Author

زيارة الملك سلمان لواشنطن .. وضمان أمن المنطقة

|
تنتظر المنطقة والعالم زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى واشنطن. فهي تاريخية من كل الجوانب. بعضها يرتبط بعلاقات غير عادية بين المملكة والولايات المتحدة، وبعضها الآخر ملتصق بالتطورات المتلاحقة والخطيرة على الساحة في الشرق الأوسط، فضلا عن أنها الأولى لخادم الحرمين الشريفين منذ تولي مقاليد الحكم في البلاد. وإذا كانت الزيارات لقادة بلدان محورية تشكل أهمية كبيرة في أوقات الاستقرار والهدوء، فإنها تمثل أهمية أكبر في زمن متغيرات وتطورات، أقل ما يقال عنها، إنها خطيرة، بل مفصلية، خصوصا في ظل فوضى سياسية دولية تسود العالم منذ سنوات، مع غياب قرار دولي حازم وصارم حيال عديد من القضايا المتفاعلة، وبظهور عوامل تستدعي التحرك على مستوى القمة. فالفوضى الراهنة التي أسهمت فيها بصورة شبه وحيدة الولايات المتحدة، لن تتوقف وحدها. يجمع الكثير في كل من المملكة والولايات المتحدة علىأن التباين في المواقف السياسية أو في فهم المتغيرات وارد حتى داخل الإدارة الواحدة، فكيف الحال بحكومتين. وقد ظهر بوضوح في السنوات القليلة الماضية، عدم رضا حتى أولئك الذين عملوا بإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على سياسات الأخيرة حيال عديد من القضايا، ولا سيما تلك التي تخص المنطقة. وقدم هؤلاء رؤاهم علانية، من خلال الأحاديث المنشورة أو مذكراتهم الموثقة. فالخلافات واردة، ولكنها تتحول إلى خطيرة، إذا ما ظلت القضايا محل الخلافات عالقة دون تصويب، أو تحول في المواقف، خصوصاً عندما تكون النتائج أكثر وضوحاً من الخلافات نفسها. ليس هناك أفضل من الحوار المباشر، ولا سيما عندما يكون بين طرفين صاحبي قرارات مؤثرة وفاعلة. والزيارة التي يقوم بها الملك سلمان للولايات المتحدة تتضمن ملفات عديدة. فإضافة إلى العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية المختلفة، هناك ملفات اليمن وسورية والعراق والاتفاق النووي مع إيران الذي لا يزال ينظر إليه حتى من قبل المؤسسات الدستورية الأمريكية بعين الشك والريبة. والموقف السعودي واضح ومعروف ومعلن حيال كل القضايا المطروحة. وإدارة أوباما تعلم تماماً، أهمية هذا الموقف، ليس فقط لمحورية المملكة إقليمياً ودولياً، بل أيضاً لرؤيتها الشاملة للحلول، وأدوات العلاج المطلوبة. وهذه الرؤية تستند في الأساس إلى مصلحة شعوب المنطقة، ووقف المؤثرات الخطيرة جداً الآتية من أطراف خارجية، ولا سيما إيران، التي تتحرك لتحقيق أهداف لا مصلحة لأي من شعوب المنطقة فيها. إنها باختصار زيارة يهدف من خلالها خادم الحرمين الشريفين إلى ضمان تحولات إقليمية بأقل أضرار ممكنة، خصوصاً بعد أن تسببت السياسات الدولية المنفلتة، في تفاقم الأزمة تلو الأخرى. إنها زيارة لا ترسم معالم جديدة للمنطقة، بل تضمن معالمها الحقيقية، وتصون قضاياها المحقة، خصوصاً عندما تكون الخطوط التي وضعتها السعودية غير قابلة لا للتجاوز ولا للنيل منها. بات على الكبار في هذا العالم أن يتحركوا من أجل ضمان سلم دائم عادل، ولوقف الظلم الكائن هنا وهناك. وهذا أحد أهداف الملك سلمان قبل الزيارة وخلالها وبعدها. وهذه مسؤولية ألزمت المملكة نفسها بها منذ قيامها دولة محورية مؤثرة ونافذة. ستكون زيارة الملك سلمان للولايات المتحدة نقطة تحول ليس في مواقف المملكة (السعودية لا تغير مواقفها)، بل في طبيعة السياسات الخارجية التي تستهدف المنطقة ككل. ولهذا السبب، فإن كل الأطراف تنتظرها وتنتظر نتائجها. والزيارة ستؤكد مجددا أهمية العلاقة بين الرياض وواشنطن، ليس من الناحية الثنائية فحسب، بل من الجهتين الإقليمية والدولية أيضا.
إنشرها