Author

من هم الموجهون .. من هم المؤثرون؟

|
مع كل حدث، نحاول أن نستشف الرأي العام حوله، حدث سياسي، اقتصادي، اجتماعي أو حتى أمني. وكل حدث وحيثياته له رأي عام قد يدرس بحسب طريقة التناول والعرض. فحدث قد يكون اقتصاديا غالبا، مثل مقاطعة بعض شركات الألبان الأخيرة والتي انطوت على تفاصيل مختلفة وجديدة عما كانت عليه سابقا من تناول سطحي مادي بسيط للمقاطعة. من ذلك، السبب الذي يوصف بأنه خطير هو أن صنع لترات الألبان وتصديرها يستنفد ثروتنا الوطنية من المياه. هذا من الأحداث التي تشبهها نوعا ما قضية البطالة أو قضية النفط وتداخل ذلك بين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أيضا. أما أبرز القضايا على أذهاننا كما على شريط الأخبار فهي بلا شك الأحداث الإرهابية المتكررة التي تتبناها صناعة الفكر برسائل متكررة وثابتة أيضا. تبدو السيكولوجية السياسية العربية مرتبطة بالدين في العصر الحديث أكثر من أي شيء آخر، سواء كان ذلك ارتباطا قسريا أو طواعية. وارتبطت أيضا بالدور المحوري للسلطة السياسية في تشكيل قيم المجتمع تحت شرعية الدين، حيث للدين دوره على المسرح السياسي. وهذا مبحث حيوي خطير ذو حدين لأن ذلك يكسب أي توجيهات ذات طابع ديني، حتى السلبية والخارجية أيضا، صفة القداسة. وذلك لأن الهوية العقدية تصبح أقوى من الهوية الوطنية. إذن فليس الأمر رأيا بسيطا قابلا للتبني من عدمه، بل يأخذ صفة القسرية. الرأي العام هو ردة فعل الناس تجاه حدث معين سواء كان وقتيا أم دائما. والرأي العام مرتبط بطبيعة الحال بعلوم الاتصال والإعلام والعلاقات العامة والسياسة والسيكولوجيا، وله تأثير حيوي في قضايا جدلية مختلفة محليا وإقليميا ودوليا. لمبحث الرأي العام ودراسته في المجتمع الحديث أهمية كبرى، وذلك لعدد من الأسباب، من أهمها ضرورة إحاطة الأنظمة السياسية بالرأي العام في المجتمع، ودوره في مسائل مهمة تهم مصلحة البلاد وأمنها. الرأي العام قد يكون أداة ضغط وتحشيد، له إمكانية رص الصفوف وتوجيهها وجهة معينة. وهو بذلك يفرض شراكته فرضا في وضع وتوجيه الأنظمة والسياسات والقوانين في المجتمع. وقد كان للرأي العام في عصور النهضة الإسلامية دور حيوي. وفي أوروبا شكّل الصراع بين سلطتين هما سلطة الكنيسة وسلطة النظام السياسي في العصور الوسطى، مدخلا رئيسا لظهور وتبلور الرأي العام. وللرأي العام في العصر الحديث، وبالأخص مع تطور التكنولوجيا غير المسبوق قوة كبيرة في المجتمع الدولي، لا سيما على خلفية الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها العالم الآن، مع الأخذ في الاعتبار أوضاع العالم العربي والإسلامي. الأهمية الأكبر تكمن في معرفة من هم الموجهون، ومن هم المؤثرون. حينها تتابع الإدارات السياسية التوجهات وتأخذها بعين الاعتبار في التقييم والحلول، لا سيما في شؤون أمنية حرجة، كتلك التي تتخذ الدين شعارا لأطروحاتها، وبالتالي تتنافس بشراسة مع موقع الدولة وقيمتها.
إنشرها