مسؤولون: ضعف مخرجات التعليم وتدني الدخل خلف التسرب من الجامعات

مسؤولون: ضعف مخرجات التعليم وتدني الدخل خلف التسرب من الجامعات

أصبحت قضية تسرّب وانسحاب طلبة التعليم العالي من مقاعد الدراسة، الشغل الشاغل لدى الجامعات، لتحديد أسباب انتشار تلك الظاهرة التي تعد من أهم المشكلات الحياتية التي تؤرق الأسر وتهدد مستقبل أبنائهم. وأكدت لـ "الاقتصادية" جامعات سعودية أن ضعف مخرجات التعليم العام وتخوف الطالب من الفصل الأكاديمي وعدم وجود أهداف ورؤية واضحة إضافة إلى تدني الدخل لدى الأسرة تعد من أبرز أسباب تسرّب وانسحاب طلبة التعليم العالي من مقاعد الدراسة، مشددة على أن تسرب الطلاب والهدر الجامعي قضية تستحق الدراسة المتعمقة للوصول إلى حلول عملية وواقعية. وقال الدكتور الأدهم بن خليفة اللويش عميد القبول والتسجيل في جامعة حائل "إن عدة أسباب تؤدي إلى تسرّب الطلبة من الجامعات تحدث مجتمعة أو متفرقة، منها عدم وجود أهداف ورؤية واضحة عند بعض الطلبة وضعف مخرجات التعليم العام"، مشيراً إلى أن بعض الطلبة يعتمد على معدله التراكمي في الثانوية العامة، لكن أحياناً هذا المعدل ما لم تصحبه قدرات وإمكانيات داخلية، فإنه لا يستطيع استيعاب الدراسة. وأضاف أن "من أسباب تسرب الطلبة من الجامعات تدني الدخل عند الأسرة، حيث إن الطالب يفكر جديا في الانسحاب من الجامعة والتوجه إلى سوق العمل من أجل رفع المستوى المعيشي لأسرته ولا سيما إذا كان أكبر إخوته سناً إضافة إلى عدم إداركه أهمية التعليم"، لافتا إلى أن عدم استشراف الطالب المستقبل يقلل الفرص من بذل مزيد من الجهد الدراسي، وخشية أن يتعرض للإيقاف أو الفصل من الجامعة فيبادر بالانسحاب منها. وأوضح الدكتور اللويش أن الحلول تكمن في الاستفادة من برنامج السنة التحضيرية، إذ إنه رأب الصدع- كما أسماه - بين التعليم العام والجامعي، حيث إنها تهيئ الطالب للمرحلة الجامعية، إضافة إلى مقرر المهارات التي تصقل مهارات الطلبة الحياتية وإعداد برامج توعوية وإرشادية وتدريبية وعقد لقاءات تربوية وتفعيل الإرشاد الأكاديمي في الأقسام ومتابعة التقويم الأكاديمي والاهتمام به. وأبان أن التخلص من رفقاء السوء وإدراك أهمية التعليم الجامعي واستشراف المستقبل وضرورة معرفة الطلبة بالأنظمة واللوائح والتقيد بها من أهم الحلول التي يجب أن يستفيد منها الطالب، مضيفاً أن "الطلاب أكثر من الطالبات في التسرب". فيما أكد الدكتور بندر سليمان المشرف على مركز الإرشاد الجامعي في جامعة طيبة أن إجراءات القبول في جامعات المملكة تعتمد على آلية المفاضلة حسب المعدل الدراسي فقط دون الأخذ في الاعتبار الميول المهنية والقدرات الذهنية المختلفة لدى الطلاب، حيث إن ذلك يؤدي إلى قبول الطلاب في تخصصات لا تناسبهم في أغلب الأحيان، خصوصاً بعد انتهاء المقاعد المتاحة في الكليات النوعية التي يتنافس عليها عموم الطلبة "مثل التخصصات الصحية والهندسية". وقال الدكتور سليمان "يمكن حل المشكلة بالمرونة في قبول الطلبة في السنوات التحضيرية ومن ثم تخصيص موادها بعد تحديد الأهداف التعليمية المراد الوصول إليها بحيث تكون السنوات التحضيرية المؤهلة للتخصصات الصحية مختلفة عن تلك المؤهلة للتخصصات الهندسية أو التقنية ثم تتم إعادة قبول الطلاب مرةً أخرى بناءً على المخرجات التعليمية