أخبار اقتصادية

السعودية توسع قاعدة عملائها في أوروبا بسياسات بيع مرنة للنفط

السعودية توسع قاعدة عملائها في أوروبا بسياسات بيع مرنة للنفط

هبطت أسعار النفط لأقل من 33 دولارا للبرميل أمس للمرة الأولى منذ نيسان (أبريل) 2004، حيث أثار تراجع الأسهم الصينية مخاوف المستثمرين القلقين بالفعل من وصول الإنتاج إلى مستويات مرتفعة قياسية وتنامي مخزونات ضخمة من النفط الخام والمنتجات المكررة مع انخفاض الطلب. وتراجعت أسعار النفط بنحو 70 في المائة منذ منتصف 2014 وهو ما أضر بشركات النفط والحكومات التي تعتمد على إيرادات الخام. وسمحت الصين لليوان بالهبوط، ما دفع أسواق الأسهم والعملات القليمية إلى الهبوط بشدة مع نزول اليوان في الأسواق الخارجية إلى مستوى قياسي جديد منذ بدء تداوله في عام 2010. وتحتل الصين الترتيب الثاني عالميا في استهلاك النفط بعد الولايات المتحدة، إذ تستهلك 11 في المائة من الإنتاج العالمي وتعتمد على شراء احتياجاتها من نفط دول الخليج. وهبط خام القياس العالمي مزيج برنت بما يزيد على 5 في المائة إلى 32.16 دولار للبرميل قبل أن يقلص بعض خسائره، فيما تراجع برنت 3.4 في المائة إلى 33.07 دولار. وانخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي الخفيف إلى 32.10 دولار للبرميل مسجلة أدنى مستوياتها منذ أواخر 2003 قبل أن تتعافى قليلا إلى 32.72 دولار. وقالت وكالة الطاقة الأمريكية "إن مخزونات النفط الخام في البلاد انخفضت بمقدار 5.1 مليون برميل للأسبوع المنتهي 1 كانون الثاني (يناير) إلي إجمالي 482.5 مليون برميل، وهو أدنى مستوى منذ الأسبوع المنتهي في 23 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وتوقع المختصون ارتفاع المخزونات بنحو 0.7 مليون برميل. من جانب آخر، انخفضت سلة خام أوبك أمس وسجل سعرها 29.71 دولار للبرميل مقابل 31.21 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، "إن سعر السلة التي تضم 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء هبط لأول مرة منذ سنوات دون 30 دولارا للبرميل وهو ثاني انخفاض على التوالي حيث خسرت السلة نحو دولارين منذ تعاملات آخر أيام 2015 الذى سجلت فيه السلة 31.27 دولار للبرميل". وتأثرن السوق بشكل أساسي من الأزمة الاقتصادية في الصين وتخفيض قيمة العملية الوطنية اليوان وتعثر أداء البورصة وتوقف التداول لأكثر من مرة بسبب انهيار الأسعار وهو ما أشاع أجواء شديدة القلق في السوق حول مستقبل الطلب العالمي الذى يواجه حالة تعثر كبيرة في ضوء الأزمة الصينية. واعتبر المراقبون للسوق أن التوترات في الشرق الأوسط لم تسهم في رفع الأسعار إلا على نحو محدود أعقبتها انهيارات سعرية هي الأوسع على مدى 12 عاما، كما لم ينجح انخفاض المخزونات النفطية الأمريكية في تقديم أي دعم لمستوى الأسعار الهزيل الذى يعاني تحت ضغط وفرة المعروض وضعف الطلب. ويقول لـ "الاقتصادية"، سيفين شيميل مدير شركة "في جي" اندستري الصناعية الألمانية، "إن الأزمة الاقتصادية والمالية في الصين وضعت سوق النفط في وضع حرج وعمقت الصعوبات التي تواجهها، نظرا لأن الصين أصبحت سوق الاستهلاك الرئيسية الأوحد بعد تغير السياسات النفطية الأمريكية وتحولها نحو التصدير. وأضاف شيميل أن "أزمة الصين طغت على كثير من العوامل الإيجابية التي كانت يمكن أن تدفع في اتجاه تحسن نسبي للأسعار ومنها تراجع المخزونات الأمريكية والأزمة السياسية في الشرق الأوسط"، مشيرا إلى أن المؤشرات الاقتصادية الصينية وخاصة أداء أسواق المال وسعر العملة ستظل صاحبة التأثير الأكبر والانعكاس الواسع على تطور الأسعار في سوق النفط الخام. وأوضح شيميل أن المرحلة المقبلة تتطلب سياسات بيعية مرنة للنفط وهو ما أقدمت عليه السعودية أخيرا برفع أسعار بيع النفط إلى آسيا وخفضها في أوروبا إدراكا منها لحجم المنافسة الواسعة على الأسواق الأوروبية خاصة من قبل النفط الروسي والإيراني العائد بقوة وسرعة إلى الأسواق الدولية. وأشار شيميل إلى أن النفط السعودي يتمتع بكثير من عوامل التفوق في الأسواق الآسيوية ولذا يتميز بمعدلات طلب أقوى عنه في أوروبا إلى جانب عدد من الميزات التنافسية، ولذا من الطبيعي تنوع السياسات البيعية والسعرية في التعامل مع السوقين المختلفتين. من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، الفونس كاتر الأستاذ في جامعة هامبورج لتكنولوجيا الطاقة، "إن تنامي قوة الدولار الأمريكي والمخاوف بشأن تراجع معدلات نمو الاقتصاد الدولي تؤثر بشكل سلبى واسع في سوق النفط الخام وآمال تعافيها في الأمد القريب". وأشار كاتر إلى أنه من الضروري في هذه المرحلة أن يتراجع اعتماد المنتجين على تصدير النفط الخام وأن يتم التركيز على الصناعات النفطية خاصة البتروكيماويات وفي نفس الوقت تنويع موارد الطاقة والتوسع في برامج الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة. وشدد كاتر على ضرورة إعادة هيكلة منظومة الصادرات في دول الإنتاج بحيث يتم تقليل الاعتماد على الخام إلى أدنى حد ممكن وفي نفس الوقت أيضا تطوير القطاعات الصناعية غير النفطية وذلك بالتوازي مع سياسات تحفيز الاقتصاد من خلال ترشيد الإنفاق العام وتقليل دعم الوقود وغيرها من الإجراءات الفعالة التي أقدم عليها بالفعل عديد من دول الإنتاج الرئيسية. فيما أوضح لـ "الاقتصادية"، يوها يارفنبا مدير شركة إيلينا للطاقة في فنلندا، أن السوق الأوروبية التي حققت فيها منطقة اليورو نموا جيدا في العام الماضي تشهد حاليا حالة من التنافس الشديد بين المنتجين وربما حرب أسعار بسبب الصراع على الحصص السوقية خاصة مع تراجع النفوذ الروسي نسبيا لمصلحة النفط السعودي في شرق أوروبا، وفي نفس الوقت تحاول إيران استعادة المكانة التي قد حققتها في هذه السوق قبل فرض العقوبات الاقتصادية. وأضاف يارفنبا أن "ذلك يجيء في الوقت الذي يتقلص فيه اعتماد السوق الأوروبية بشكل عام على النفط ويزداد التوسع في الاعتماد على موارد الطاقة النظيفة وزيادة نسبتها في مزيج الطاقة، ما يجعل المنافسة أصعب، لأن حجم السوق يتقلص".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية