Author

إنهم يضربون السياح

|
كان أمرا مضحكا أن يتداعى أتراك، بعضهم كان يكتب هنا، لنفي حادثة الاعتداء الأليمة التي تعرضت لها أسرة سعودية، من قبل موظف جوازات تركي. واكتمل المشهد الكوميدي، بمسارعة آخرين من المملكة لتقديم شهادات حسن سير وسلوك وإشادة بالمعاملة الحسنة، ولم يبق سوى أن نعيد مع الأسرة التي تعرضت للضرب والركل والتقييد رواية المشهد باستدعاء جانب من الإرث السينمائي المصري، ولكن على لسان الضابط التركي "أصله ضربني بخده على إيدي يا بيه". ما زال جلد الذات يتملك البعض في مجتمعنا، فيتحولون إلى كائنات مفترسة، تتلاعب بحكايات وأوجاع الناس، توجه لهم الإدانات، وتلتمس ألف عذر للغريب. هذه التركيبة الشاذة عند البعض، تتم تغذيتها بأفعال، يمكن وصفها بالسماجة وقلة الحياء. فعندما يتعرض إنسان للضرب، فالأمر مرفوض، وهو يصبح أشد عندما تتوجه الضربات والصفعات لأسرة قررت في لحظة خاطئة السياحة مع أطفالها في تركيا. موقف سفارتنا في تركيا كان جميلا، وما زلنا ننتظر تفسيرا ينأى بالمسألة عن السلوك العنصري الذي له شواهد كثيرة في سلوكيات إعلامية وذهنية طاغية. كون الأسرة أخطأت في اختيار المسار، ولم تفهم لغة مسؤول الجوازات المتعجرف لا يمكن أن يكون مبررا للاعتداء. لقد انتهى الاستعمار العثماني في العالم العربي منذ زمن طويل، ورغم أن هذا المصطلح يؤلم بعض المتحذلقين من تجار فكرة الخلافة، إلا أن هذا لا يمنعنا من إدانة الصلف التركي الذي بقي يتسلل تارة من هنا وتارة من هناك. الحلم التركي له أجراء، كما أن حلم أبي جهل البغدادي له أجراء ومتعاطفون أيضا. ولا يمكن تجاهل أحلام الصفويين الإيرانيين ومن سار على نهجهم. بعض الصلف الذي ننتقده لدى هؤلاء وأولئك ومن سار على دربهم، مريض جدا، وهو يظهر أحيانا في تصرف فردي، يستقوي من خلاله موظف في الجوازات على أسرة كان الأولى استقبالها بمنتهى التهذيب، فهي مثل أسر كثيرة، خدعتهم المسلسلات التركية الموبوءة، فتصوروا أن الكلام الناعم الذي تردده هذه المسلسلات، سيجدون مثله على أرض الواقع. نصيحة: لا تقبل السفر إلى بلد يهين السياح، سواء كان هذا البلد عربيا أو أعجميا. ولا تحترم من يتصدى للدفاع والتبرير لمثل هذه الإهانات.
إنشرها