من تلك المرحلة وليس على مخرجات التعليم العام". وأضاف أن "الإرشاد الأكاديمي لطلاب المرحلة الثانوية مهم جداً لرفع الوعي الذاتي لميول الطالب وكذلك بمتطلبات سوق العمل في المجتمع السعودي حيث يساعد ذلك أصحاب المعدلات العالية من خريجي الثانوية على التوجه إلى التخصصات المختلفة التي تناسب ميولهم وقدراتهم ورغباتهم بغض النظر عن الضغوط الاجتماعية والأسرية التي تجبر الطالب على تخصصات معينة". وأبان أن الأنظار الآن تحولت إلى القطاع الخاص لإنعاش سوق العمل السعودية، لذا تجب توعية الطلبة بالفرص الوظيفية المتاحة في القطاع الخاص التي يمكنها استيعاب خريجي جميع التخصصات النظرية والعملية في الجامعة بعكس القطاع الحكومي الذي أصبح يستقبل فئات محددة من الخريجين فقط. من جهته، أضاف الدكتور عبد العزيز الفهيد عميد عمادة السنة التحضيرية في جامعة الدمام أن "مفهوم التسرب محل نقاش، فمثلاً قد يترك طالب جامعته الحالية بدون إشعار الجامعة لينتقل إلى جامعة أخرى يعتقد أنها أفضل من الأولى أو طالبة انتقلت من جامعة إلى أخرى بسبب انتقال ولي أمرها، وهذه الحالات في الحقيقة لا تعد نوعا من التسرب الذي نبحث عن أسبابه، وللأسف كثير من الجامعات يعتبر تلك الحالات تسربا حسب فلسفتها ونظرتها". وأوضح أن التسرب الذي نبحث عن حلول لمواجهته يعود إلى عدة عوامل منها الأسباب النفسية الاجتماعية، التي تتمثل في توقعات الطلاب وتصوراتهم المسبقة التي عادة ما تكون غير صحيحة عن الحياة والبيئة الجامعية الجديدة التي هم مقبلون عليها بما فيها الأنشطة والمحاضرات والمقررات وأساليب التقويم وعلاقة الطالب مع الأساتذة والمهارات المطلوبة وأنظمة ولوائح الدراسة الجامعية، حيث تجد الطالب ينصدم ويفاجأ بالواقع الذي هو في الحقيقة على خلاف ما توقعه قبل التحاقه بالجامعة، خاصة أن الطالب تعود خلال دراسته في التعليم العام على أنماط سلوكية وتعليمية واجتماعية معينة تختلف تماما عن الحياة الجامعية، وهذا بدوره يجعل بعض الطلاب غير قادرين على التأقلم والاندماج في الحياة الجامعية. وقال "إن بعض الطلاب يصابون بالإحباط ولا يستطيعون التغلب على هذه التحديات، الأمر الذي يدفعه إلى الانسحاب من الجامعة، ولذا فإن غالبية حالات التسرب عادة تكون في الفصل الدراسي الأول من السنة الأولى في الجامعة"، مشيرا إلى أن هناك أسبابا تتعلق بضعف توجيه وإرشاد الطلاب الجدد ومساعدتهم على اختيار التخصصات التي تناسب قدراتهم واحتياجاتهم ومستوى تحصيلهم العلمي وتهيئتهم لسوق العمل، حيث إن هناك غيابا شبه تام لمبادرات وبرامج ما يسمى بـ "استبقاء الطلاب" وتعزيز نجاحهم التي تعد من أهم الحلول. وطالب الدكتور الفهيد الجامعات بالعمل على توفير جميع الإمكانيات لدعم مثل هذه البرامج التي تساعد كثيراً على تقليل نسبة تعثر الطلاب، مؤكدا ضرورة أن تقوم مدارس التعليم العام هي الأخرى بالتنسيق مع الجامعات لتأهيل الطلاب وتدريبهم للاندماج في الحياة الجامعية قبل التحاقهم بالجامعة. وشدد على أن تسرب الطلاب والهدر الجامعي قضية تستحق الدراسة المتعمقة للوصول إلى حلول عملية وواقعية، لافتا النظر إلى أن هناك نسبة تسرب في جميع الجامعات المحلية والعالمية، وفي جامعة الدمام مثلا وصلت نسبة الانقطاع والانسحاب في العام الماضي نحو 3 في المائة.
إنشرها

أضف تعليق