Author

جورج ستيني

|
من أقسى المشاعر التي قد تختبرها يوما هي أن تكون مظلوما تحرق قلبك سياط الظلم، وتعيش معاناة مريرة من أجل استعادة حقوقك المسلوبة ممن ظلمك. ومن أبشع قصص الظلم التي وقعت تفاصيلها في عصرنا الحالي، قصة الطفل “جورج ستيني” وهو صبي أسود تمت إدانته في جريمة قتل لفتاتين من العرق الأبيض في ساوث كارولينا في أمريكا، ففي عام 1944 تم العثور على جثتي فتاتين كانتا مفقودتين، لم يكن هناك أي رابط بين جورج وهاتين الضحيتين سوى الشهادة التي قام جورج بالإدلاء بها لفريق البحث حيث ذهب إليهم بنفسه قائلا لهم بكل براءة “لقد رأيت فتاتين مرميتين على الأرض واحدة منهما ما زالت على قيد الحياة، وهاتان الفتاتان كانتا قد مرتا بي وهما تستقلان دراجتين فسألتاني أين يمكننا العثور على بضعة أنواع من الزهور؟” وبعد اكتشاف الجثث تم إلقاء القبض على جورج ستيني بتهمة القتل من الدرجة الأولى، وكان هو المشتبه فيه الوحيد، من مهازل التحقيق وقتها أنه لم يتم استدعاء أي شهود للإدلاء بشهاداتهم، كما منع جورج من التواصل مع أفراد أسرته أو تعيين محام له وقد اعترف بالجريمة خوفا من تهديد رجال الشرطة له، وبعد عشر دقائق فقط من المداولات بين لجنة المحلفين الذين كانوا جميعا من البيض حكم عليه بالموت بواسطة الكرسي الكهربائي، وقد واجهتهم صعوبة كبيرة في تنفيذ حكم الإعدام لصغر جسد جورج ما اضطرهم لوضع كتاب كبير تحته. لم يكن جورج ستيني يتعدى 14عاما حين أعدم عام 1944، وبذلك يكون أصغر متهم حكم عليه بالإعدام في تاريخ القضاء الأمريكي، بعد أربع دقائق لفظ أنفاسه الأخيرة، كانت نظراته فوق الكرسي الكهربائي تحكي قصة ظلم بشعة للعنصرية حين تسكن القلوب السوداء. بعد 60 عاما من إعدامه قامت شقيقته (إيمى) بإعادة فتح ملفات القضية لتبرئة اسم شقيقها وقام ثلاثة محامين بالبحث عن ذلك من خلال مجريات وخفايا القضية، وفي عام 2005 أعلن القضاء الأمريكي براءة جورج ستيني بعد أن دفع حياته ثمنا لجريمة لم يرتكبها، وإنما كان المحرك الأساسي لها العنصرية. أصبح جورج ستيني رمزا لكل المضطهدين والمظلومين في العالم الذين يدفعون ثمنا غاليا من أجل عنصرية بغيضة أيا كان نوعها وسببها ودوافعها! وخزة يقول عمر المختار “إن الظلم يجعل من المظلوم بطلا، وأما الجريمة فلابد من أن يرتجف قلب صاحبها مهما حاول التظاهر بالكبرياء”. ــــ لذلك مهما كانت سياط الظلم تلسع قلبك الآن، فتأكد أنها ستلتف على قلب ظالمك وتحرقه! هو وعد إلهي.. فأرح نفسك!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها