Author

بقاء فائض المعروض من الطاقة

|
من المرجح أن تشهد أسواق النفط العالمية فائضا في المعروض في العام المقبل، مع تباطؤ نمو الطلب من ذروة السنوات الخمس ووسط توقع عودة النفط الإيراني إلى الأسواق، على حد قول وكالة الطاقة الدولية. وبصورة عامة، يعتبر تقرير الوكالة الأخير الصادر في الأسبوع الماضي أكثر هبوطا من حيث التوقعات. حيث قامت الوكالة - التي تمثل بعض أكبر مستهلكي النفط في العالم – بخفض توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في العام المقبل بنحو 200 ألف برميل في اليوم مقارنة بتقريرها السابق الصادر في شهر أيلول (سبتمبر). وأضافت الوكالة، أن نمو الطلب العالمي على النفط في العام المقبل سوف يعود إلى مستويات الاتجاه الطويل الأجل عند 1.2 مليون برميل في اليوم، متراجعا عن 1.8 مليون برميل في اليوم التي من المتوقع أن يسجلها في هذا العام، وذلك بسبب توقعات اقتصادية أضعف لمنتجي النفط مثل البرازيل، كندا، روسيا وفنزويلا. من المتوقع أن يصل متوسط الاستهلاك العالمي للنفط إلى 95.7 مليون برميل في اليوم في العام المقبل، أي أقل بنحو 100 ألف برميل في اليوم مما كان متوقعا في تقرير الشهر الماضي. وترى الوكالة أن آفاق الطلب على النفط في عام 2016 تبدو أضعف بصورة ملحوظة، وذلك بسبب خفض توقعات الاقتصاد العالمي والتوقع بأن أسعار النفط الخام سوف لن تكرر الانخفاضات الكبيرة التي شهدتها في عام 2015. ويأتي تقرير وكالة الطاقة الدولية الأخير في وقت تشهد فيه أسواق النفط العالمية فترة من عدم اليقين وتذبذبا عاليا في الأسعار. بعد ثلاث سنوات من تجاوز متوسط أسعار النفط 100 دولار للبرميل، انهارت أسعار النفط في أواخر العام الماضي مع ارتفاع الإنتاج الأمريكي الذي أغرق الأسواق بإمدادات جديدة من النفط، وتخلي "أوبك" عن دورها التقليدي في خفض الإمدادات في أوقات اضطراب الأسواق، على أمل أن انخفاض الأسعار سوف يضعف المنتجين عالي التكلفة، ما يمكنها من الحفاظ على حصتها السوقية. وكانت النتيجة سنة متقلبة الأسعار، حيث إن أسعار خام برنت هبطت إلى ما دون 44 دولارا للبرميل وعادت وارتفعت بسرعة بعد ذلك إلى فوق 52 دولارا للبرميل – لكن مع تقلبات شديدة. وفي وقت كتابة هذا المقال، يتم تداول خام برنت بحدود 50 دولارا للبرميل. إن تقرير الوكالة الأخير ركز بصورة خاصة على محرك أساسي لأسعار النفط الذي من الصعب التكهن به بصورة دقيقة وهو الطلب على النفط. ذلك أن نمو الطلب في المستقبل غالبا ما يكون من الصعب التنبؤ به لأنه في الأغلب يعتمد على درجات الحرارة خلال أشهر الشتاء (بمعنى آخر شتاء معتدل أو قاس) وأنماط الاقتصاد خصوصا في البلدان النامية مثل الصين والهند، حيث إن البيانات ليست دائما واضحة ودقيقة. في هذا العام، كان هناك نمو استثنائي في الطلب على النفط، حيث تتوقع الوكالة أن يصل إلى 94.5 مليون برميل في اليوم، مقابل 92.7 برميل في اليوم في العام الماضي. المحرك وراء هذا النمو كان إلى حد كبير نمو الطلب في الصين والولايات المتحدة، حيث الطلب على المنتجات النفطية من المتوقع أن يرتفع بنسبة 4.9 و2.2 في المائة على التوالي – يعود الفضل في ذلك إلى انخفاض أسعار النفط ونمو اقتصادي قوي نسبيا فيهما. لكن، ارتفاع الطلب في هذا العام قد تم تعويضه من خلال إنتاج الولايات المتحدة الذي اثبت مرونة كبيرة لانخفاض الأسعار، ارتفاع إنتاج منظمة أوبك وتضخم المخزون النفطي – جميع هذه العوامل أبقت أسعار النفط منخفضة على مدار العام. بصورة عامة، تقديرات وكالة الطاقة الدولية لنمو الطلب في عام 2016 أقل تفاؤلا من توقعات منظمة أوبك، التي تتوقع نموا بمعدل 1.25 مليون برميل في اليوم. قالت "أوبك" أيضا في تقريرها الأخير الذي صدر في مطلع الأسبوع الماضي، إن انخفاض الإنتاج من الولايات المتحدة وروسيا وغيرها من المنتجين من خارج "أوبك" سوف يساعد على تحقيق التوازن في الأسواق في العام المقبل. لكن وكالة الطاقة الدولية تقول إن وفرة المعروض العالمي يمكن أن يستمر في العام المقبل أيضا من خلال استمرار ارتفاع إنتاج دول "أوبك" ووجود أكثر من 200 مليون برميل من النفط فائض تم تخزينها خلال هذه الفترة من انخفاض الأسعار. من بين دول "أوبك" المرشحة لزيادة الإنتاج إيران، التي سوف تصبح حرة في تصدر نفطها في العام المقبل إذا ما تم رفع العقوبات الغربية عنها في الموعد المحدد. في هذا الجانب، قالت الوكالة إن الإنتاج الإيراني يمكن أن يصل إلى 3.6 مليون برميل في اليوم من نحو 2.9 مليون برميل في اليوم في الوقت الحالي. وقالت الوكالة أيضا إنها لا تتوقع من دول "أوبك" – التي تضح حاليا نحو 31.7 مليون برميل في اليوم – أن تخفض إنتاجها عندما تعود إيران. وتتوقع الوكالة أن تستمر المملكة العربية السعودية والعراق في الحفاظ على مستويات إنتاجهما الحالية. وبصورة عامة، تقول الوكالة أن "أوبك" في المستقبل القريب سوف تنتج ما لا يقل عن 400 ألف برميل في اليوم أكثر مما هو الطلب على نفطها في العام المقبل. علاوة على ذلك، قالت الوكالة أن المخزونات التجارية في الدول الصناعية أدامت مكاسبها الأخيرة وارتفعت بنحو 28.8 مليون برميل في شهر آب (أغسطس) ليصل فائض المخزون في المتوسط إلى 204 ملايين برميل. خلاصة القول، تقرير الوكالة الأخير كان هبوطيا من حيث التوقعات، هذا ما أجمع عليه عديد من المحللين. ولكن توقعاتها بأن الإمدادات من خارج "أوبك" سوف تنخفض بنحو 500 ألف برميل في اليوم في عام 2016 - وهو أكبر انخفاض منذ عام 1992 تشير إلى أن الصورة للعام المقبل وما بعده أصبحت مواتية جدا لانتعاش الأسعار.
إنشرها