Author

تنمية القطاع الخاص بالإعفاءات الجمركية

|
لم تزل حكومة خادم الحرمين الشريفين تمضي قدما في دعم القطاع الخاص من أجل أن يقوم بدوره الصحيح في بناء ونهضة هذه الأمة، لقد مرت على المملكة دورات اقتصادية عديدة، وفي كل مرة كان على الحكومة وحدها أن تتحمل تبعات الاقتصاد وأن تلعب دور المحرك الرئيس له، وأن تجعل من متطلبات التنمية والبنية الأساسية فرصة مواتية لضخ النقد في شرايين الاقتصاد، وكل ذلك من أجل أن يأتي يوم ينضج فيه القطاع الخاص ويشب عن الطوق ليبدأ دوره الحقيقي في بناء الأمة وازدهارها ويتحمل تبعات الدورات الاقتصادية ويتحمل مشاق الزيادة المطردة في النمو السكاني لبلد مترامي الأطراف. وفي هذا المسار أنفقت المملكة خلال السنوات الماضية ما يزيد على 400 مليار دولار في المشاريع الداخلية واستخدمت عدة وسائل من أجل دعم القطاع الخاص وتنمية التجارة الدولية، ومع ذلك فلا يزال الميزان التجاري غير النفطي يعاني خللا واضحا، فوفقا لبيانات أوردتها "الاقتصادية" عن مصلحة الجمارك العامة تبين أن قيمة واردات المملكة من السلع خلال العام المالي 2014 بلغت 652 مليار ريال بزيادة 3 في المائة عن عام 2013، حيث كانت قيمتها 630.9 مليار ريال، بينما بلغت صادراتها من السلع غير النفطية 190 مليار ريال، بارتفاع بنسبة 8 في المائة، عن عام 2013. وهذا الارتفاع يشير بلا شك إلى نجاح السياسات الاقتصادية المتبعة الآن. وتبقى الإعفاءات الجمركية من بين أهم الوسائل التي تستخدمها المملكة من أجل دعم القطاع الخاص وتنمية التجارة البينية مع دول الخليج وأيضا من أجل تهدئة الأسعار في السوق المحلية، فالرسوم الجمركية المعفاة بجميع أنواعها خلال عام 2014، قد بلغت 7.3 مليار ريال، لكن إذا تفحصنا هذا الرقم بدقة أكبر وجدنا أن الجزء كبير منه (35 في المائة) ذهبت كإعفاءات للصناعة الوطنية، وهذا معناه أن ما يتم استيراده من أجل المصانع السعودية أو مدخلات هذه المصانع قد تم إعفاؤه من الضرائب. هذا دعم كبير جدا وسلوك اقتصادي رشيد من أجل دعم الصناعة المحلية، بل إن هذا الإعفاء يمتد إلى منتجات المصانع الخليجية، التي فازت بإعفاءات بقيمة 1.6 مليار ريال (21 في المائة)، أي أن الصناعة المحلية والخليجية فازت بإعفاءات بلغت 5.1 مليار ريال. ليس هذا فحسب بل إن المملكة، سددها الله لكل خير، تتحمل الرسوم الجمركية لبعض السلع وذلك لظروف تمر بها هذه السوق أو الاقتصاد ومن ذلك تحمل الدولة رسوم اللحوم والحبوب والآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية بما يزيد على ملياري ريال، وهناك أكثر من 30 سلعة أخرى تم إعفاؤها أو تخفيض رسومها، وهذا بخلاف ما تم إعفاؤه نتيجة اتفاقيات ثنائية بين المملكة ودول مصدرة مختلفة. كل هذا يشير بكل جلاء إلى ما تبذله المملكة من أجل دعم التجارة الداخلية، ودعم الصناعة المحلية والخليجية، ولا بد من أن ينعكس هذا على شكل الاقتصاد السعودي من حيث إسهام القطاع الخاص في النمو الاقتصادي وفي إسهام الجادة في تشغيل العمال السعوديين، ولن ينجح ذلك ما لم يبذل القطاع الخاص جهودا أكبر من أجل النجاح في إيجاد صناعة محلية قوية قادرة على تحقيق اكتفاء ذاتي والمنافسة في الأسواق العالمية. فالإعفاءات الضريبية بأنواعها تهدف أساسا إلى تخفيض تكلفة الإنتاج، ما يساعد القطاع الخاص في إنتاج منتجات بجودة أعلى وبسعر منافس، ليس الهدف من الإعفاءات الجمركية نقل الثروة إلى فئة التجار وأصحاب الثروات على حساب الاقتصاد والبنية الاقتصادية. ولذلك يجب أن يعي القطاع الخاص دوره ودور هذه الإعفاءات وأن عدم قيامه بما يجب عليه سوف يؤدي حتما إلى أن تراجع الحكومة سياساتها الضريبية وهذه الخطوة هي آخر ما يتمناه القطاع الخاص والمواطنين من بعده.
إنشرها