FINANCIAL TIMES

ألمانيا تواجه خطر إضاعة مزايا وصول اللاجئين الجدد

ألمانيا تواجه خطر إضاعة مزايا وصول اللاجئين الجدد

ألمانيا تسعى جاهدة للتعامل مع المهاجرين. السلطات فشلت في الحفاظ على سجل دقيق بعدد المهاجرين لأن العديد منهم لم يسجل. والملايين يعبرون. ركز النقاش بين الألمان بشكل مفهوم على العواقب السياسية، خاصة فيما إذا كانت أنجيلا ميركل حكيمة في التمسك بسياسة الباب المفتوح الخاصة بها. هناك طريقة واحدة للإجابة عن هذا السؤال وهي بالنظر إلى الأثر الاقتصادي الذي يحدثه اللاجئون. أنا أفهم أن أحد الأسباب، على الرغم من أنه ليس السبب الرئيسي، لاختيار المستشارة الألمانية دعوة اللاجئين هو إصلاح ضغط وشيك من التركيبة السكانية. المسألة الفورية ليست حجم السكان الكلي، الذي هو حتى الآن مستقر نسبيا عند ما يزيد قليلا على 80 مليون نسمة. لكن المسألة الأكثر إلحاحا هي انخفاض عدد السكان الذين هم في سن العمل في ألمانيا. وهذا يؤدي إلى زيادة في نسبة الإعالة - عدد أولئك العاملين الذين يعيلون أولئك الذين لا يعملون. يقدر مكتب الإحصاء الفيدرالي أن عدد من هم في المجموعة العمرية 20 ـ 65 عاما من المتوقع أن ينخفض من 49.2 مليون في عام 2013 إلى 48.8 مليون في عام 2020. هذا على افتراض مستوى ضعيفا من الهجرة، وهو ما يعني انخفاض متوسط صافي الهجرة من نصف مليون في عام 2014 إلى أكثر من 100 ألف بقليل بحلول نهاية العقد. في سيناريو آخر بموجبه قد ينخفض صافي الهجرة إلى 200 ألف شخص، فإن عدد السكان العاملين من شأنه أن يستقر عند 49.2 مليون. ولأن العدد الهائل من اللاجئين يجعلنا نتجاوز بمسافة بعيدة هذا السيناريو الثاني، قد يستنتج المرء أن صافي الهجرة سيعمل على إصلاح المشكلة طالما هي قائمة وكبيرة بما فيه الكفاية. هذا صحيح، لكنه ينتج مشاكل جديدة. قوة اللاجئين التي لا تقاوم تلحق الضرر بالهدف الثابت للحد الأدنى المرتفع للأجور، البالغ 8.50 يورو في الساعة. المسألة لا تتعلق كثيرا بمبدأ الحد الأدنى القانوني للأجور، وهو الأمر الشائع في العالم الصناعي، بقدر ما هي أن ذلك الرقم الذي تم تحديده يعتبر مرتفعا فوق الحد، حتى دون لاجئين. وهو بالتأكيد مرتفع فوق الحد الآن. إذا لم يكن هناك حد أدنى للأجور على الإطلاق، قد يتوقع المرء أن الزيادة في عدد المهاجرين ستؤدي إلى تخفيض مستوى الحد الأدنى للأجور. وهذا من شأنه أن يكون أحد السيناريوهات حيث أزمة اللاجئين يمكن أن تتحول إلى حقل ألغام سياسي بالنسبة لميركل. وهي لن تقبل ذلك. كذلك لن يفعل شركاؤها في التحالف الاشتراكي الديمقراطي. ولأن الحد الأدنى للأجور عالق عند المستويات الحالية، فإن مستوى الأجور العام في الاقتصاد سيظل في حالة انخفاض، لكن بطريقة غير مباشرة أكثر. سيكون كثير من العمال غير المهرة بين اللاجئين عاطلين عن العمل في البداية. وقليل منهم سيكون قادرا على دخول برامج التدريب المدعومة. لذلك، المجموعة الشاملة من العمال الذين على استعداد للعمل بالحد الأدنى للأجور سترتفع كثيرا. وهذا سيضع ضغطا مستمرا على شريحة من الأجور التي هي أعلى قليلا من مستوى الحد الأدنى للأجور. وهذا سوف يصل إلى الأعلى عبر طيف الأجور. وعلى وجه الخصوص، سيعمل بسرعة على إنهاء البشرى السارة التي لدينا من كامل منطقة اليورو هذا العام. فبعد فترة طويلة من الركود، الأجور في ألمانيا بدأت ترتفع أخيرا. في النصف الثاني من هذا العام ارتفعت الأجور الحقيقية - بعد التضخم - بنسبة 2.7 في المائة مقارنة بعام 2014. ماذا يمكن أن تفعل الحكومة غير ذلك؟ قد تميل للموافقة على تقديم الدعم لأصحاب العمل الذين يوظفون اللاجئين بالحد الأدنى للأجور. مع ذلك، هذا من شأنه أن يؤدي إلى إخراج العاملين بالحد الأدنى للأجور غير المدعومين. إذا كان الهدف هو تجنب رد فعل سياسي عنيف، فلن ترغب بالسير في هذه الطريق. هناك احتمال آخر يتمثل في استيعاب اللاجئين في برامج استثمار بتمويل من القطاع العام على نطاق واسع في مجال البنية التحتية، مثلا. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى كثير من المنطق الاقتصادي بسبب انخفاض معدلات الاستثمار بشكل مزمن في ألمانيا في القطاعين العام والخاص. لكنه لن يحدث لأسباب أيديولوجية إلى حد كبير. ميركل انفتحت فيما يتعلق باللاجئين، لكن ليس لحجج اقتصادية من نظريات كينز. وهذا يتركنا أمام صدمة توريد للعاملين قديمة الطراز. بغض النظر عن السيناريو الذي تختاره، فإن الأجور ستنخفض على المدى الطويل. الآن لننظر إلى التأثير في بقية منطقة اليورو. بعد فترة توقف وجيزة في ارتفاع الأجور الحقيقية، ألمانيا تدخل فترة أخرى من تقييد الأجور. الفجوات المستمرة بين بلدان منطقة اليورو في تكاليف وحدة العمل في العقد الماضي كانت واحدة من أسباب أزمة منطقة اليورو اللاحقة. من خلال التدفق إلى ألمانيا، لكن ليس إلى بلدان أخرى في منطقة اليورو، يعمل اللاجئون بدون قصد على زيادة الاختلالات الاقتصادية الداخلية في منطقة العملة الموحدة. هناك علامات على فترة أخرى من التخفيض الحقيقي لقيمة العملة - وبالتالي إحداث تحسين في الوضع التنافسي النسبي لألمانيا. وهذا تقريبا آخر شيء تريده منطقة اليورو في الوقت الذي تعاني في سبيل تحقيق الانتعاش. هناك حل واضح للمشكلة. تعمل ألمانيا على استيعاب بعض اللاجئين وتوزعهم على برامج البنية التحتية في القطاع العام، وتشارك منطقة اليورو في بقية المهاجرين وفقا لحصص مقررة متفق عليها. في هذه الحالة سيكون أثر المهاجرين إيجابيا على الأمدين القصير والطويل. الأمر المحزن هو أن منطقة اليورو لديها تاريخ من عدم اختيار الحلول الواضحة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES