Author

أطفال «الآيباد»

|
أصبح إدراك طفل "الآيباد" في زماننا هذا يسبق عمره الحقيقي بكثير، فوسائل التواصل الاجتماعي كـ "الواتس واليوتيوب والإنستجرام" أسهمت في اتساع خبراته ومفاهيمه حتى أصبح طفل "الآيباد" يدرك بعض الأمور التي ربما لم يكن يدركها شخص مراهق قبل 30 عاما، خاصة "بعض" الأطفال الذين يتجولون بين المواقع المنافية للأخلاق في ظل غفلة الأهل وتساهلهم! أصبح من الطبيعي في وقتنا الحالي، أن نرى طفلا يمسك "الرضاعة" بيد وباليد الأخرى جهاز الآيباد، والأصابع الصغيرة تنتقل بين الصور المعروضة والمقاطع المرسلة وتتدرب على إغلاق الجهاز وفتحه ومعرفة خباياه، حتى لم يعد من الصعب على طفل في الصف الثاني الابتدائي اكتسب خبرة من جهاز "آيباد" منذ كان في الثالثة من عمره أن يعرف كيفية الدخول إلى "اليوتيوب" وغيره، حيث العالم الفسيح من المقاطع التي لا تنتهي! في ذات مساء كنت في حديقة عامة ولفت نظري مجموعة صبية أكبرهم لا يتعدى العاشرة يتحلقون حول واحد منهم ممسك في يده جهاز آيباد. أثارني الفضول أن أعرف ماذا يشاهدون فمررت من خلفهم وصُدمت مما رأيت، فقد كانوا يتابعون أغنية فنانة غربية عارية كانت في السابق تقدم مسلسلا للأطفال! ما المفاهيم والمعتقدات التي سيغرسها هذا المقطع في نفوسهم، وخاصة أن بعض الأهل "نايمين في العسل"، وأي انحراف أخلاقي سيقود سلوكياتهم حين تعتاد عقولهم مثل هذه المقاطع؟ المسألة أكبر من أن نشتري "آيباد" لأطفالنا؛ لأن ابن عمهم أو ابن خالتهم الذي في عمرهم اشترى له أهله جهازا، العالم ليس بحاجة لأن نكون نسخا مكررة من غيرنا في الإهمال والغفلة وعدم إدراك مسؤوليتنا الأخلاقية في إسناد تربية وتوجيه أطفالنا لجهاز إلكتروني لا يعترف بأخلاقيات ولا قيود ولا محاذير! ــــ في تجربة كاميرا خفية قام شاب بمواعدة فتيات وفتيان أعمارهم لا تتجاوز الـ 14 عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وأخبر الأهل بخطته التي تهدف لكشف مدى تأثير هذه الوسائل في عقول أطفالهم، معظم الأهالي قالوا إن أطفالهم لن يستجيبوا للقاء، وفي كل تجربة كان الوالدان يختبئان في السيارة ثم يصدمان حين تركب ابنتهما أو ابنهما مع هذا الغريب الذي لا يعرفونه إلا في العالم الافتراضي، كانت تجربة صادمة بمعنى الكلمة للأهل! وخزة هؤلاء الأهل عاشوا تجربة مؤلمة لكنهم استطاعوا تدارك الأمر، بفضل الله، ثم بفضل شاب نجح في إيصال رسالته إليهم قبل فوات الأوان! فهل نحتاج إلى صدمة لنصحو من الخطر المحدق بأطفال "الآيباد"؟!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها