقترحات أوباما المتواضعة لن تحدث فرقا يذكر، حتى لو نجت من الكونجرس العدائي. كثيرون أيضا يفكرون في أمنهم الخاص. انخفض الدعم الشعبي لتشديد السيطرة على السلاح في الواقع، منذ الهجمات الإرهابية في سان برناردينو وباريس، على الرغم من حقيقة أن الزوجين الإرهابيين في كاليفورنيا وجدا من السهل جدا الحصول على ترسانة من الأسلحة. أوباما لم يقدم خدمة لنفسه من خلال رفضه استخدام المصطلح "الإرهاب المتطرّف". حيث يتمسّك بالمصطلح "التطرّف العنيف"، الذي يؤدي إلى التصور - وليس فقط على اليمين – من أن إدارته محاصرة من قِبل الحذر في استخدام الألفاظ السياسية. كلما كانت اللغة رقيقة أكثر، كانت تبدو أكثر كأنها من أعمال جورج أورويل. يقوم الجمهوريون، في المقابل، بتضخيم الخوف العام عن وعي. على الرغم من أن أمريكا لن تستقبل سوى 10 آلاف لاجئ سوري في عام 2016، إلا أن أكثر من نصف الولايات الأمريكية قالت إنها سترفض استضافة أي منهم. كما دعا دونالد ترامب، المرشح الجمهوري الأوفر حظا، إلى وقف كل هجرة المسلمين "حتى نستطيع معرفة ما يحدث". كما قام أيضا بتعويم فكرة قاعدة بيانات وطنية للمسلمين. وقام تيد كروز، الذي يبدو من المرجح أن يفوز بأول تجمّع للرئاسة في ولاية أيوا الشهر المقبل، بتعيين شركة تحليلات لتصيد وسائل الإعلام الاجتماعية بالنسبة للناخبين الذين يعانون من "حالة عصاب نفسية". مثل معظم منافسيه، كروز لا يفوت فرصة لتصعيد خطر الإرهاب. حيث قال كروز بعد اعتقال اللاجئين الذين ولدا في العراق للاشتباه بصلتهما بـ"داعش"، "نحن بحاجة إلى تقييم بأثر رجعي لجميع اللاجئين الذين تم إدخالهم من البلدان ذات المخاطر العالية". لا عجب إذن في أن الرأي العام قد تغيّر. 38 في المائة فقط من الأمريكيين يعتقدون أن الولايات المتحدة ينبغي أن تستقبل أي لاجئ سوري مسلم (56 في المائة سوف يقبلون استقبال المسيحيين السوريين). كما أن عدد الأمريكيين الذين يدعمون إرسال القوات البرية الأمريكية لمحاربة "داعش" أكبر من عدد المعارضين لذلك. الرأي الشائع يخبرنا أنه لا يرجح لأيّ من ترامب أو كروز الفوز بالترشيح. كما يقول أيضا إنه إذا نجح أيّ منهما، فلن يملكا فرصة لهزيمة هيلاري كلينتون. لكن المراقبين المخضرمين كانوا مخطئين بشأن السباق الجمهوري منذ بدايته. إليكم هذا السيناريو الآخر. شخص متحمس أو آخر سيأخذ الترشيح. ويكافحون لمماثلة هيلاري كلينتون في استطلاعات الرأي. ثم يتم قلب الانتخابات بسبب هجوم إرهابي على غرار باريس - "مفاجأة تشرين الأول (أكتوبر) المقبل المخيفة". إذا كنت تعتقد أن هذا بعيد المنال، ما عليك سوى النظر إلى الزوجين في سان برناردينو. كانت لديهما أسلحة تكفي لإنجاح عملية ذبح أكبر بكثير. يشعر اليسار بالقلق من أن الوكالات الاستخبارية تمتص بيانات كثيرة فوق الحد، الأمر الذي يهدّد الحرية. يجب أن يشعروا بقلق متساو بشأن عدم وجود القدرة والسلطة القانونية لتدقيق البيانات وربط النقاط. واليمين يشعر بالقلق من أن المسلمين في الولايات المتحدة طابور خامس. من خلال استفزاز مثل هذه المخاوف يجعلون المواطنين الملتزمين بالقانون يشعرون بعدم الترحيب وتغذية الاغتراب الذي يولّد الإرهابيين. هذا ما تريده "داعش". في أي وقت، الخوف العام هو أمر مثير للقلق. في أي عام انتخابي ينبغي علينا أن نكون حذرين للغاية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES