default Author

الموت المؤجل

|
جمالها وعذوبة مياهها وموقعها فوق الجبال والمناظر الخلابة التي تحيط بها تزيدها روعة وغموضا وتخفي وراء وجهها الهادئ آلاف الغرقى! بحيرة "تاهو" أكبر بحيرة في جبال الألب في أمريكا الشمالية، تتميز بخاصية عدم طفو الجثث على سطحها فبسبب برودتها لا تتمكن البكتيريا التي تهاجم الجثث مولدة غازا يجعل الجثث تنتفخ وتطفو على السطح من العيش فيها وبذلك تبقى حبيسة القاع الذي شكل مقبرة جماعية لا يمكن الغوص في أعماقها وانتشال الجثث لوقوعها على ارتفاع 1.9 كيلو متر وعمق 501 متر، حتى عام 2011 حين تمكن غواصون مهرة من انتشال جثة "دونالد وينديكر" التي بقيت كما هي رغم مرور 16 عاما على فقدانه وغرقه وعثروا عليه مصادفة في أثناء جولتهم في الأعماق بسبب وجودها في درجة حرارة بلغت نحو درجتين مئويتين فقط. ويهاب كثيرون السباحة في مياه البحر لخوفهم من الغرق واعتقادهم أن السباحة في المسابح أو المياه العذبة أكثر أمانا، وما دروا أن المياه المالحة أكثر أمانا فاستنشاق مياه البحر يحتاج من ثماني إلى عشر دقائق ليتسبب في وفاة الشخص بسبب ارتفاع كثافة المياه المالحة التي تبطئ من عملية دخولها مجرى الدم، بينما لديك ثلاث دقائق فقط إذا غرقت في ماء عذب ليتسرب الماء سريعا للدم ويقضي عليك لتشابه تركيبتهما، لذا تجد أن 90 في المائة من حالات الغرق تحدث في المياه العذبة! حتى الطفو في المياه المالحة يصبح أسهل فبإمكنك الاستلقاء على سطح "البحر الميت" مثلا وقراءة روايتك المفضلة، ولكن حذار أن تنقلب على وجهك أو تحاول لمس القاع فستجد صعوبة في النجاة! وقد يسلبك الغرق حياتك بعد أن تظن أنك نجوت منه فيما يعرف بـ "تأجيل الغرق". في عام 2008 كان جونى جاكسون البالغ من العمر عشر سنوات يلعب في بركة سباحة في مدينة ساوث كارولينا، تحت رقابة ونظر والدته، لكنه شرب كمية من الماء فأخذ يسعل كثيرا لطرد الماء الذي شربه، وقامت والدته على الفور للاطمئنان عليه، لكنها وجدته بحال جيدة وعاد هو ووالدته إلى المنزل وأخذ حماما وخلد للنوم وبعد فترة وجيزة عادت لتطمئن عليه وصدمت عندما لاحظت زرقة شفتيه والزبد الأبيض يخرج من فمه، وهرعت به للمستشفى لكن الموت كان أسرع من سيارة الإسعاف! وقديما اعتبروا الإعدام غرقا طريقة مرموقة وغير تقليدية!، وقال مخترعو هذا القانون إن الإعدام غرقا أفضل وأكرم للنفس عن الطرق التقليدية! ولبشاعة هذه الطريقة حظرت معظم البلدان ممارستها خلال القرن الـ 17، ولكنها عادت إليها مرة أخرى، وخصوصا في حق الساحرات اللواتي كن يقيدن بالأثقال على أجسادهن وكان الموت غرقا دليل براءتهن، أما إذا نجون وظهرن على السطح فمعنى ذلك أنهن استخدمن سحرهن الأسود للنجاة، فكن كمن يستجير من الرمضاء بالنار!
إنشرها