Author

تسعيرة الخبز

|
تذكرت وأنا أضع أفكاري لهذا المقال مسلسل "صح النوم"، عندما كان غوار يسأل عن سعر السكر باعتباره المؤشر للوضع الاقتصادي في البلد. عندما لا يرخص السكر فهذا مؤداه انتشار الفقر في البلاد. والدليل أن داء السكري منتشر لدى المقتدرين وأصحاب رؤوس الأموال والإقطاعيين، الذين يتحاشون تناول كل ما فيه السكر. لكن العناصر الأهم الأخرى من قبيل الأرز والحبوب مهمة أيضا في تغذية السكان، ويتناولها الفقير والغني، ولهذا فارتفاع سعرهما لا يعني إلا ارتفاع الطلب وانحسار العرض. هذا ليس بالضرورة الحال في أغلب دول العالم، فالمادتان الأساسيتان مدعومتان، ولهذا فإن ارتفاعهما سيكون تحت رقابة المستهلك الذي سيصرخ في مسؤولي حمايته، ويطالبهم بعمل ما يأخذون أجرهم عليه. عندنا يرتفع السعر وينخفض في حرب مستمرة بين المستهلك والتاجر، لكن التاجر يلجأ في كثير من الأحيان إلى أساليب إبداعية في تعظيم مكاسبه من قوت الناس. أدل الأمثلة هو أن كثيرا من منتجات الحبوب قد تستهلك المكونات الأساسية نفسها، لكن ما يقع تحت الرقابة محكوم بسعر معين ورقابة مستمرة، وآخر يستمر سعره في التصاعد دون أن تتصرف حياله جهات الرقابة باعتباره بعيدا عن الأساس الذي تراقبه. أمثلة كثيرة في السياق يمكن أن نذكرها من قبيل خبز التوست، والكرواسان، وما تجده في المخابز الفاخرة من أنواع قد لا يجيد أغلبنا قراءة أسمائها. الاسم الفاخر الذي يترجم من لغة "الفرنجة"، يحول سعر كم الحبوب المستخدمة من حال إلى حال مختلف تماما. يضيف المخبز للواحد منها ما يعادل 10 هللات من المواد فيرتفع سعره بـ 10 ريالات. هنا يصبح الاستثمار قضية أهم، لكم أن تزوروا أيا من المخابز الفاخرة وتسألوا عن الخبز الأبيض أو الصامولي العادي الذي يقع ضمن قائمة المواد المراقبة، ستكتشفون أن المخبز باع كل ما أنتجه في كل يوم، بغض النظر عن حال السوق في اليوم الذي تبحث فيه. وما دامت هذه التجاوزات تؤدي إلى إلزام الناس بشراء المنتجات الأعلى سعرا، فنحن نطالب وزارة التجارة بأن تلزم كل مخبز بتسعيرة معقولة، وتكون هذه التسعيرة معلنة وعليها ختم الوزارة وتحت رقابة الوزارة المستمرة بما يضمن ألا يكون هناك خبز للفقراء وخبز آخر للأغنياء، فهناك من الفروق ما يكفي بين الفئتين.
إنشرها