Author

الرسوم تحيي المدينة

|
عندما تشاهد أيا من مدن المملكة من الجو، تلاحظ تلك المساحات الهائلة التي تتوسط كل حي تقريبا، وهي بعيدة المنال بالنسبة للمواطن البسيط، وخادشة لجمال المدينة, ودافعة للنمو بعيدا عن المراكز، ومؤثرة في تكلفة إيصال الخدمات. هذه الأراضي كانت عبارة عن "خزنة" لأصحابها حين كان المثل "العقار الولد البار" مسيطرا في كثير من أدبيات المجتمع السعودي. اليوم سيتحول هذا الابن إلى شبيه بغيره من الأبناء، فيحتاج إلى المصروف، ويحاول أن يغادر البيت حين تسنح له الفرصة. الأكيد أن قرار تحديد الرسوم على الأراضي الموجودة ضمن النطاق العمراني، وتطبيقه بشفافية وعدالة، سيؤدي إلى عدد من الفوائد أهمها إعادة الروح لأجزاء كبيرة من المدن، كانت عبارة عن فاصل تنموي بين الأحياء. عندما تعمر هذه الأراضي وتخترقها الشوارع وتصل إلى كل قطعة أرض فيها الخدمات ستعمر المدن وتصبح أجمل. سيكون بمقدور المواطن أن يعيش في موقع قريب من الخدمات ومكان عمله، إضافة إلى الحد من التمدد الأفقي للمدن بالشكل المنهك الذي نراه اليوم في كل المدن بلا استثناء. إيجابيات القرار لا شك عديدة، لكن هناك التزامات مهمة ستنتج من تطبيق اللائحة وتحقيق أهدافها. سيؤدي التطبيق إلى مزيد من الازدحام بسبب زيادة الحركة المرورية، وهو أمر يجب أن تتيقظ له البلديات؛ فتصميم الشوارع والمداخل والمخارج يحتاج إلى جهد يتلافى ما نشاهده في بعض الأحياء الجديدة من ضيق في الشوارع، ونقص في وسائل الحماية، وانعدام الانسيابية، خصوصا عند مواقع الخدمات والتجمعات التجارية والخدمية. يجب أن تكون خطط وزارتي التعليم والصحة جاهزة لمواجهة التغيير الديموغرافي المتوقع، فليس هناك فائدة من إنشاء أحياء ثم الانتظار سنين لإنشاء المدارس ومراكز الرعاية الصحية. قد يكون هذا الجانب من مصارف الرسوم، مادام توفير الخدمات ناتجا من تطبيقها. الكلام نفسه يسري على شركات الكهرباء والمياه والخدمات الأخرى التي يحتاج إليها كل السكان. أنا واثق بأن كل هذه الأمور درست وأصبحت ضمن الخطط المقبلة لكل القطاعات لكنها تتطلب البدء بالتنفيذ على مستوى ملائم بدلا من أن تصبح عملية عشوائية ينتج منها منشآت لا تصمد أمام أول طارئ، كل ذلك يجب أن يتم قبل أن تمر خمس سنوات من بدء تنفيذ اللائحة.
إنشرها