Author

رئيس غامض

|
امتاز "أبو حميد" كما يعرفه زملاؤه بقدرته العجيبة على الحصول على الترقيات، ورضى المديرين من أول لقاء. اعتقد زملاء أبو حميد أن هذه الميزة مولودة فيه، لكنهم لم يكونوا يعرفون حجم الجهد الذي يبذله زميلهم لتحقيق نجاحاته المتكررة ومع أكثر من رئيس. أبو حميد يبذل جهده في التحقق من شخصية الرئيس حال علمه بالتغيير. يسأل عنه وعن اهتماماته، ويدرس سيرته الذاتية، ويراجع كل من عمل معه أو عاش حوله في شبابه وحتى طفولته. عندما يكوّن أبو حميد "بروفايل" كاملا عن شخصية الرئيس الجديد، يبدأ بربط نفسه به، ثم يقابل المسؤول المعين حديثا. يختار الوقت بعناية حسب الحال. يدخل أبو حميد وفي جعبته كم غير قليل من "السوالف" والمعلومات التي يرى أنها تهم المدير الجديد. ثم ينطلق نحو التحليق به في فضاء المشكلات التي يواجهها القطاع، إلا أنه لا يرتكب الخطأ الذي يتكرر مع الجميع. الخطأ هو انتقاد الزملاء العاملين في الإدارة، اكتشف هذه النقطة عندما كان في بداية عمله، وتحدث عن زميل بسلبية فكانت النتيجة أن طرده المدير من مكتبه، اكتشف بعد ساعات أن الزميل هو صديق حميم لابن الرئيس الجديد. نجح مسعى أبو حميد في إيصاله إلى مرتبة عالية، وكان كلما يؤخذ رأيه يحاول أن يستشف موقف الرئيس ثم يقرر موقفه. إلا أنه وقع أخيرا في دوامة رئيس لا يمكن التنبؤ بأسلوب عمله. المعلومات التي جمعها لم تتعد مكان دراسة الرئيس الجديد ومواقع عمله السابقة. سأل عن أسلوبه وتفكيره، فوقع في حيرة لاختلاف من عملوا معه في نظرتهم له. هو في نظر البعض فاتح عظيم ولديه من قوة الشخصية ما يمكنه من فتح ما يغلق في وجه الإدارة. آخرون رأوه سلبيا منكفئا يتلقى الصدمات ولا يرتد منها. فئة ثالثة رأته حقودا حسودا لا يريد لأحد غير نفسه الخير. انتظر أبو حميد فترة قبل أن يدخل على المدير الجديد، وكان يسأل كل من يخرج من عند المدير عن أسلوبه ورأيهم فيه، لكنهم عجزوا عن أن يتفقوا في وصفه. دخل أخيرا أبو حميد على الرئيس وبدأ بسؤاله عن سر الغموض الذي يكتنف شخصيته، فرد الرئيس بكل بساطة أنا أدرس كل رئيس يرأسني وأتبنى أسلوبه.
إنشرها