Author

لقاء مع قاتل

|
أفسد عيدنا الماضي مقتل الشاب، مدوس العنزي، رحمه الله، غدرا على يد ابن عمه. وما زالت الأسئلة حول هذه الجريمة رغم مرور الأيام تفترسني وتقض مضجعي والملايين في هذا العالم الواسع. لقد أثبتت هذه الجريمة أن أطفالنا ومراهقينا يتعرضون لأبشع جرائم غسيل الدماغ التي نتطلع إلى أن نعرف خفاياها لنحد منها، وذلك عبر إجراء مقابلات مع مرتكبيها قبل تنفيذ حكم الشرع في حقهم. ولنبدأ في وضع الحلول الاستراتيجية للتصدي لهذه الجرائم. ولنا في التجارب العالمية أسوة، فمثلا هناك برنامج شهير اسمه (مقابلات قبل الإعدام) وباللغة الإنجليزية يطلق عليه: Interviews Before Execution وهو برنامج صيني عرض من عام 2006 إلى 2012، وكان يتيح الفرصة للمشاهدين للاستماع إلى أشخاص محكوم عليهم بالإعدام لغرض سماع قصصهم والأسباب التي دعتهم إلى ذلك. ‎وكان الغرض من البرنامج ردع المجرمين المحتملين الآخرين عن ارتكاب جرائم مماثلة؛ إذ يُبين لهم عواقب مثل هذه الأعمال. ‎ومن أهداف البرنامج الإبحار في عقول هؤلاء المجرمين ومعرفة الدوافع التي جعلتهم يقترفون مثل هذه الجرائم البشعة بشكل تفصيلي وموسع. واستفاد كثير من المؤسسات الصينية من التعرف على بعض الخيوط التي ساعدتها على تفادي كثير من الجرائم بسبب المقابلات التي كانت خلفها الصحافية دينغ يو وفريقها. ‎وتركزت المقابلات على الجرائم الوحشية التي أثارت جدلا. والجريمة التي ارتكبها سعد راضي عياش العنزي؛ في حق ابن عمه مدوس- رحمه الله- وتقبله عنده من الشهداء، لا تقل بشاعة عن تلك التي عرضها التلفزيون الصيني. ‎وعُرضت المقابلات قبل ساعات من تنفيذ الحكم وتابعها الملايين، وقد أسهمت كثيرا في نمو وعي المجتمع ووقوفه ضد التوحش والمتوحشين بسبب التعبئة التي قام بها البرنامج قبل العرض وبعده. ‎ولا يعرض التلفزيون الصيني وحده هذه البرامج الوثائقية؛ إذ تنتشر في أمريكا عديد من البرامج والأفلام التي تستنطق القتلة بحثا عن الدوافع وإشباع فضول المتلقي الذي ينهبه التفكير في أسباب الكثير من الجرائم. ‎ومن بين هذه الأعمال مقابلة مع القاتل كارول كول؛ الذي أجري معه لقاء حصري قبل إعدامه عام 1985. وكذلك تيد بوندي الذي أجريت معه مقابلة موسعة قبل إعدامه عام 1989 تحدث فيها عن جرائمه الشنيعة. نحن نحتاج إلى أن نفهم، ونطلع، ونسمع، ونحلل، ونعمل؛ لنحمي صغارنا من التوحش والمتوحشين.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها